الببلاوى يرد على الببلاوى - سيف الدين عبدالفتاح - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:37 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الببلاوى يرد على الببلاوى

نشر فى : الثلاثاء 27 أغسطس 2013 - 9:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 27 أغسطس 2013 - 9:00 ص

من متابعة تصريحات هؤلاء الانقلابيين قبل وبعد الانقلاب يمكن أن نتعرف على تناقضهم فى كلامهم بما يعبر عن قدرة هؤلاء على افتقادهم أسس القيم الإنسانية التى يدعون أنهم يتمسكون بها، فالكلمات تتغير والمواقف تتبدل والسلطة تلعب بالرءوس خاصة حينما تأتى على ظهر الدبابات، فإن كلمات الانقلاب تؤدى إلى انقلاب الكلمات، يقول الدكتور الببلاوى وهو موضع حديثنا اليوم عند وقوع «أحداث ماسبيرو» فى الثامن والتاسع من أكتوبر 2011: «استشعرت أن ما حدث فى ماسبيرو من أخطر النكسات التى قابلت مصر.. (إن الناس تقتل فى بعض)». نقول له فماذا يحدث الآن؟ أليس تأليب الشعب على بعضه هو ما تفعلون وما تقترفون، ماذا يعنى فض الاعتصام واقتحامه سوى ما سبق أن استنكرتموه من قبل.

يقول الببلاوى: «إن الوظيفة الأولى لأى حكومة.. تحقيق الأمن لأبناء البلد.. إذا لم يتحقق الأمن لأبناء البلد.. هنا تفشل الحكومة.. وبناء عليه: نحن نأسف لأننا لم نكن على المستوى لنقدم للمواطن ما يستحقه من إجراءات أمن».

ونقول له: كنت نائبا لرئيس الوزراء فى حكومة عصام شرف، وتحدثت آنذاك عن فشل الحكومة لأنها لم تحقق الأمن لأبناء البلد، لقد حققت كوارث لا تعد فى مساحات الفشل بل مساحات الاتهام السياسى. إن ما حدث فى «ماسبيرو» لا يشكل واحدا على الألف مما حدث فى الانقلاب الدموى الفاشى، عزّ عليك الأسف واستمرأت لغة التبرير والتحريض وكيل الاتهامات وفائض الأوصاف، إن الكوارث التى وقعت يحاسب عليها القانون أمام المحاكم الدولية.

●●●

ويقول الببلاوى آنذاك: «رأيى أن تقدم الحكومة استقالتها للمجلس العسكرى.. لأننا لم نقدم للناس ما تستحقه». وهو هنا حتى مع هذا الموقف الذى اتخذه واعتبره البعض آنذاك موقفا متميزا عارض فيه قتل الناس من غير ذنب فى «ماسبيرو» فإنه للأسف الشديد صب جام غضبه على حكومة عصام شرف وأطرافها المختلفة وكان منها، ولم ينبس ببنت شفة عن مسئولية المجلس العسكرى الفائت عن هذا الفعل الرهيب الذى قام به جنوده وآلياته آنذاك.

وفى تصريحات له بعد توليه حكومة الانقلاب يقول فيها: «إن مصر دولة تحترم القانون الذى يسرى على الجميع، مؤكدا أن الدولة مسئوليتها الأولى تطبيق القانون».. هكذا يتكلم رجل القانون عن دولة القانون.. وهو فى حقيقة الأمر يمارس انتقائية شديدة، يعبر بذلك عن موقف أيديولوجى مسبق فى المحاسبة القانونية، فماذا فعل بالبلطجية الذين يروعون الناس وعملوا فى كنف بعض اطراف السلطة، أليس هؤلاء مسجلين خطر وخارجين على القانون؟ ولكنهم للأسف يستخدمون فى دولة القانون تحت أسماء اخترعوها «الأهالى» أو «المواطنين الشرفاء»، أى شرف هذا الذى تحرض فيه الخارج على القانون أن يقتل بدم بارد فى رعاية وكنف الحكومة، أليس يعبر عن تطبيق القانون فى انتقائية وانتقامية شديدة على كل من خالفه الرأى وفى توصيف استباقى لجماعة بممارسة الإرهاب؟ عن أى إرهاب تتحدث إرهاب من أتى على ظهر الدبابات؟ أم إرهاب هؤلاء الذين يحملون معارضتهم لنظام انقلابى فاشى؟

نقول لك مثل ما قال رجل الكونجرس الأمريكى حينما جلست وتصورت أنك فى محاضرة تلقيها عليه فى القانون وسيادته والديمقراطية وعملياتها، فأفحمك ليكشف زيف خطابك القانونى الذى تتفوه به، كلمات تشقشق بها ولا تؤمن بمعانيها أو مغازيها،، قال لك السناتور (جراهام لندسى) فى مقابلة صحفية: «كان رئيس الوزراء «كارثة»، بالغ فى الوعظ لى قائلا: لا يمكنك التفاوض مع هؤلاء الناس، يجب عليهم ترك الشوارع واحترام سيادة القانون، قلت: السيد رئيس الوزراء، إنه من الصعب جدا بالنسبة لك إلقاء محاضرة لأى شخص عن سيادة القانون. ما هى عدد الأصوات التى حصلت عليها؟ لم يكن لديكم انتخابات!» ،إنه يسأله: كيف جئت إلى مكانك؟!.

وحول فض الاعتصام يقول الببلاوى أن«الشرطة استخدمت خلالها أعلى درجات ضبط النفس» نقول له عن أى ضبط نفس تتحدث وقد أُزهقت نفوس تعدت الألف نفسا، وأصيب ما يزيد على العشرة آلاف، أهذا هو ضبط النفس الذى تتحدث عنه؟!، وكنت من قبل تتحدث عن القتل فى ماسبيرو، فماذا تسمى القتلى الذين وقعوا فى زمن رئاستك للحكومة الإنقلابية التى لم تتعد الأسابيع؟ لن يحاسبك القانون فحسب ولكن سيحاسبك التاريخ، وستحاسبك الإنسانية. (ملاحظة: شاهد الفيلم الوثائقى «حريق رابعة» حتى تدرك ماذا فعلت بأرواح المصريين).

●●●

ونختم بتصريح الببلاوى (لا نقبل المصالحة مع من تلوثت أيديهم بالدماء) ونسأله ومن كل طريق من الذى تلوثت يده بالدماء، حكومتكم من تلوثت يدها بالدماء! إذا كنت الآن تحتمى بقوة غيرك التى تستند إليها حينما جئت على ظهر الدبابة، وتقوم بكل هذا فى إطار ما تمارسه حكومتك من محاكمات انتقائية وانتقامية فاعرف أن محاكمتك قادمة، سواء أمام المحاكم الدولية أو محكمة الله حينما تقابل ربك وتُسأل عن أرواح أُزهقت ودماء استبيحت ونفوس استرخصت.

سيف الدين عبدالفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة
التعليقات