العرب يتجهون شرقًا - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 12:48 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العرب يتجهون شرقًا

نشر فى : الخميس 27 أغسطس 2015 - 9:10 ص | آخر تحديث : الخميس 27 أغسطس 2015 - 9:10 ص

هل هى مصادفة أن يتواجد أربعة من كبار القادة العرب فى موسكو فى وقت واحد؟.

سيقول ذوو النوايا الحسنة إن هذه المصادفة سببها الدعوة التى وجهتها روسيا إلى زعماء كثيرين فى العالم لحضور معرض ماكس للصناعة العسكرية الروسية الذى أقيم فى جوكوفسكى بالقرب من موسكو وتشارك فيه 700 شركة روسية وأجنبية من 30 دولة.

لكن روسيا تقيم هذا المعرض سنويا. وكثير من بلدان العالم تقيم معارض مماثلة، ولم نجد مثل هذا التوافد العربى من قبل.

صدق من قال إن السياسة لا تعرف المستحيل، وهكذا وجدنا العاهل الأردنى الملك عبدالله بن الحسين والرجل الأقوى فى الإمارات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبوظبى إضافة بالطبع إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى زار موسكو ثلاث مرات واستقبل الرئيس الروسى فلايمير بوتين فى القاهرة قبل شهور وقبله وزيرى الخارجية والدفاع الروسيين مرتين. وهناك تقارير بمشاركة العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز أيضا.

وإذا صح وتحقق أن يزور العاهل السعودى موسكو سواء الآن أو فى الخريف المقبل، وقبله ولى ولى العهد فهو تطور سياسى كبير يكسر كل ما كان موصوفا بأنه تابوهات أو محرمات، لكن الواقع يقول إن توجه كبار المسئولين السعوديين إلى العاصمة الروسية صار أمرا مألوفا فى الشهور الأخيرة، بعد أن كانت علاقات البلدين مقطوعة لعقود طويلة على وقع الخلافات الأيديولوجية أيام الاتحاد السوفيتى ثم الصراع فى أفغانستان وما صاحبها من العلاقات المتميزة جدا بين الرياض وواشنطن.

بعد ثورات الربيع العربى بدايات عام ٢٠١١ وصلت رسالة للخليج واضحة أن واشنطن تريد تجريب ما تعتقد أنه نسخة من الإسلام المعتدل كى تضرب به الإسلام المتطرف، وهى الرسالة التى فهمتها عواصم الخليج خصوصا الرياض وأبو ظبى على أنها دعوة صريحة لإسقاط أنظمتها أو إجبارها على التغير. وعندما قامت ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ فى مصر كان طبيعيا أن تؤيد بلدان الخليج هذه الثورة دفاعا عن وجودها ومصالحها بل إن السعودية والإمارات دخلتا فى صراع علنى مع الولايات المتحدة بشأن دعم الثورة المصرية، كما سارعت موسكو إلى دعم الثورة أيضا خصوصا أنها تصنف جماعة الإخوان المسلمين منذ سنوات طويلة باعتبارها جماعة إرهابية واستقبلت محمد مرسى فى منتجع سوتشى ورفضت التراجع عن القرار.

ما زاد التوتر العربى مع أمريكا هو أن بلدان الخليج قرأت الاتفاق النووى الأخير بين الغرب وإيران باعتباره رسالة أمريكية ببيع الخليج إلى طهران وبثمن بخس، خصوصا أن إشارات الفتونة الإيرانية زادت جدا بعد الاتفاق.

رأينا فى الشهور الأخيرة صفقات أسلحة نوعية بين روسيا وبلدان عربية كثيرة، وقرأنا أخيرا أن الرياض قررت عقد صفقات عسكرية نوعية مع موسكو، إضافة إلى مشروعات اقتصادية ضخمة. العرب وصلوا إلى قناعة أن أمريكا التى يعرفونها قد اختفت ولم تعد كما كانت فى الأيام الخوالى. يعتقد بعض أهل الخليج أن ما يقوله رجل الأعمال الأمريكى دونالد ترامب الذى يريد الترشح للرئاسة وهجومه المستمر على السعودية ليس من فراغ بل قد يعكس تغيرا فى التفكير.

العرب اتجهوا شرقا لأنهم يعتقدون أن الغرب خذلهم، ويعتقدون أن التقارب مع الشرق خصوصا روسيا والصين هو الطريقة العملية الوحيدة التى ستفهمها الولايات المتحدة عندما تدرك أن مواقفها السياسية قد يتم ترجمتها إلى خسائر اقتصادية.

على العرب أن يبحثوا عن مصالحهم الحقيقية سواء كانت فى الشرق أو الغرب، عليهم أن يتوقفوا تماما عن التعامل مع القوى الكبرى انطلاقا من الناحية العاطفية، العالم لا يعرف العواطف، فقط المصالح.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي