ترامب..أو الفوضى! - محمد عصمت - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 12:16 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ترامب..أو الفوضى!

نشر فى : الإثنين 27 أغسطس 2018 - 9:45 م | آخر تحديث : الإثنين 27 أغسطس 2018 - 9:45 م

من وجهة نظر الكثير من المراقبين، يحتاج الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لأكثر من معجزة لكى يكمل فقط عدة شهور مقبلة من مدته الرئاسية المقرر أن تنتهى عام 2020، بعد الفضيحة الأخيرة التى فجرها محاميه السابق مايكل كوهين أمام إحدى المحاكم فى نيويورك بأن ترامب أعطاه 280 ألف دولار ليدفعها لسيدتين مارستا معه علاقة غير شرعية، حتى لا تدليان بأى تصريحات تسىء لصورته كمرشح للرئاسة، وبعد اعتراف ترامب نفسه بتدخل موسكو فى الانتخابات التى فاز بها أمام هيلارى كلينتون، والتى أكدت تحقيقات المخابرات الأمريكية أنها تعرضت لتشويه من 12 ضابط مخابرات روسى شنوا ضدها حملة أكاذيب على مواقع التواصل الاجتماعى، لترجيح كفة ترامب عليها، وهو ما حدث فعلا.


ترامب الذى تطارده أيضا شائعات بأنه يخفى وجود ابن غير شرعى له من علاقة عابرة مع امراة مجهولة، وأن زوجته اتخذت قرارا بالانفصال عنه بعد استكمال فترة رئاسته أو عزله أيهما أقرب، لم يجد ما يدافع به عن نفسه سوى تهديد الأمريكيين بأن طرده من البيت الأبيض سيؤدى لانهيار البورصات وأسواق المال الأمريكية، وسيجعل الأمريكيين «فقراء جدا» على حد تعبيره، وهو ما أثار غضب وسخرية قطاع عريض من الأمريكيين الذين وصفوا الرجل بأنه يبدو وكأنه مخبول فعلا!.


ومع ذلك، فالرجل لا يزال يستند إلى نجاحات حققها على المستوى الاقتصادى، حيث استطاع بابتزاز العديد من الدول وخوض حرب تجارية ضد دول أخرى فى خفض معدل البطالة إلى 4%، كما لا يزال يحظى بتأييد قطاعات واسعة من أنصار الحزب الجمهورى والقطاعات الأكثر يمينية فى أمريكا، وقبل ذلك كله فهو يحظى بدعم ضخم ــ لأسباب دينية ــ من الإنجيليين والذى حاز على أصوات أكثر من 60 مليون ناخب منهم فى انتخابات الرئاسة.


انتخابات الكونجرس فى نوفمبر المقبل هى التى سوف تحسم مصير ترامب، فإذا فاز بها الديمقراطيون كما هو متوقع، فسوف يبدأون فورا فى اتخاذ اجراءات عزل الرئيس، ومن المؤكد أنهم سينجحون فى ذلك، ليس فقط انتقاما من هزيمة مرشحتهم هيلارى كلينتون أمامه، ولكن لأن سياسات الرجل الخارجية أصبحت تهدد المصالح الأمريكية العليا، فالعديد من الدول الكبرى كالصين وروسيا بدأت تتخذ خطوات جدية فى الاستغناء عن الدولار فى تعاملاتها التجارية، وهى خطوة لو كتب لها النجاح فسوف تقضى تماما على هيمنة الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمى، كما أن علاقات أمريكا الاستراتيجية مع حلفائها التقليديين فى أوروبا تتعرض لهزات كبيرة، إضافة لعلاقاتها المتوترة مع كندا بل ومع معظم دول أمريكا الجنوبية.


ترامب فى نظر قطاعات كبيرة من الأمريكيين ومن المؤسسات الأمريكية النافذة أصبح خطرا على الأمن القومى الأمريكى على المستوى الاستراتيجى رغم النجاحات الاقتصادية التى حققها حتى الآن، لكن استمراره فى منصبه قد يلحق خسائر فادحة بالمصالح الأمريكية، والتى لن يمكن تفاديها إلا بعزل ترامب قبل أن يرتكب المزيد من الحماقات.


أما فيما يتعلق بمنطقتنا نحن، فالمؤكد أن اختفاء ترامب سيصب فى مصلحة الشعوب العربية، بعد أن قدم لإسرائيل أكثر مما كانت تحلم به، سواء باعترافه بالقدس عاصمة أبدية لها وشروعه فى نقل سفارة بلاده إليها، أو تأييده لقانون القومية الإسرائيلى الذى يسلب الفلسطينيين من جميع حقوقهم التى كفلها لهم القانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة وعلى رأسها حق العودة، أو تجاهله لملفات الحريات وانتهاكات حقوق الإنسان والتى كانت لها أهميتها حتى لو كانت فى حدود ضيقة عند كل الإدارات الأمريكية السابقة.
عزل ترامب سيكون له أصداؤه الواسعة فى العالم كله وفى الأغلب سيجعله أكثر هدوءا، لكنه سيكون إعصارا فى الشرق الأوسط سيطيح بالعديد من التحالفات التى تم نسجها بين العديد من دوله خلال الفترات الماضية، بل وربما يحمل فرصا واسعة لتغييرات سياسية كبيرة قد لا يتوقعها أحد الآن!.

محمد عصمت كاتب صحفي