محمد الرزاز نموذج مصرى مشرف - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

محمد الرزاز نموذج مصرى مشرف

نشر فى : الجمعة 27 فبراير 2015 - 9:55 ص | آخر تحديث : الجمعة 27 فبراير 2015 - 9:55 ص

محمد الرزاز شاب مصرى يعيش فى إسبانيا هو نموذج يدعو إلى الفخر، والأهم إلى البرهنة على انه متى توافرت الظروف الموضوعية يستطيع المصريون النجاح والتفوق.

الرزاز ــ عمره نحو أربعين عاما ــ يعمل مساعدا أو نائبا للسفير ايهاب فهمى المستشار السياسى للأمين العام لتكتل «الاتحاد من أجل المتوسط».

قابلته فى برشلونة مساء يوم الأحد الماضى وطوال يوم الاثنين وكان مكلفا بمرافقة الوفد الإعلامى المصرى الذى حل ضيفا على الاتحاد.

الرزاز حصل فى مصر على بكالوريوس التجارة قسم اللغة الإنجليزية، وبعدها عمل فيه لعشر سنوات كمدير للعلاقات العامة فى أحد البنوك الكبرى.

يتشابه اسمه فقط مع واحد من اشهر الذين تولوا منصب وزير المالية فى الثمانينيات وتفنن فى فرض الضرائب والرسوم.

فجأة قرر محمد الرزاز ان يغير مسار حياته بالكامل، سافر إلى إسبانيا وحصل على ماجستير فى إدارة التراث الثقافى، ويستعد الآن للحصول على درجة الدكتوراه فى نفس المجال.

قد يسأل سائل: هناك مئات الآلاف مثل حالة محمد فما هو الذى يدعو إلى الفخر فيما سبق؟.

منذ قابلنا الرجل فى مطار برشلونة وحتى مغادرة الأراضى الإسبانية وهو يتدفق بالشرح الوافى والتحليل العميق لكل ما يتعلق بالحضارة الإسلامية فى إسبانيا.

قابلت مترجمين كثيرين ومرشدين سياحيين اكثر فى بلدان متنوعة. هو ليس مترجما نصيا أو مرشدا سياحيا يعرف تاريخ الأماكن وبعض التواريخ وفقط، هو مزيج من هذا كله مضافا إليه فهمه لكل ذلك فى اطار شامل حضارى ثقافى فنى اجتماعى وسياسى.

يجمع بين معرفة ابن رشد وابن زيدون والشعر والأدب والفنون والعمارة فى العصر الأندلسى وتاريخ الحرب الأهلية، والصراع بين الجمهوريين والقوميين فى زمن فرانكو ولوحة الجرنيكا لبيكاسو ورسامى وشعراء وأدباء إسبانيا العظام من سلفادور دالى ولوركا واراجون وفوق هذا وذاك لديه حب ما يفعله وحب ان يشرك الآخرين فى معرفته، ولديه طريقة جذابة فى القص والرواية.

وسط حديثه الجاد عن العرب وماذا تركوا فى إسبانيا تجده يخفف النهاية الدرامية لسقوط الأندلس بالقول ان الصوفى الكبير المرسى أبوالعباس هو أندلسى أصلى جاء من بلدة مورسيا الإسبانية، وان الإمام الشاطبى ــ المسمى باسمه أحد أشهر أحياء الإسكندرية ــ جاء من بلدة شاطبة الإسبانية أيضا. وكذلك ابن عربى هذا الفيلسوف الصوفى الكبير الذى انتقل من الأندلس واستقر به الحال فى دمشق حيث مات ودفن هناك، وقبل أسابيع طلب زعيم داعش أبوبكر البغدادى بحرق كل كتبه.

الرزاز حجة قوية أيضا فى التاريخ الإسبانى القديم والحديث. يتحدث عن صراعات الملوك فى الماضى بنفس الطلاقة التى يتحدث بها عن مشكلة إقليم كاتالونيا الراهنة.

لكن أحد أهم جوانب تفوق الرزاز تكمن فى فهمه واستيعابه لفن العمارة فى إسبانيا ليس فقط خلال فترة الحكم الإسلامى بل وقبل ذلك وبعده، يحدثك بطلاقة عن المعابد الرومانية التى تحولت إلى كنائس ثم صارت مساجد ثم ارتدت لتعود كنائس من جديد.

الرزاز لديه إجابة عن كل سؤال عن إسبانيا حتى لو كان يتعلق بقصة لوحة معلقة فى مطعم بعيد.

كنا نمر فى شارع ضيق فى برشلونة القديمة، وفجاة أوقفنا أمام مبنى عتيق يقع خلف كنيسة أثرية، تجاور سورا رومانيا عمره أكثر من ألفى عام. المبنى المكون من دورين كان أقرب ما يكون إلى بيت للأدباء وصار الآن كافتريا لكل محبى الفن والرسم.

قبل ان أسافر إلى إسبانيا نصحنى أكثر من زميل ان أقابل محمد الرزاز وقبل ان أغادر برشلونة قال لى ناصر طهبوب نائب الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط: «عليكم كمصريين ان تفخروا بنموذج الرزاز»، فقلت له لقد فعلت بعد أول نصف ساعة من لقائى به.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي