الإسلام كما أدين به.. 1ــ تعريف عام - جمال قطب - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 5:02 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإسلام كما أدين به.. 1ــ تعريف عام

نشر فى : الخميس 26 نوفمبر 2015 - 11:00 م | آخر تحديث : الخميس 26 نوفمبر 2015 - 11:00 م
الإسلام الذى أدين به، والتصديق به مفتخرا غير متزيد على أحد، ولا منتقصا من عقائد غيرى. ولولا انتشار أوبئة عقلية ونفسية – فى هذه الحقيقة – لما احتجت أن أكتب ما أكتبه الآن.

فالإسلام – كما أعتقد – هو الإطار العام المنزل من السماء إلى الأرض، ومن رب العالمين إلى جميع البشر، فالإسلام الذى أعتقده ليس كما يظن المتسرع أنه الوحى القرآنى الخاتم بل الإسلام الذى قال الله عنه (إِنَ الدِينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ....) هو هذا الإطار العام الذى بدأ بالوحى لآدم (فَتَلَقَىٰٓ ادَمُ مِن رَبِهِ كَلِمَٰتٖ فَتَابَ عَلَيهِ إِنَهُ هُوَ ٱلتَوَابُ ٱلرَحِيمُ) ثم تتابع الإسلام على جميع الأنبياء والمرسلين ثم متبلورا على إبراهيم ونجليه إسماعيل وإسحاق وابن أخيه لوطا عليهم جميعا الصلاة والسلام وما زال الإسلام يضمن فصلا إلى فصول ويستحدث شريعة من الشرائع مع طابور طويل من الأنبياء مثل موسى وهارون ثم داود وسليمان ثم زكريا ويحيى وعيسى عليهم جميعا الصلاة والسلام حتى بلغ الكون أشده وبلغ الإنسان رشده أنزل الله الشريعة الخاتمة فى القرآن الكريم تخلد ما سبق نزوله وتصحح مئات التحريف وتستحدث ما يناسب خواتيم الحياة البشرية وقرب الولوج إلى الحياة الآخرة.

هذا هو الإسلام الذى عناه القرآن بقوله تعالى (وَمَن يَبتَغِ غَيرَ الإسلام دِينا......) فكل الوحى السماوى منذ آدم إلى محمد إنما هو دين الإسلام ومعتقد الإسلام قد تعددت فيه الشرائع ولم يتعدد الدين.

هذا هو الإسلام الذى أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يخاطب الكافرين به بقوله (لَكُم دِينُكُم وَلِيَ دِينِ ) أى أن الكفر كله ملة واحدة والإيمان كله ملة واحدة.

ولعل هذا القول أن يفاجئ البعض وأحاول أن أعرض ما فهمته من القرآن واعتقدته وهمت به ولا أرتضى به بديلا
.
فالقرآن الكريم كثيرا ما أكد على وحدة الدين الإلهى مع تعدد الشرائع وأقرا معى (إِنَا أَوحَينَا إِلَيكَ كَمَآ أَوحَينَا إِلَىٰ نُوحٖ وَٱلنَبِيِ‍ينَ مِن بَعدِهِ وَأَوحَينا إِلَىٰٓ إِبرَٰاهِيمَ وَإِسمَٰاعِيلَ وَإِسحَٰقَ وَيَعقُوبَ وَٱلأَسبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُوبَ وَيُونُسَ وَهَٰرُونَ وَسُلَيمَٰانَ وَءَاتَينَا دَاوُودَ زَبُورا) ــ ثم (ثُمَ أَوحَينَا إِلَيكَ أَنِ ٱتَبِع مِلَةَ.... ) (وَٱلَذِيٓ أَوحَينَا إِلَيكَ مِنَ ٱلكِتَٰبِ....) ــ (... وَٱلَذِيٓ أَوحَينَا إِلَيكَ وَمَا وَصَينَا....)

فالإسلام كما أعتقد المظلة الجامعة سواء لكل والنبيين والمرسلين وكذلك لكل ما أنزله الله من وحى.

ولعل المسلم يزداد وقارا ونبلا لا افتخارا إذ يجد نفسه فى ذيل طابور كريم يعلن انتماءه للإسلام
فهذا خليل الرحمن إبراهيم {يدعو ربه عن نفسه وولده (رَبَنَا وَٱجعَلنَا مُسلِمَينِ)}
وها هم أبناء يعقوب عليه السلام يجيبون آباءهم قائلين (...نَعبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ...)
وها هو النص القرآنى يصوب لدعاة الفرقة والتنازع فيقول لهم (قُولُوٓاْ ءَامَنَا بِٱللَهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَينَا.......) وها هو رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) يعلن نطاق إيمانه كما دون القرآن (قُل ءَامَنَا بِٱللَهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَينَا....) وبعد هذا الجمع للأنبياء ووصفهم بالمسلمين يعقب القرآن قائلا (وَمَن يَبتَغِ غَيرَ ٱلإِسلَٰامِ دِينا فَلَن يُقبَلَ مِنهُ.......)

وهذا مجال لم يتركه القرآن غامضا بل فتح بابه على مصراعيه ليعلن للكافة إن الإسلام وكتابه القرآن ليسا بدعا جديدا جاء به محمد، وإنما هو الدين الإلهى العام الذى أتخذ عقيدة واحدة بينما أشتمل على شرائع متعددة تناسب كل منها الحقبة التى نزلت فيها والقلوب والأنفس التى خوطبت بها وتكلفت بالتزامها.

وحينما نقارن بين وشريعة وأخرى لا نقصد قداسة شريعة وعدم قداسة الأخرى إنما نقصد وضع كل شىء فى نصابه، كما نقصد بيان وحدة الدين نظرا لوحدانية الديان سبحانه، فالإله الواحد اتخذ متداول الخلق إلى آخر الدنيا دينا واحدا تتابعت مراحله وتدفقت شرائعه التى تكفل كل منها بجيل بشرى وبزمان ومكان، فلما قارب الكون نضجه وقارب على انتهائه أنزل الله الكتاب الجامع والخاتم للوحى يقرر فيه تعدد الأنبياء ومساواة بعضهم البعض، وإخطار جميع أهل الأرض أن الإيمان الكامل لا يتم الشخص إلا أن يؤمن بكل الأنبياء والرسل وبكل الكتب شرائع لكن كل هذا فى دين واحد

يتبع،،،
جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات