من يهتم بالصورة فى واشنطن? - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 10:02 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من يهتم بالصورة فى واشنطن?

نشر فى : الجمعة 27 يونيو 2014 - 7:40 ص | آخر تحديث : الجمعة 27 يونيو 2014 - 7:40 ص

حدثنى صديق أمريكى ممن يعملون فى إحدى أكبر شركات العلاقات العامة فى العاصمة الأمريكية، والتى حصلت على عقد ممول سعوديا من أجل تحسين صورة النظام المصرى الجديد برئاسة عبدالفتاح السيسى فى العاصمة الأمريكية شاكيا تجاهل الحكومة المصرية المتكرر لنصائح الشركة، وما يجب القيام به من أجل تحسين صورة النظام المصرى الجديد داخل الولايات المتحدة. وجاء صدور حكم قضائى بسجن مجموعة من صحفيى محطة الجزيرة على خلفية القضية المعروفة باسم «خلية ماريوت» ليصدم الصديق الأمريكى وشركته، إذ أصبحت مهمتهم شبه مستحيلة فى ظل ما يصدر من قرارات قضائية يمتد أثرها وردود الافعال عليها لكل أركان العالم.

ومنذ تدخل الجيش فى الثالث من يوليو الماضى، شنت أجهزة الدولة المصرية وحلفاؤها من دول الخليج حملات ضارية للعلاقات العامة شارك فيها إضافة لجهود السفارة المصرية، عدد من منظمات اللوبى وشركات للعلاقات العامة، من أجل تغيير طريقة رؤية واشنطن الرسمية الحكومية، وواشنطن غير الرسمية، ممثلة فى مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام الكبرى، لما جرى ويجرى فى مصر. إلا أن هذه الجهود لم تفلح فى تغيير الصورة النمطية لوصف ما يحدث من مصر من قمع وتضييق على الحريات لكل من يعارض النظام المصرى الجديد.

•••

وخلال الفترة السابقة على وصول الرئيس عبدالفتاح السيسى لمنصبه، تعامل الجانب الحكومى المصرى مع زيارات تحسين الصورة بطرق تقليدية وكأنها زيارات تتم فى ظروف عادية. كما جاء اختيار من يمثل «مصر الجديدة»، كما سماها أحد المسئولين المصريين، مخيبا لأمال وتوقعات الكثيرين من الدوائر الأمريكية. جاء الدكتور مصطفى حجازى فى رحله رتبتها منظمة تسمى «المبادرة المصرية الأمريكية للحوار»، وهى منظمة جديدة تأسست استنادا على منح مالية خليجية بهدف الترويج للنظام المصرى الجديد. ورغم إتقان الدكتور حجازى للإنجليزية، إلا أن معرفته باللغة السياسية الأمريكية وبكيفية الجدال مع خبراء الشأن المصرى والإعلام الأمريكى تبقى محدودة للغاية. كما جاء أيضا من قبل وزير الخارجية الاسبق نبيل فهمى، وأيضا السيد عمرو موسى، ولم يفلح الجميع فى تغيير الصورة.

مظاهر فشل جهود تحسين الصورة ظهرت مبكرا فى الجانب الرسمى خلال عدة مناسبات أهمها ما ذكره الرئيس أوباما نفسه الشأن المصرى خلال كلمته فى حفل العشاء السنوى لرابطة مراسلى البيت الأبيض، الذى يحضره بالإضافة إلى الصحفيين مشاهير السياسة ونجوم هوليوود، حيث أشاد أوباما بالصحفيين الذين يعملون فى ظروف صعبة وذكر بالاسم أربعة دول هى أوكرانيا وأفغانستان وسوريا ومصر. ثم عاد البيت الأبيض ودعا الرئيس السيسى يوم الاثنين الماضى إلى العفو عن ثلاثة من صحفيى قناة الجزيرة ممن صدرت بحقهم أحكام طويلة بالسجن. وأعرب كذلك وزير الخارجية جون كيرى عن استيائه الشديد من هذه الأحكام. أما فشل الجهود فى الجانب غير الرسمى فظهرت بوضوح فى نوعية أغلب الأسئلة التى وجهت للمسئولين المصريين، وأيضا فى طريقة الإجابة عليها. ركزت الأسئلة حول أحكام الإعدام بحق المئات من أعضاء وأنصار جماعة الإخوان المسلمين. وكان نصيب قضية حبس صحفيى قناة الجزيرة كبيرا، ونفس الشيء ينطبق على أسئلة تتعلق بالإقصاء السياسى للمعارضة الإسلامية، فضلا عن أسئلة حول قمع وتشويه شباب حركة 6 أبريل، وهى الحركة المعروفة فى أمريكا بلعب دور هام فى مواجهة كل من حكمى الرئيس حسنى مبارك والرئيس محمد مرسى.

وجاءت الإجابات المصرية لتركز على الاستقلالية التامة للقضاء وعلى عدم التدخل فى شئونه وتوافر كافة اجراءات التقاضى للمواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الدينية، غير مقنعة على الاطلاق. وخان التوفيق محاولات الغوص فى تفاصيل القرارات القضائية الخاصة بالإعدامات، وتصحيح المعلومات الأمريكية بشأن هذه الأحكام، وتذكير الجانب الأمريكى بمعنى الفصل بين السلطات. كما استمرت خسارة الحكومة المصرية لأى تعاطف من الدوائر الإعلامية الهامة، ويظهر هذا بوضوح فى استمرار خروج افتتاحيات صحف مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست منددة بما تقدم عليه الإدارة الأمريكية ويبدو إيجابيا وداعما للنظام الجديد فى مصر.

وبعيدا عن الأراضى الأمريكية كانت القاهرة نفسها محطة هامة لجهود تحسين الصورة عن طريق استقدام الكثير من الخبراء الأمريكيين للتواصل ومعرفة حقيقة ما يجرى على أرض الواقع المصرى. وشكا الكثير منهم مما سمعوه من نظريات تآمر ومن غياب أى قبول لعرض وجهات النظر المخالفة.

•••

لا يعد مؤشر تسليم طائرات الأباتشى العشر، ولا الإفراج عن مئات الملايين من أموال المساعدات الأمريكية المجمدة مؤشرا على تحسن العلاقات، بل على العكس من ذلك يعد مؤشرا على عمق تدهور هذه العلاقات. سعادة القاهرة بتسلم طائرات كان لها أن تتسلمها منذ أكثر من عشرة أشهر ليس نتاج جهود تحسين الصورة، بل بسبب ما أكده الكثير من المسئولين المصريين خلال زياراتهم لواشنطن من أن تأخر تسليم الجيش المصرى لهذه الطائرات يؤثر على حرب مصر على الإرهاب فى سيناء. واذا أضفنا لذلك ما يشهده العراق وليبيا من تطورات خطيرة ساهمت فى رفع قيمة وأهمية الدور المصرى الإقليمى، ندرك أن التحسن فى العلاقات مع واشنطن لا علاقة له بجهود العلاقات العامة.

يبقى القول إن ما يصر عليه النظام المصرى فيما يتعلق بمجال الحريات وحقوق الانسان والمشاركة السياسية، أضف لذلك ما يقدم عليه القضاء المصرى من إصدار أحكام غريبة بمعايير كل دول العالم، يصعب من أى تحسين فى صورة الدولة المصرية، ويصعب فى الوقت نفسه من رغبة أوباما فى تطبيع علاقة بلاده بمصر. ويبقى هدف واشنطن الأساسى المتمثل فى وجود مصر مستقرة ليست بالضرورة ديمقراطية على حاله، وذلك بغض النظر عن جهود تحسين الصورة.

محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات