كيف ننتصر على الإرهاب ولا نخسر أهالى سيناء؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 3:21 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف ننتصر على الإرهاب ولا نخسر أهالى سيناء؟

نشر فى : الإثنين 27 أكتوبر 2014 - 7:50 ص | آخر تحديث : الإثنين 27 أكتوبر 2014 - 7:50 ص

العنصر الأكثر جوهرية لحسم المعركة ضد الإرهاب فى سيناء هو أن نضمن كسب الأهالى.

مبدئيا علينا أن نقر أن جزءا كبيرا من هؤلاء الإرهابيين هم للأسف من أبناء سيناء. هناك بعض المتطوعين العرب والأجانب، لكنهم طبقا لتقديرات كثيرة عددهم قليل. الخارج يدفع أموالا طائلة، لكن القوة العاملة هى من شباب سيناء وبعض المحافظات المصرية خصوصا المجاورة.

هذه المأساة معقدة وأحد أسبابها الرئيسية هو سياسة القمع التى اتبعها حبيب العادلى عقب تفجيرات شرم الشيخ ودهب وطابا، خصوصا فيما يتعلق بخطف وحجز أقارب المتهمين من النساء للضغط عليهم لتسليم أنفسهم، أضف إلى ذلك غياب التنمية والدور الإسرائيلى المشبوه.

لكن من العوامل المهمة التى لا نوليها عناية كافية هى انتشار الفكر المتطرف فى المنطقة بأكملها بعد غزو أمريكا للعراق عام 2003 ونشأة جماعة أبو مصعب الزرقاوى المرتبطة بتنظيم القاعدة وتسلل بعض أنصاره لسيناء.

ثورة الاتصالات ساعدت فى التقارب بين الإرهابيين وكذلك ضعف دور القيادات القبلية التقليدية فى سيناء أو تمرد الشباب على سلطة شيخ أو زعيم القبيلة الذى كان مرتبطا تقليديا بالدولة.

بعض هؤلاء الشيوخ لايزال مع سلطة الدولة المركزية، لكن تأثيره ضعف كثيرا، إضافة إلى خوف طبيعى من تهديدات الإرهابيين تجلى فى تزايد ظاهرة قطع رقاب كل من يتجرأ على تحدى الإرهابيين وسلوكهم.

وإذا أضفت هذا العامل الترهيبى إلى أن الإرهابيين هم أبناء العائلات، فإن هذا الأمر لايزال يوفر بيئة ملائمة لهم أو حاضنة يلجأون إليها فور تنفيذ عملياتهم.

الأنفاق غير الشرعية بين رفح المصرية ومثيلتها الفلسطينية توفر ملجأ مهما سواء لتهريب البشر أو الأسلحة أو البضائع.

يخرج الإرهابى من بيته حاملا العبوة الناسفة أو المتفجرات، يزرعها فى طريق مرور دبابة أو سيارة لقوات الأمن، ثم يفجرها عن بعد، ويعود لنفس المنزل وحوله أطفال ونساء. أو يهاجم الإرهابى المتحرك كمينا ثابتا لأجهزة الأمن ثم يهرب بسرعة إلى المنزل الآمن وقد يهرب إلى غزة، وبالتالى يتحول سكان سيناء إلى دروع بشرية فى يد الإرهابيين.

لو أن قوات الأمن عملت على الطريقة الإسرائيلية أى اتبعت «سياسة الأرض المحروقة»، فسوف تخسر غالبية سكان سيناء العاديين خصوصا الممزقين بين قربهم من الإرهابيين ورفضهم فى نفس الوقت لإرهابهم.

إذًا كيف يمكن الانتصار على الإرهابيين وفى نفس الوقت عدم خسارة أهالى المنطقة؟!.

هذا هو السؤال الجوهرى ولا أدعى أننى أملك الإجابة الحاسمة عليه، لكن بالدراسة المتأنية والنفس الطويل والإرادة الصلبة يمكننا النجاح فى هذه المعركة الصعبة جدا.

معظم الإرهابيين لا يوجد لديهم ما يخسرونه، هم تم غسيل عقولهم وبالتالى يصعب إقناعهم بأن فكرهم خاطئ. وعلينا أن نناضل بكل الوسائل حتى لا ينضم المزيد من أهالى المنطقة أو عموم المصريين لهم.

نقدر تماما مشاعر الغضب والحزن والقهر لدى غالبية المصريين، لكن فكروا بهدوء فى صيغة يتم بمقتضاها كسب المعركة ضد الإرهابيين لكن نخسر كل أهل سيناء أو غالبيتهم وهى صيغة تعنى أننا لم نكسب شيئا.

مرة أخرى المعركة طويلة ومعقدة وصعبة، لكن يمكن كسبها بالتخطيط والعلم والعمل. علينا أن نتحدث مع كل أهل سيناء الشرفاء حتى لو كان الأمر يتطلب الحديث مع كل فرد على حدة ونقنع من نستطيع بالابتعاد عن الأفكار الهدامة والمتطرفة.

أسهل شىء أن نتحمس ونزايد ونطالب باستخدام حتى القنابل النووية للقضاء على الإرهاب فى سيناء، لكن علينا دائما أن نفكر فى العواقب.

جيد أن نكسب المعركة ضد الإرهاب، لكن نتمنى ألا يكون الثمن هو خسارة كل أهل سيناء.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي