ابن الفلاح - محمود قاسم - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 6:06 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ابن الفلاح

نشر فى : الجمعة 27 يوليه 2018 - 9:40 م | آخر تحديث : الجمعة 27 يوليه 2018 - 9:40 م

يكشف هذا الفيلم المجهول فى تاريخ السينما عن اهتمامات السينما المصرية، والمجتمع بشكل عام والحياة فى الريف المصرى، وتطلع أبناء الريف للزحف نحو المدينة، والاستمتاع بحياة أكثر حرية وثراء، وقد لعب الكثير من الأفلام دورا فى مناصرة «العودة إلى الريف»، وكان هذا عنوانا لفيلم مشهور تم إنتاجه فى نهاية الثلاثينيات، أما المسميات الريفية ومنها الفلاح، والريف، والقرية، فقد تصدرت عناوين افلام الأربعينيات بشكل خاص ومنها «ليلى بنت الريف» و«الريف الحزين» و«أرض النيل» ثم «ابن الفلاح» الذى أخرجه عبدالفتاح حسن 1948، وقام ببطولته محمد الكحلاوى، وتحية كاريوكا، ومارى منيب، وشرفنطح ومعهم اسماعيل يس وغيرهم، والفيلم يناصر بقوة بقاء أهل الريف فى قراهم، ويحمل تحذيرا مباشرا لرجال القرية والنساء أيضا من السفر إلى المدينة خاصة العاصمة باعتبارها كباريه كبيرا من يدخله سوف يتعرض لمتاعب كثيرة مثل التى تعرض لها حسين، الذى ذهب إلى هناك ليعمل مطربا فى الصالات، فاصطدم عاطفيا بالراقصة الرئيسية فى الفرقة التى سمعها تقول لأحد الذين يطاردونها عاطفيا أنها لا يمكنها أن تقع فى حب مثل هذا الشخص، وهو أمر يدفع المطرب للعودة مرة أخرى إلى قريته باحثا عن حبيبته التى نزلت إلى البندر للبحث عنه وحمايته من العزول.
الريف ليس جنة بالكامل، فهناك الخصم الذى يود التخلص من غريمه العاطفى كى يتزوج من الحبيبة ستيتة، والمدينة ليس بها سوى البنايات المغلقة، أو الصالات المليئة بالغناء والرقص، رغم أن حسين كان يغنى بشكل جاد جدا فى هذه الصالات أغنيات تؤازر الوحدة العربية، ووحدة وادى النيل، فى فترة كانت السودان ومصر بمثابة كيان سياسى وجغرافى واحد.
وقد سخر الفيلم من الفلاح الذى ينزل إلى الريف دون أن يعرف آليات التعمل مع المدينة، فالثرى الريفى الذى ينزل إلى العاصمة يتصور أن الرجل الذى استقبله فى المحطة لينزل فى فندق بعينه أن النزل يتولى الصرف عليه مجانا، لثلاثة أشخاص، بالإقامة الكاملة، وهو المعلم مبروك الذى جاء وراء حسين ظنا منه أنه سرق الجاموسات الثلاث لبيعها فى العاصمة، ولم يحاول الفلاح هنا التعرف على وجوه المدينة لأخرى ولم نر بالتقريب أيا من وجوه الحياة فى المدينة، ويبدو البندر هنا كأنه مصنوع من أجل من يجيدون الغناء فى علب الليل.
هذا فيلم مصنوع فى المقام الأول من أجل المطرب، فهو الريفى البسيط وصاحب الصوت الجميل، يأتيه متعهد ليكتشفه وعليه أن يتخلى عن الجلباب الريفى، وأن يرتدى البدلة، ولا مانع أن يقع فى غرام زميلته الراقصة التى ابتدع لها السيناريو نهاية مضحكة حيث اختفت بعد سفرها إلى خارج البلاد مع عشيق لها، أما الكحلاوى فلعله المطرب الوحيد فى تلك الفترة من تاريخ السينما الذى لعب دور الشجيع الذى يشترك فى أكثر من مشاجرة ويخرج منها منتصرا معبرا عن البطل الشعبى الشهم، وذلك عكس الصورة التى عرفنا بها أهل الطرب طوال عمر السينما حتى وقت قريب.

التعليقات