ناشطة على ما تُفرج - نجاد البرعي - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 3:55 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ناشطة على ما تُفرج

نشر فى : الإثنين 27 يوليه 2015 - 8:10 ص | آخر تحديث : الإثنين 27 يوليه 2015 - 8:17 ص

فى هذا الشهر أكون قد أمضيت ثلاثين عاما مدافعا عن حقوق الإنسان. يوليو ١٩٨٥ دخلت إلى غرفة المحامين فى مبنى مجلس الدولة؛ طلب منى المحامى المعروف «أبو الفضل الجيزاوى» «٢٥جنيها». ما إن سلمته المال، حتى أخرج من حقيبته «استمارة» وقال وقع هنا!!. كانت استمارة الانضمام إلى «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» التى تأسست عام ١٩٨٤ مع فرعها المصرى الذى أصبح «المنظمة المصريه لحقوق الإنسان». كان على رأس المنظمة العربية شيخ المناضلين«فتحى رضوان» حين كان يرأس «الفرع المصرى» وزير الخارجية الأشهر «محمد إبراهيم كامل». فى تلك المناسبة كتبت على «تويتر» حول ضرورة أن يركن جيلنا إلى الراحة ليفسح المجال أمام أجيال أصغر وأكثر قدرة على التعامل مع متغيرات العصر. عادى جدا؛ نوع من الشجن يرافق التقدم فى العمر. إحدى صديقاتى هناك علقت على ما كتبت، قالت: «وإيه اللى عملتوا علشان نفتكرك بيه؟ طلعت لنا فى كام برنامج على كام صحيفه على كلمتين مالهمش لازمه فى أى موقع.. فكرنا!!». أحرجتنى الصغيرة!!. يهتم الناس ــ ولهم كل الحق ــ بالنتائج، المحاولات غير الناجحة نوع من إضاعة الوقت فيما لا طائل فيه تستحق الانتقاد لا الشكر. لم يتغير شىء مما كنا نحاول تغييره. الدوله ظلت كما كانت قاسية عنيفة وليست قوية عادلة. فى عام ٢٠١٥ صنف صندوق السلام الدولى مصر كواحدة من أكثر ٣٨ دولة حول العالم هشاشة وانتشارا للفساد فيها. مواد الدستور التى وافق عليها ٩٨٪ من الناخبين جرى تجاهلها. الأسباب متعددة؛ إما لأنها «تحتاج إلى وقت لتنفيذها» أو لأنها تتضمن من«الحقوق والحريات» ما لا نستطيع تنفيذه لأننا «نحارب الإرهاب». فى التقرير السنوى الذى يصدر عن «مشروع العدالة الدولية» حول «حكم القانون والعدالة ٢٠١٥» جاءت مصر واحدة من أكثر ١٦ دولة تنتهك القانون وتغيب عنها العدالة. هذان التقريران يكشفان عن فشل كل محاولات دعاة حقوق الإنسان فى إحداث تغييرات أساسية على بنية الدولة المصرية التقليدية التى تتراجع خطوات كبيرة إلى الخلف فى هذا المضمار. الفشل الأهم هو أننا لم نستطع أن نؤثر فى المجتمع ليتحول مع الوقت إلى حاضن للحريات. الاحتفاء التاريخى «بالفيديو» الذى تضرب فيه إحدى ضابطات الشرطة متهما بالتحرش وتهدده بالصعق، يؤكد أننا فشلنا فى الوصول برسالتنا إلى الطبقة الوسطى المتعلمة التى يتعين أن تحمل عبء ترسيخ دولة القانون. عندما قال الرئيس إن «يد العدالة مغلولة بالقانون» كان يعبر عن قطاع كبير يرى أن حكم القانون لا يحقق العدالة «وإنه لا بأس بظلم بضعة الآلاف من أجل أن يعيش تسعين مليونا». لست نادما ولا خائفا ولست يائسا، ولكننى احتاج إلى وقت قبل أن أجيب على سؤال صديقتى التى اختارت لنفسها اسما مستعارا «ناشطة على ما تُفرج».


نجاد البرعى
negad2@msn.com

التعليقات