متى تتحرك الحكومة فى أزمة الدولار؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 9:42 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

متى تتحرك الحكومة فى أزمة الدولار؟

نشر فى : الثلاثاء 26 يوليه 2016 - 9:20 م | آخر تحديث : الثلاثاء 26 يوليه 2016 - 9:20 م
أعتقد أنه آن الأوان كى تتحرك الحكومة والرئاسة وكل الجهات والمؤسسات ذات الصلة لتخبر الشعب بحقيقة ما يحدث فى الخفاء بين الدولار الأمريكى والجنيه المصرى.

فى 14 مارس الماضى اتخذ البنك المركزى المصرى قرارا مفاجئا برفع سعر صرف الدولار أمام الجنيه ١١٢ قرشا دفعة واحدة ليصل إلى ٨٨٨ قرشا. وقتها ظن كثيرون أن هذه الخطوة غير المسبوقة هى آخر المطاف وستجعل سعر الدولار يستقر لفترة طويلة، لكن ذلك لم يحدث، وفى الأسبوع الأخير فقط ظل الدولار يقفز قفزات غريبة ومريبة، ليصل إلى ١٣ جنيها تقريبا.

الدولار وجنونه أمام الجنيه صار حديث الجميع، وغطى على قصص وأخبار وأحداث مهمة جدا مثل الثانوية العامة بتسريباتها ونتيجتها، والقمة العربية فى نواكشوط وخيبة الأمل فيها وعمليات ارهابية تضرب معظم بلدان العالم.

المسألة باختصار أن راتب الموظف والعامل انخفض فعليا بنسبة انخفاض الجنيه أمام الدولار، التى زادت عن 70%، والعكس صحيح لكل من كان يحوز الدولار قبل ارتفاعه، فقد تضاعفت ثروته بنفس النسبة بين يوم وليلة.

ليس ذلك فقط بل من سوء حظ الحكومة والمواطنين فإن هذا الانهيار فى سعر الجنيه يصاحبه اضطرار الحكومة المصرية إلى اتخاذ ما تصفه بأنه حزمة من القرارات الصعبة أو المؤلمة أو الموجعة، ويتضمن زيادات فى أسعار معظم منتجات الطاقة، وكذلك بعض الخدمات، إضافة إلى قرب إقرار مجلس النواب لقانون ضريبة القيمة المضافة.

من وجهة نظر خبراء الاقتصاد فإنه لا مفر عن اتخاذ هذه القرارات، إذا كنا نريد حل هذه المشكلة، ومن وجهة نظر المواطنين محدودى ومتوسطى الدخل، فإنهم هم الذين يدفعون الثمن فى كل مرة تفكر فيها الحكومة أن تتقشف.
الان ما هو المطلوب من الحكومة فى هذا الوقت الصعب؟!

سألت هذا السؤال لخبير مرموق، فقال لى إن على الحكومة أن تبدأ فورا ومن دون إبطاء فى تحرير جزئى لسعر صرف الدولار، وأن يتم ذلك فى ظل حزمة إجراءات أساسية وأهمها خفض عجز الموازنة، وتشجيع الصادرات بعد خفض قيمة العملة المحلية، مع رفع سعر الفائدة لجذب الاستثمارات الأجنبية فى سندات الخزانة والبورصة، وكذلك بيع بعض الأصول للحصول على العملة الصعبة.

هذا الخبير يقول إن هذه الإجراءات ليس اختراعا للعجلة بل هى معروفة للجميع من المسئولين والخبراء ورجال الأعمال، لكن المهم كيفية تطبيقها.

وهو يرى ضرورة الاتفاق مع صندوق النقد الدولى للحصول على شهادة الثقة فى الاقتصاد، لأنه من دون هذه الشهادة لن يأتى مستثمر جاد ودائم لمصر، وبالتالى لابد من الالتزام بالشروط التى يفرضها الصندوق، وأن نكون مدركين لتكلفة الاتفاق مع هذه المؤسسة الدولية.

قلت لهذا الخبير ورجل الأعمال فى نفس الوقت إن هذه الوصفة تم تجريبها مرارا فى مناطق كثيرة بالعالم وكانت قاتلة للفقراء.

فرد بسرعة: إطلاقا لا أقصد ذلك، لأنه لابد من وصول شبكة حماية اجتماعية حقيقية للفقراء ومحدوى الدخل بحيث يحصلون فعلا على دعم نقدى مستمر يراعى مستويات التضخم، وفى نفس الوقت وقف الهدر المستمر للدعم على كل من لا يستحقه.

يرى هذا الخبير ضرورة أن يكون هناك إدراك كامل من الحكومة للأزمة الراهنة، ثم رؤية حقيقية للتحرك الفورى فى حلها.

هل القضية تتمثل فقط فى محافظ البنك المركزى طارق عامر والاتهامات التى توجه إليه يوميا بأنه يتحمل جانبا أساسيا بتصريحاته المتضاربة عن سعر الدولار؟

المؤكد أن الرجل يتحمل قسطا كبيرا من المسئولية، لكن الأمانة تقتضى أنه ليس السبب الرئيسى أو الوحيد للأزمة، مثلما أن مانشيتات الصحف والمواقع الأخبارية ليست سبب الأزمة كما يعتقد البعض واهما.

جوهر الأزمة هو عدم وجود الدولار والعجز المتنامى للموازنة وانخفاض عائدات النقد الأجنبى من السياحة وتحويلات المصريين وغياب الاستثمار المباشر وتراجع التصدير.

من دون علاج حقيقى لهذا الخلل الجوهرى، فإن الأزمة سوف تستمر وربما تتفاقم للأسف حتى لو تم تغيير محافظ البنك المركزى كل شهر.

مرة أخرى على الحكومة أن تتحرك بسرعة قبل أن تتفاجأ بمستويات قياسية جديدة لسعر الدولار تقود إلى عواقب وخيمة لا يعلمها إلا الله.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي