ملاحظات عابرة من مطار القاهرة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:24 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ملاحظات عابرة من مطار القاهرة

نشر فى : السبت 26 يوليه 2014 - 8:50 ص | آخر تحديث : السبت 26 يوليه 2014 - 8:50 ص

فى العاشرة والنصف من مساء يوم السبت الماضى سافرت من مطار القاهرة إلى دبى لمدة يوم واحد.

أمين الشرطة المكلف بفحص جوازات السفر في أول نقطة دخول عند جهاز فحص الامتعة «الاسكنار» ، استقبلنى ببشاشة منقطعة النظير راسما على وجهة ابتسامة عريضة عنوانها الوحيد «اين التفتيش»؟!.

رددت الابتسامة بأعرض منها وتجاهلت الطلب، فعاد ليقول بلغة أكثر حسما: «كل عام وانت بخير يا بيه» . من طريقة كلامه وابتسامته التى صارت لزجة فإن الأمين كان على استعداد ألا يفتشنى من أجل الظفر بالمعلوم.

مررت ولم أعطه شيئا، ثم عدت لآخذ التروللى، فلم ييأس الرجل وسمح لى بإدخال التروللى، فربما أغير رأيى.

لم أدفع شيئا وتركته من دون شعور عدائى ضده، لانه شخص داخل ما يشبه المنظومة العامة.

سيقول البعض ــ خصوصا من داخل المطار ــ انه حالة فردية لا تمثل ظاهرة عامة.

وردى على أى شخص يقول ذلك هو أنت كاذب، وكلنا يعرف ان هذا السرطان المخيف ينتشر فى جسد الدولة المصرية منذ عشرات السنين لدرجة أنه صار هو الأصل، وصار الموظف الأمين الذى يؤدى عمله فقط هو الاستثناء .

على حد علمى فنحن البلد الوحيد فى العالم تقريبا الذى يضغط فيه الموظفون على المواطنين للحصول على أموال مقابل تأدية خدمات يتلقون مقابلا لها بالفعل هو مرتباتهم.

نحن البلد الوحيد تقريبا الذى يدفع مواطنوه أموالا لكى يدخلوا دورة مياه عامة او دورة مياة فندق، واخترعنا شيئا عجيبا هو أن موظف تنظيف الحمام يمسك بالمناديل فى يده لكى يعطيك المنديل فتعطيه المعلوم.

سيسأل البعض: وما هو الجديد فيما حدث بمطار القاهرة وسوف يجيب هؤلاء بقولهم ان هذا سلوك يتكرر منذ سنوات، بصورة منتظمة لدرجة انه صار الأصل وغيره الاستثناء.

أولا من قبيل التكرار القول انه ليس كل الموظفين والعاملين فى المطار من عينة أمين الشرطة وعامل الحمام، لكن المشكلة ان هذه النماذج صارت هى الغالبة والمسيطرة.

الجديد الذى نحذر منه هو انه مع زيادة خطر استهداف الإرهابيين للمؤسسات الحيوية، فإنه ليس مستبعدا ان يلجأوا إلى مثل هذه النماذج المريضة لزرع قنبلة أو إدخال أى أشياء ممنوعة.

الموظف الذى يتغاضى عن تطبيق القانون من أجل عشرة أو عشرين أو خمسين جنيها، يمكن بسهولة أن يمرر أى شىء إذا كان المقابل أكثر.

تخيلوا هذا الموظف أو أمين الشرطة الباحث عن البقشيش أو الحلاوة بأى ثمن نقدى يكون هو الثغرة التى ينفذ منها الإرهابيون لارتكاب أى عمل إجرامى بالمطار.

اعلم ان وزارة الداخلية بدأت مؤخرا في اجراء تفتيش مفاجئ على المطار لسد الثغرات، لكن الاهم من الثغرات الامنية هو الثغرات البشرية.

والسؤال: هل يمكن ان تبدأ سلطات المطار وكافة المنافذ الحدودية من الآن فى تعديل ذهنية وسلوك الموظفين الباحثين عن البقشيش بأى طريقة، وهل يمكن عمل دورات فى السلامة الأمنية واليقظة والاستعداد لكل الموظفين، هل يمكن أن يصل إلى هؤلاء العاملين إحساس بأن البلد فى أزمة وأنه يواجه خطر الإرهاب وبالتالى عليهم الانتباه؟!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي