كيف نتعامل مع مشكلة المثليين؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 11:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف نتعامل مع مشكلة المثليين؟

نشر فى : الأربعاء 27 سبتمبر 2017 - 9:55 م | آخر تحديث : الأربعاء 27 سبتمبر 2017 - 9:55 م
هل سنعالج مشكلة «مشروع ليلى» بنفس الطريقة التى نعالج بها كل مشكلاتنا، أم أننا سنفكر فعلا فى الحلول الصحيحة وبالطريقة الصحيحة؟!

والسؤال الأهم: هل المشكلة الحقيقية هى أن شابا أو أكثر رفعوا أعلام المثليين جنسيا، فى الحفل، أم أنها أعمق وأعقد وتتعلق فى جانب منها بتراجع وانهيار القيم بصفة عامة؟!.

قبل أن نتحدث فى التفاصيل، فإن ما حدث كارثى بكل المقاييس، ويكشف عن استفحال ظاهرة المثليين جنسيا أو الشذوذ وينبغى مواجهتها بصورة حادة.. وبالتالى فان السؤال الأهم هو كيف يكون ذلك؟!.

الحل الأسهل أن يتم القبض على خمسة أو عشرة أو حتى مائة من الذين حضروا الحفل ورفعوا الأعلام، وبعدها ينسى الناس القصة بأكملها، كما نسوا من قبل قضية «حمام الأزبكية» ومن قبلها الحفل الذى أقيم فى أحد المراكب النيلية، وقضايا أخرى مشابهة كثيرة.

مثل هذا الحل الأمنى، سوف يهدئ الكثير من غضب الرأى العام الثائر، لكنه لن يحل جذور المشكلة.

الحل الأصعب هو أن يتم مناقشة هذه الظاهرة الخطيرة بصورة جادة وحقيقية حتى يمكن الوصول للحل الصحيح.

بداية التعامل الصحيح مع المشكلة أن نفهمها، وأن نعرف حدودها، وأعداد المنخرطين فيها، أو «المصابين» بتعبير أدق، وهل يمكن أن نعالجهم أو «نلحقهم»، أم أن الوقت قد فات.

رأيى بوضوح أن المثلى، أو بتعبير أدق «الشاذ»، شخص مريض نفسيا ومنحرف سلوكيا وينبغى علاجه حتى يعود إنسانا طبيعيا.

والعلاج كما نعرف لا يكون بالقتل والتجريس والفضح و«الزيطة»، بل بكل الطرق التى تجعل المريض يشفى.

ونحن نحاول حل المشكلة علينا أن نتوقف عن مخاطبة أنفسنا بطريقة «التبشير فى المؤمنين»!!. هذه القضية معقدة جدا ومرتبطة بتفصيلات وتداخلات كثيرة خصوصا فى شقها الدولى.

وحتى لا ننسى فإن دولا وحكومات ومنظمات حقوقية ومجتمعا مدنيا تضغط على كل الدول التى تتخذ إجراءات مشددة ضد المثليين. هؤلاء المثليون صار لهم جماعات ضغط قوية جدا فى العديد من البلدان الغربية، ووصلوا إلى مناصب وأماكن حساسة جدا، وصارت لهم كلمة مسموعة فى السياسات الدولية والمعونات الاقتصادية.
هل معنى ذلك أن «ندلع» هؤلاء المثليين حتى لا نخسر الغرب ومساعداته ومعوناته؟!.
الإجابة هى: «لا» مطلقة، ولكن علينا أن نفهم الإطار والحدود التى نتحرك فيها حتى لا «نلبس فى الحيط».

فى الماضى كان الأمر سهلا، والظاهرة محدودة، وأعداد المثليين فى مصر والمنطقة قليلة جدا، الآن الأمر اختلف، وسمعت أن كثيرين منهم بدأوا يجاهرون «بحقيقتهم» على صفحاتهم على وسائل التواصل خصوصا الفيسبوك، الذى قدم لهم مساعدة لا تقدر بثمن فى الانتشار والتواصل، وصولا إلى مرحلة «التبجح والفجور».

مرة أخرى سنخطئ كثيرا إذا اعتقدنا أن حبس بعضهم أو سبهم وشتمهم سوف يحل المشكلة. الحل ببساطة يتوقف على طبيعة القيم السائدة فى المجتمع، فلو أن هناك تربية داخل البيوت والمدارس من الأساس، فإن ذلك سيوفر الكثير على المجتمع فيما بعد. لكن نعرف جميعا أن الأزمات الاقتصادية وتعقيدات الحياة، قد جعلت غالبية الآباء مشغولين عن أولادهم، ولا يعرفون ماذا يقرأون أو يشاهدون خصوصا وهم منفردون بالموبايل؟!.

الإعلام والثقافة مسئولان أيضا، لأنهما لم يقدما قيما بديلة حقيقية، ليتمسك بها بعض الشباب. وحينما يصاب الشباب باليأس من المناخ العام، فإنهم يلجأون لوسائل كثيرة منها الهجرة للخارج أو الانزواء والانعزال أو الإدمان أو التطرف، أو الوقوع فى مصيدة المثلية الجنسية والسحاق أو أى مصيبة أخرى!.

وحتى لا نجلد أنفسنا فإن وباء المثلية الجنسية، ينتشر فى معظم دول العالم خصوصا المتقدم، مثل النار فى الهشيم، وليس أمرا خاصا بنا وحدنا، بل ربما كنا أفضل نسبيا من غيرنا، لأن منظومة القيم الدينية الرادعة لاتزال مؤثرة إلى حد كبير خصوصا فى الأرياف.

لاتزال أمامنا فرصة لأن نتحرك فى الاتجاه الصحيح، لتحجيم الظاهرة وعلاجها بالصورة الصحيحة، لكن علينا التذكر بأنها لن يتم حلها بين يوم وليلة، ولن تحل بالمواعظ فقط، أو السب والشتم، ولكن حينما يبدأ المجتمع بأكمله السير فى الطريق الصحيح، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا والأهم اخلاقيا.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي