حل جذرى لعدم مساواة الدخل العالمى.. اجعلوا الولايات المتحدة أقرب شبهًا ببعض دول الخليج - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حل جذرى لعدم مساواة الدخل العالمى.. اجعلوا الولايات المتحدة أقرب شبهًا ببعض دول الخليج

نشر فى : الأربعاء 26 نوفمبر 2014 - 9:15 ص | آخر تحديث : الأربعاء 26 نوفمبر 2014 - 9:15 ص

نشرت مجلة ذا نيو ريبابليك الأمريكية مقالا لإيريك بوزنر، الأستاذ بمدرسة الحقوق جامعة شيكاغو، وجلين ويل، الباحث بأبحاث ميكروسوفت بنيو إنجلاند وأستاذ الاقتصاد والقانون المساعد بجامعة شيكاغو، عن عدم المساواة فى الدخل العالمى. استهل الكاتبان المقال بالإشارة إلى تصريح رئيس بنك الاحتياط الفيدرالى «جانيت يلين» التى أثارت تبرم بعض المحافظين بقولها: «يشغلنى مدى عدم المساواة فى الولايات المتحدة وزيادته المستمرة بشكل كبير.. أظن أنه من المناسب أن نسأل عما إذا كان هذا الاتجاه يتوافق أم لا مع القيم المتأصلة فى تاريخ الدولة، ومن بينها القيم العليا التى جرت العادة أن يضعها الأمريكيون على تكافؤ الفرص». وهى ليست وحدها فيما تخاف منه. فمنذ حركة «احتلوا وول ستريت» على الأقل، وعدم المساواة فى الدخل تعد واحدة من القضايا التى تحظى بأكبر قدر من النقاش فى السياسة الأمريكية. ويشعر المعلقون بالقلق من أن يضر عدم المساواة المتزايد الفقراء ويجعل الكلمة العليا فى السياسة للأغنياء، كما أنه سوف يخلق نظاما طائفيا فى الولايات المتحدة. وتتراوح الحلول المقترحة بين العملية والضعيفة، مثل زيادة الحد الأدنى للأجور، والخيالية مثل ضريبة الثروة التى اقترحها توماس بيكيتى.

لكن الأشد قوة للحد من عدم المساواة فى أنحاء العالم والتى تمضى غير معترف بها بشكل كبير من الغرب، على الرغم من ثبوت قيمتها فى دول الخليج، وهى قوانين الهجرة المفتوحة والمقترنة بنظام الطوائف والطبقات.

•••

يوضح الكاتبان أن عدم المساواة بين البلدين مشكلة أشد حدة منها داخل البلد الواحد. فمتوسط دخل الأسرة فى الولايات المتحدة حوالى 50 ألف دولار فى العام، ويتراوح دخل من فى القمة بين 300 ألف دولار و400 ألف دولار. ومع ذلك فالفقراء فى الولايات المتحدة أغنى بكثير مقارنةً بالفقراء فى معظم البلدان الأخرى. فالخمسة بالمائة الأكثر فقرا فى الولايات المتحدة يكسبون ما بين 3 آلاف و4 آلاف دولار فى العام. ويفوق هذا ما يكسبه الفرد من بين 60 بالمائة من سكان العالم. ففى أنحاء العالم يعيش أكثر من مليار شخص على دولار واحد فى اليوم.

مقاربة الغرب الرئيسية للعدالة الدولية تتم من خلال التزامه بحقوق الإنسان. فقد أقرت البلدان الغربية معاهدات حقوق الإنسان وأنشأت المؤسسات الدولية كمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بغرض خلق إطار قانونى لإجبار حكومات كل البلاد على احترام حقوق مواطنيها. لكن هذا النظام فشل فى وقف اتساع عدم المساواة داخل البلدان. وقد جاء أكبر إسهام فى رفاهية البشر فى العقود الأخيرة من الصين، حيث صممت حكومتها السلطوية نموا اقتصاديا ضخما من أجل شعبها الفقير، ومن البلدان السلطوية فى الخليج الفارسى.

•••

كما يرى الكاتبان أن دول مجلس التعاون الخليجى (الكويت، عمان، قطر، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة)، دول إسلامية سلطوية تقوم على بحيرات من النفط، وهى كذلك من بين البلدان الأكثر عدم مساواة فى العالم. فحوالى 85 بالمائة من سكان الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، عبارة عن عمال مهاجرين يعيشون بحوالى 5 آلاف دولار فى العام. و15 بالمائة مواطنون إماراتيون يعيشون بحوال ثلاثمائة ألف دولار فى العام. لكن هؤلاء العمال المهاجرون يكسبون فى دول مجلس التعاون أكثر بكثير مما يكسبونه فى بنجلاديش أو الهند، وهو حوالى ألف دولار فى العام. ومن خلال الترحيب بالعمال المهاجرين تفعل الإمارات وجاراتها أكثر مما يفعله أى بلد غنى آخر، للحد من عدم المساواة العالمية. ومن خلال الهجرة، يساوى إسهام قطر للحد من عدم المساواة العالمية تقريبا ثلاثة أضعاف ما يمكن تحقيقه بالقضاء على عدم المساواة فى الولايات المتحدة. وإذا أخذنا فى الاعتبار تحويل الأموال، فى الإمارات على سبيل المثال يرسل العمال المهاجرون إلى ذويهم أكثر من 75 بالمائة من رواتبهم، يكون إذا الحد من عدم المساواة أكبر.

إن زيادة دخل الشخص الفقير بمقدار خمسة أضعاف هو على وجه الدقة ما سيسمح له بالحصول على المنافع الأساسية كالتعليم والصحة، التى هى الوعود الجوفاء لمعاهدات حقوق الإنسان. ولا يعنى هذا أن العمال المهاجرين فى دول مجلس التعاون يحصلون على ذلك بسهولة. فهؤلاء الذين يعملون فى قطر، على سبيل المثال، لا يتمتعون بحقوق المواطنين القطريين المحدودة. ولن ترحب قطر بالكثير من العمال المهاجرين إذا كان يتعين عليها إعطاءهم حقوقا سياسية ومدنية سخية.

•••

ويشير كلاهما إلى أن دول منظمة التعاون الاقتصادية والتنمية الغنية، بها عدم مساواة منخفض نسبيا داخل حدودها، غير أن مساعداتها الخارجية تسهم بشكل قليل جدا لتقليل عدم المساواة العالمية. وإذا اتبعت هذه الدول سياسات الهجرة الخاصة بدول مجلس التعاون سوف تقلل عدم المساواة العالمية بشكل أكبر بكثير من أنظمة الرفاه داخل حدودها. وإذا فعلت ما فعلته قطر فسوف تقلل عدم المساواة العالمية بضعف القدر الذى يقضى على كل عدم المساواة الداخلى فى بلدان المنظمة. وضعف المعدل الذى تقلل به الضرائب والتحويلات فى تلك البلدان عدم المساواة الداخلى. وإذا تبنت معدل الفرد نفسه الذى تأخذ به الإمارات للمهاجرين، فقد تحقق ما هو أكثر بكثير. وبإدخال الستين بالمائة من سكان العالم الذين يكسبون أقل من الخمسة بالمائة فى الولايات المتحدة ودفع 5 آلاف دولار فى العام لهم، سوف تقلل أوروبا عدم المساواة العالمية بمقدار الثلث تقريبا.

ويتوقع الكاتبان أن المثاليين قد يقولون إن المساعدات الخارجية الواسعة طريقة مجدية سياسيا لتقليل عدم المساواة، أو أن البلدان الغنية يمكن إقناعها بالفعل بالترحيب بالمهاجرين الأكثر فقرا وبالمساواة السياسية الكاملة. ونأمل أن يكونوا على حق، ذلك أن هناك الكثير من الجوانب القاسية والمتقلبة تبعا للأهواء فى أنظمة مجلس التعاون، ومنها السماح لأصحاب الأعمال بالاحتفاظ بجواز سفر العمال، الأمر الذى يمكنهم من منع العمال من مغادرة البلاد. لكن الجوانب غير الجذابة الكثيرة من النظام- حقوق المهاجرين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المحدودة، وعزلهم عن المواطنين، ونظام تنفيذ القانون السلطوى- تبدو ضرورية للحفاظ على الدعم السياسى لسياسات الهجرة التى تساعد على تقليل عدم المساواة العالمى.

•••

وفى نهاية المقال يؤكد بوزنر وويل أنه لابد أن يفكر مفكرو منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية وقادتها بتروٍ، وبطريقة واقعية من الناحية السياسية، بشأن كيفية التوفيق بين التزاماتهم بحقوق الإنسان وأجندة الحد من عدم المساواة. وعلى الرغم من أن نموذج مجلس التعاون لدول الخليج العربى الخاص بقبول المهاجرين على أساس الخضوع اقتصاديا وسياسيا ليس إنسانيا فى مظهره، فقد أثبت أنه إنسانى فى التطبيق. ولو جرى تبنى هذا النموذج فى البلدان الغنية لكان عدم المساواة - السياسى والاقتصادى- سيزيد حينذاك زيادة هائلة داخل مجتمعاتنا. وكان سيقضى على جزء من الطابع الليبرالى الذى نقدره جميعا، ومن المؤكد أنه كان سيجعلنا جميعا أكثر انزعاجا من عدم المساواة مما نحن عليه الآن. لكن الفوائد لأفقر أهل الأرض كانت ستصبح هائلة.

التعليقات