مواجهة الإرهاب.. بعض الحقائق - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 4:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مواجهة الإرهاب.. بعض الحقائق

نشر فى : الإثنين 27 أكتوبر 2014 - 7:55 ص | آخر تحديث : الإثنين 27 أكتوبر 2014 - 7:55 ص

طالعوا خريطة بلاد العرب لتتثبتوا من أن الإرهاب يهاجم الأقاليم محدودة الكثافة السكانية، ولتتيقنوا من أن التنظيمات الإرهابية تستوطن فى العراق وسوريا واليمن وليبيا والجزائر إما المناطق غير الآهلة بالسكان وإما تلك المأزومة حقوقيا وتنمويا ومجتمعيا، إن بسبب طائفية مقيتة أو مذهبية متطرفة على نحو يجعل منها بيئات حاضنة للإرهاب والعنف، ولتدركوا أن سيناء المصرية والمناطق على الحدود الغربية مع ليبيا تحتاج بجانب التوظيف الفعال للأدوات العسكرية والأمنية إلى تقوية وتنشيط التجمعات السكانية الحاضرة هناك والنظر فى مطالبهم الحقوقية والتنموية العادلة بهدف تعبئة طاقاتهم وجهودهم لمواجهة الإرهاب.

عندها ستفهموا العبث المجتمعى والأمنى المرتبط بأفكار تهجير السكان من بعض المناطق فى سيناء.

طالعوا خريطة بلاد العرب لتتثبتوا من أن الانفجارات الإقليمية المتتالية تمكن الظاهرة الإرهابية من تجاوز حدود الدول الوطنية «بسهولة» والتنظيمات الإرهابية من الإفادة من مصادر تسليح وتمويل متنوعة، ولتتيقنوا من أن كبح جماح الإجرام الإرهابى يستدعى تحالفا إقليميا ودوليا واسعا يحد من قدرة الإرهابيين على التنقل عبر حدود الدول الوطنية ويجفف منابع التسليح والتمويل ويمتنع عن «إحلال» تنظيمات إرهابية محل أخرى بغية تحقيق أهداف سياسية قصيرة المدى وضيقة الأفق أو عن التهاون فى مساعى تثبيت مؤسسات وأجهزة الدول الوطنية بمزيج من الحلول التنموية والمجتمعية والقانونية مع الأدوات العسكرية والأمنية، ولتدركوا أن صناع القرار فى مصر عليهم وضع تجفيف منابع تنقل وتسليح وتمويل الإرهاب على أجندة الأطراف الإقليمية وعلى أجندة الحرب الأمريكية الجديدة.

عندها ستفهمون غياب العقل عن الخطاب الإعلامى المصرى الذى يصطنع مواجهات وعداءات متوهمة مع أطراف إقليمية ودولية لها أيضا مصلحة فى كبح جماح الإرهاب كدول خليجية لم تجفف بعد منابع تمويل متاحة للتنظيمات الإرهابية أو كالولايات المتحدة الأمريكية التى تختزل المواجهة فى حرب جوية وصاروخية دون رؤية الأهمية القصوى للملمة أشلاء الدول الوطنية فى المشرق العربى وفى اليمن وفى ليبيا.

طالعوا خريطة النماذج العالمية الناجحة لمواجهة الإرهاب لتتثبتوا من أن تعبئة التجمعات السكانية فى المناطق التى تهاجمها أو تستوطنها التنظيمات الإرهابية لدعم الجهود الرسمية والشعبية ضرورة وجودية وأن سبيلها الوحيد هو الحوار معهم ورفع المظالم عنهم عبر التطبيق العادل للقانون وللانتصار لحقوقهم مع مواجهة الإرهاب، ولتتيقنوا من أن إعداد المسرح الإقليمى والدولى للتضامن بفاعلية مع جهود مواجهة الإرهاب يمثل أيضا شرط نجاح خاصة ونحن فى مصر نحتاج للتنسيق مع أطراف كثيرة لتجفيف منابع التنظيمات الإرهابية، ولتدركوا أن تحصين الداخل فى مصر وإقناع الخارج القريب والبعيد بدعمنا له صلة وثيقة بفاعلية توظيف الأدوات العسكرية والأمنية وبفتح الباب واسعا أمام التضامن الشعبى والحوار المجتمعى الجاد لكى تطمئن ضمائر وعقول الجميع إلى حضور رغبة فعلية للمزج بين الأمن والقانون والحق والحرية وإلى حضور رؤية إيجابية وواضحة عن المستقبل والتنمية والتقدم والعدل الذى سيحملهم.

عندها ستفهموا أن رمزية القارب الواحد والمواطن والوطن والمجتمع والدولة المتعلقين به حقيقة لا نملك ترف تجاهلها.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات