هناك مواطنون سلبت حريتهم لأسباب سياسية، ويقبعون الآن بأعداد غير مسبوقة وراء الأسوار فى أماكن الاحتجاز.
هناك مواطنون سلبت حريتهم لأسباب سياسية، ويعانون من معاملة غير إنسانية تنتهك حقوقهم وحقوق ذويهم ويسقط بعضهم ضحية للتعذيب أو لغياب الرعاية الصحية وراء الأسوار.
هناك مواطنون سلبت حريتهم لأسباب سياسية خلال الأيام الماضية، بعضهم من المعلومة أسماؤهم للرأى العام وأغلبيتهم معلومة الأسماء فقط للأهل والأصدقاء، ولم تعرف بعد أماكن احتجازهم ولم يمكنوا من الدعم القانونى والأسرى الذى هو حق لهم.
هناك مواطنون سلبت حريتهم تحت زعم ازدراء الدين، وسرعان ما خبت حملات التضامن معهم وتراجعت مساعى الانتصار لحقهم فى التعبير الحر عن الرأى.
هناك مواطنون من المشتغلين بالصحافة والإعلام سلبت حريتهم لأسباب سياسية، وتزايدت أعدادهم خلال السنوات الماضية لتدفع بمصر إلى المرتبة الثانية عالميا بعد الصين على قائمة كبار منتهكى حقوق الصحفيين وكبار متعقبيهم.
هناك مواطنون من المشتغلين بقضايا حقوق الإنسان والحريات ومن العاملين فى منظمات المجتمع المدنى سلبت حرية بعضهم بالزج بهم وراء الأسوار وسلب شىء من حرية بعضهم الآخر بالمنع من السفر أو بغيره من الإجراءات التعسفية، ويواصل الحكم فى مصر توظيف حملات الاغتيال المعنوى ومقولات التخوين والتشهير لتبرير سلب حريتهم ولحرمانهم عملا من إجراءات تقاضى عادلة.
هناك مواطنون بعضهم من المشتغلين بالقضاء وبعضهم من الأكاديميين والباحثين سلب منهم الحق فى العمل، وأحيلوا إلى التقاعد أو أقيلوا من مواقعهم أو طوردوا أمنيا حتى اضطروا إلى مغادرة البلاد.
هناك حالة قمعية صريحة تتراكم بفعلها المظالم والانتهاكات، يعيش على وقعها المواطن محبطا ويفقد على إثرها المجتمع طاقاته الإيجابية وتختزل فى سياقها الدولة إلى جمهورية خوف لا يثق بها أحد.
هناك سطوة أمنية على إدارة الشأن العام تمعن فى إماتة السياسة وفى العصف بسيادة القانون وفى فرض مكارثية الرأى الواحد وتخوين المخالفين، تقايض المواطن على الأمن نظير الحرية وتغيب الشفافية عن المجتمع وتلغى عملا الحق العام فى مساءلة ومحاسبة الحكام وأعوانهم وتقضى تدريجيا على شرعية مؤسسات وأجهزة الدولة.
أليست كل هذه الحقائق بكافية لتحفيز الناس على المقاومة السلمية للسلطوية؟ أليست كل هذه الحقائق بكافية لمخاطبة الرأى العام لإدراك العلاقة الارتباطية بين المطالبة بالديمقراطية وبين إيقاف المظالم والانتهاكات ومحاسبة المسئولين عنها؟ أليست كل هذه الحقائق بكافية لبناء معارضة ديمقراطية جادة؟