عندما تعشق الفوضى - عصام رفعت - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 8:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عندما تعشق الفوضى

نشر فى : الخميس 27 نوفمبر 2014 - 8:05 ص | آخر تحديث : الخميس 27 نوفمبر 2014 - 8:05 ص

مع الاعتذار أولا للمطربة الكبيرة اليسا عن استعارة عنوان إعلانها المدهش عندما تعشق الشيكولاتة فهل هناك شعب يعشق الفوضى (فوضى السلوكيات) مثل شعبنا المصرى؟ انظر حولك تجد كل شىء بلا استثناء يفوح بالفوضى والتى أصبحت نظاما مصريا خالصا لا مثيل له فى العالم ولا يجرؤ أحد على الاقتراب منه أو محاولة إصلاحه.

إن الفوضى هى مرادف لغياب القواعد السليمة التى ينبغى أن يتبعها الجميع من أبناء المجتمع وتطبق عليهم بلا أى استثناءات ودون تذكير بما يجب أن يكون وبما لا يجب.

والفوضى التى سادت نشاط المجتمع وحركة الأفراد هى أفضل مناخ لضياع حقوق المواطنين وتملصهم من أداء الواجبات والالتزامات المكلفين بها ومن شأن شيوع هذه الفوضى العارمة ليس فقط الإبقاء على حالة التخلف الراهنة ولكنها تقضى إلى مزيد من العودة إلى الوراء. لقد ضاعت القواعد وتدهورت مؤسسات المجتمع التى أصبح طريقها كأنه بغير علامات توضيحية أو إشارات تفصح عن مواطن الخطأ التى يجب اجتنابها والخطوات السليمة التى ينبغى اتباعها، فقد اختلط الحابل بالنابل وتكفى نظرة سريعة إلى كثير من شوارع العاصمة وميادينها لشرح حالة الفوضى التى اجتاحتها وسكنت فيها.

هل هناك فى أمم الدنيا فرد فى غير مصر يقف فى الشارع ثم يشير إلى أى وسيلة مواصلات فتتوقف له فى أى مكان وفى أى وضع حتى يستقلها؟

هل هناك فى أمم الدنيا تعليم على الكيف يمضى موازيا لتعليم الحكومة دون أن يتوقف أحد ويسأل ما هذه الفوضى فى التعليم وأين هذا التعليم من قوة الدولة وقوانينها ورقابتها وحرصها على أداء الرسالة التعليمية على نحو يحقق الأمن القومى للبلاد؟.

هل توقف أحد أمام الأداء الهزيل للمواصلات العامة وان هذا البلد الفقير تتزايد فيه أعداد السيارات الخاصة وأشباه النقل العام على العكس تماما من الدول المتقدمة التى أحد معالمها البارزة توافر منظومة متكاملة وآدمية وشديدة الانضباط من شبكة المواصلات العامة المتاحة أمام كل الناس؟ وهل حاول أحد دراسة مدى التأثير على المجتمع ونشاطه وإنتاجيته وسلوكيات الأفراد وانضباطهم جراء هذا الأداء الهزيل ومعه مجموعة العناصر الأخرى كالشلل المرورى الذى أصبح يصيب الشوارع ــ عمال على بطال.

وهل هناك فوضى سائدة أكثر من أن أبناء الوطن يعبثون ويهدرون كل امكانياتها ومواردها والأمثلة هنا كثيرة منها فوضى الأرض الزراعية التى إما أن أصابها التفتت وبالتالى بعدت عن الزراعة المنتجة على المستوى القومى للوفاء باحتياجات السوق والتصدير، وإما يزرعون على الكيف بعيدا عن دورة زراعية علمية وسليمة فمثلا يفرطون فى زراعة الأرز الشره لاستخدام المياه بينما يهملون فى زراعة القطن وتنزل مصر من على عرش القطن العالمى وتستورد قطنا قصير التيلة لا يصلح لمغازلنا ومصانع الغزل والنسيج المصرية.

إننى شديد الإيمان بأن نصف مشاكلنا يمكن حلها بالنظام وتطبيق القواعد بعدالة ومساواة بعدما أفرط شعبنا فى الفوضى لدرجة الإدمان التى باتت تحتاج علاجا. والقضية ليست مستحيلة والمصرى ليس أحد عجائب الدنيا ومن الممكن أن ينطوى تحت قواعد ونظام ويصبح جزءا منها وهنا المشاهد كثيرة مثلما يحدث له عند سفره إلى الخارج حتى لو كانت أول مرة أو أصغر دولة فالمصرى يترك الفوضى وراءه فى المطار ويستقل الطائرة إلى وجهته المسافر إليها وأيا كان الغرض من السفر فإنه يتحول هناك إلى إنسان مختلف تماما فى ممارساته عما يفعله على أرض وطنه، فما هو السر وراء ذلك؟ إنها قصة تحتاج إلى دراسة وتحليل.

عصام رفعت من ابرز الكتاب الإقتصاديين فى مصر والوطن العربى ، عمل رئيسا لتحرير الأهرام الإقتصادى ومقدما لبرنامج المنتدى الإقتصادى بالتليفزيون وشارك فى العديد من المؤتمرات المحليه والعربيه والدوليه وله العديد من المقالات بالأهرام والصحف العربيه والدوريات العلميه.
التعليقات