«جنون» مقاطعة الانتخابات النيابية البحرينية - رضى الموسوى - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 1:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«جنون» مقاطعة الانتخابات النيابية البحرينية

نشر فى : الخميس 27 نوفمبر 2014 - 8:05 ص | آخر تحديث : الخميس 27 نوفمبر 2014 - 8:05 ص

وصف السفير البريطانى فى البحرين إيان لينزى من يرى أن البحرينيين قاطعوا الانتخابات فهو «مجنون»، وفق قوله لبعض الصحافة المحلية التى نقلت تصريحه فى صدر صفحاتها. السفير لينزى أدلى بهذا التصريح بينما كان يتجول فى مجمع السيف الواقع فى إحدى ضواحى العاصمة البحرينية المنامة، وهو واحد من اكبر المجمعات التجارية فى البحرين تكثر فيه محلات الماركات العالمية، والمطاعم ودور السينما. ويعتبر هذا المجمع من الأمكنة المفضلة لدى الأشقاء السعوديين الذين يشكلون نحو 70 بالمئة من رواد دور السينما فى البحرين نظرا لعدم وجودها فى بلادهم، ويتواجدون بكثرة فى الإجازة الأسبوعية بسبب قرب المسافة بين البحرين والسعودية. كان المجمع مكتظا كعادته كل أسبوع، وزاد الاكتظاظ بوجود مركز عام للانتخابات النيابية والبلدية التى انتظمت جولتها الأولى فى الثانى والعشرين من شهر نوفمبر الحالى.

تقع السفارة البريطانية فى قلب العاصمة البحرينية، وهو مبنى شيد منذ عقود ما قبل استقلال البحرين عن التاج البريطانى، وهى فى قلب منطقة «رأس الرمان» التى تعتبر واحدة من معاقل المعارضة، لكن سعادة السفير، لم يقم بزيارة للاطلاع على حجم المعارضة التى وصفها بأنها «مجنونة» لأنها قاطعت الانتخابات، كما انه لم يزر مراكز اقتراع الدوائر القريبة من المجمع الذى وصف فيه المعارضة بـ«المجنونة»، حيث كانت خاوية على عروشها من الناخبين طوال اليوم الانتخابى.

موقف السفير البريطانى يعكس تبنيا كاملا للموقف الرسمى الذى تكرر كثيرا على ألسنة المسئولين الحكوميين قبيل وأثناء الانتخابات، التى منعت من رقابتها المنظمات الدولية، كما استخدم الجانب الرسمى وصف «المشاركة الكثيفة فى الانتخابات» للتأكيد على نجاحها. لكن الحقيقة قد تكون فى مكان آخر، حيث رصدت المعارضة البحرينية سير العملية الانتخابية وتوصلت إلى خلاصات مخالفة لتلك التى تحدثت عنها السلطات البحرينية. وجدت المعارضة أن الدوائر الانتخابية التى تتمتع فيها المعارضة بأغلبية قد كانت فارغة ولم يذهب الإعلام الرسمى لها، كما لوحظ تواجد كثيف لآلاف المواطنين الخليجيين الذين تم منحهم الجنسية البحرينية وهم يتدفقون على المركز العام، المنصوب عند الحدود على جسر الملك فهد، لإدلاء بأصواتهم على الجسر دون أن يدخلوا البلاد، وهو أمر يخالف قانون الانتخاب، حيث من غير المعلوم إلى أى دائرة من الدوائر الأربعين ينتمون لكى يدلوا بأصواتهم، وفق ما يشترطه قانون الانتخابات.

•••

تعتبر المراكز العامة بدعة ومحاولة لإخفاء شىء ما عن عيون الناخبين الذين يصوتون فى مركز الدائرة. ويوجد فى الانتخابات الحالية ثلاثة عشر مركزا عاما، كل مركز يمثل كل دوائر البحرين الأربعين، أى أن كل مركز به أربعين صندوق اقتراع، ومن حق أى ناخب أن يذهب إلى أى منها ليدلى بصوته، مما يصعب عملية الرقابة على الانتخابات. وقد سجلت بعض مراكز الاقتراع فى الدوائر الانتخابية شحا فى الأصوات، لم تصل فى إحداها إلى ثلاثين ناخبا، بينما جاءت المراكز العامة بأصوات الناخبين، ما يشكل سابقة.

لكن، ليس هذا جوهر الموضوع، بل الموقف من الانتخابات النيابية فى البحرين. فكما هو معروف حصدت المعارضة فى آخر انتخابات شهدتها البحرين فى العام 2010 أكثر من 63 بالمئة من إجمالى أصوات الناخبين، رغم أن جزءا من قوى المعارضة الراديكالية تحوم نسبته ما بين 10 و15 بالمئة قد قاطع انتخابات 2010، بينما أعلنت كل أطياف المعارضة مقاطعتها للعملية الانتخابية الحالية، إضافة لحالة العزوف فى مختلف الدوائر بسبب ضعف المجلس المنتخب الذى لا يتمتع بالسلطات التشريعية والرقابية المتعارف عليها، وتوجه الناخبين للجلوس فى منازلهم، ما حدا بالجانب الحكومى التلويح بعقوبات تمنع الخدمات العامة عمن لا يذهب إلى صناديق الاقتراع، وقد جاءت التهديدات على لسان أكثر من مسئول حكومى ونشرتها الصحافة لإشاعة الخوف بين الناخبين، وأكمل التهديد خمسة وعشرين من رجال الدين الموالين للحكم عندما أصدروا فتوى دينية تقضى بأن حكم المشاركة فى الانتخابات فى البحرين هو الوجوب الشرعى بأدلة نقلية وقواعد شرعية»، حسب البيان الذى شارك فى التوقيع عليه تسعة قضاة وزعيم جمعية تجمع الوحدة الوطنية الذى خسرت جمعيته كل مرشحيها للمقاعد النيابية والبلدية الأربعة عشر من الجولة الأولى. لم تصل نسبة المشاركة فى الانتخابات الحالية إلى 40 بالمئة، وقدرتها المعارضة بنسبة 37 بالمئة، ما يعنى نجاح الدعوة لمقاطعة الانتخابات.

•••

لقد وجدت قوى المعارضة فى الانتخابات النيابية والبلدية تكريسا للأزمة السياسية الدستورية التى تعصف بالبلاد منذ الرابع عشر من فبراير 2011، ولا تزال مستفحلة حتى اللحظة، حيث أفرزت أزمات اقتصادية واجتماعية تتناسل الواحدة من الأخرى، فضلا عن استمرار انتهاكات حقوق الإنسان بما فيها القتل خارج القانون والتعذيب فى السجون. فقد بلغ الدين العام أكثر من 13.2 مليار دولار، بينما استمر العجز فى الموازنة العامة ليصل إلى مستويات غير مسبوقة تماشيا مع تراجع أسعار النفط، إذ تخسر الموازنة أكثر من 45 دولارا لكل برميل نفط وتصل الخسائر اليومية إلى تعسة ملايين دولار، حيث إن نقطة التعادل فى الموازنة البحرينية مقومة على 120 دولارا للبرميل. فى هذا الوقت يزداد الفساد الإدارى والمالى، ويتسبب فى مضاعفة أزمة الإسكان بوقوف أكثر من 55 بالمئة من البحرينيين فى طوابير الخدمات الإسكانية وتصل البطالة إلى 16 بالمئة حسب التقارير الدولية، فى دولة يشكل فيها المواطنون أقلية.

إن مقاطعة المعارضة البحرينية للانتخابات جاء بسبب عدم وجود مجلس نيابى منتخب كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية، يشاركه التشريع مجلس معين وتطبق السلطة التنفيذية على الاثنين، رغم تقدم المعارضة بمبادرات ومقترحات عديدة لحلحلة واقع الأزمة المرشحة للتفاقم فى ظل رفض النظام السياسى الدخول فى مفاوضات جدية حول الإصلاح الجذرى فى السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والأمن والدوائر الانتخابية التى فصلت على مقاسات طائفية تكرس الأزمة.

رضى الموسوى نائب الأمين العام للشئون السياسية بجمعية العمل الوطنى الديمقراطى «وعد» .. البحرين
التعليقات