هل صليت على النبى اليوم ؟ - نادر بكار - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 5:06 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل صليت على النبى اليوم ؟

نشر فى : الجمعة 27 يونيو 2014 - 7:40 ص | آخر تحديث : الجمعة 27 يونيو 2014 - 7:40 ص

ورقة بيضاء خلت من أى شعار يدلل على انتماء أو هوية بعينها يتوسطها بخط واضح مقروء: «هل صليت على النبى اليوم ؟» تلقفها المصريون بسرعة مذهلة وانتشرت بعفوية ٍلتغطى زجاج سيارات الأجرة وواجهات المحال التجارية.. ورقة ليس فيها إلا تذكير بسنة يحرص المصريون على تردادها بالفعل عامة صباحهم ومساءهم من باب قوله سبحانه: «وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين» ثارت لها ثائرة وزير الأوقاف فأرغى لها وأزبد واتهم بسببها المصريين فى نياتهم فلا شك عنده أن الملصق الدعوى تجارة بالدين وتسيس له؛ بل وصف من يقف وراءها بالشيطان ! تصور شيطان سيذكر الناس بالصلاة على النبى!

كان ممكنا تفهم المنطق الأعوج لوزير الأوقاف إذا ما كانت ملصقات التذكير بالصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم يعلوها شعار جمعية دينية مثلا أو ممهورة بتوقيع مرشح محتمل للبرلمان؛ لكن الورقة البيضاء إلا من التذكير بهذه الفضيلة كانت بريئة من أى انتماء تماما كبراءة نيات أصحابها من سوء فهمك وفساد تدبيرك!

وزير الأوقاف بدلا من أن يتفرغ لواجبات مهمته الأصلية فى إصلاح البنيان المهترئ للوزارة ومواجهة الفساد الممنهج؛ ودعم الدعاة بما يحتاجونه من إمكانيات علمية وأدبية؛ وبدلا من تحمل مسئوليته فى رفع المستوى المعيشى لأئمة المساجد؛ تفرغ لمحاربة ملصقات الأذكار ومواجهة مؤامرة الصلاة على النبى!

والغريب أن وزير الأوقاف النشط جدا فى إغلاق المساجد ليس له كلمة واحدة تشفى غليل الناس بشأن انتشار الرذائل أو انحطاط السلوك العام؛ ليس له دور ـ هذا بصفته مسئولا عن الدعوة الإسلامية ـ فى مواجهة موجة الإلحاد الضاربة فى طول البلاد وعرضها!

المتاجرة بالدين تتجلى فيمن يريد احتكاره لنفسه والمساومة به لمصلحته؛ إنما أن يُبذل هذا الدين حتى يصير مشاعا بين الناس فلهذه هى الدعوة التى عنتها الآية الكريمة «ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين»... وبالمناسبة هل تجرؤ على اتهام الرئيس بالمتاجرة بالدين وهو الذى لا يخلو خطاب واحد له من آية أو حديث؟ يعفيك العقلاء من الرد بابتسامتهم الساخرة!

أنت تستفز مشاعر مئات الآلاف من البسطاء أصحاب المحال التجارية ومثلهم من سائقى سيارات الأجرة الذين استنسخوا ملصقا بسيطا كهذا بقروش معدودات وتطوعوا بلصقه تلقائية دون أن يطلب منهم ذلك أحد.. والحق أن صلابة هؤلاء وعنادهم كفيل بالرد على ضيق أفق الوزير وهمجية الداخلية؛ وقد رأيت صورة أحدهم وقد ألصق ورقة مالية من فئة الخمسين جنيها اسفل الملصق الأصلى إصرارا منه على تحمل عواقب صنيعه الذى حولته وزارتا الداخلية والأوقاف إلى جريمة شنعاء.

وأخشى أن يتدهور الحال بالوزارة أكثر لاسيما وعلى رأسها هذا الرجل العبقرى واسع الأفق فتحظر على الناس يوما تعليق الآيات القرآنية سواء كانت فى صدر المحال التجارية أو على زجاج السيارات؛ بل وربما تفكر الوزارة أيضا فى إغلاق إذاعة القرآن الكريم أو على الأقل حظر الاستماع إليها فى سيارات الأجرة حرصا على وأد الفتنة.. أو ربما تفكر فى قصر رفع الأذان على المذياع الداخلى للمساجد حرصا على عدم إزعاج المواطنين بصوت الأذان خمس مرات متتالية.. ولماذا رفع الأذان أصلا؟ فليكتف المسلمون بترديد الأذان سرا حماية للدين أن يُتاجر به!