كيف يمكن التعامل مع يأس الإخوان؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 7:46 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف يمكن التعامل مع يأس الإخوان؟

نشر فى : الخميس 27 نوفمبر 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 27 نوفمبر 2014 - 8:00 ص

قبل أيام قليلة قابلت قياديا إخوانيا ليس من الصف الأول المعروف وتناقشنا لمدة زادت على ثلاث ساعات تقريبا.

هذا القيادى، كنت أحسبه دائما من المعتدلين، المدركين للبديهيات، لكن هذه المرة اكتشفت للأسف ان تفكيره صار متشددا، بل ويردد أفكار «التراس الإخوان»، والتى لا تختلف كثيرا عن حكايات التراس الحكومة مثل «أسر الجنرال الأمريكى فى البحر».

سألت الرجل: ألا تخشون ان تحركاتكم الراهنة قد تقودنا إلى الحالة السورية العراقية، وأنكم ستدخلون التاريخ فى هذه الحالة باعتباركم تسببتم فى حرب أهلية أو على الأقل سقوط آلاف الضحايا؟! إجابة الرجل كانت مفاجئة وهى أن الإخوان صاروا يعتقدون أننا وصلنا بالفعل إلى الحالة السورية.

فى تقدير الرجل ان غالبية عناصر الإخوان وصلت إلى قناعة شبه نهائية خلاصتها ان الصدام المسلح واسع النطاق قادم لا محالة.

هو يقول إن الجماعة تمكنت من امتصاص الصدمة، وأعادت تشكيل مكتب إرشادها بالكامل داخل مصر عبر قيادات معظمها من الشباب، وان هناك حرية حركة للأعضاء والتصرف حسب الظروف.

قلت له إن طريقة وسلوك الإخوان على الأرض تشير إلى ان التنظيم تعرض لضربة قاصمة، وان كلامه ربما كان من قبيل بث الروح فيما تبقى من الأعضاء، وانه لو كان هناك تنظيم لايزال يعمل بالفعل، ما كنا قد شهدنا كل هذه الفوضى والقرارات المتناقضة والغريبة.

تحدث الرجل كثيرا فى أمور اعتقد ان هدفها كان اقناعى ان التنظيم لايزال بخير، لكن الذى توقفت عنده أكثر هو حالة اليأس التى أصابت الكثير من الإخوان.

إذا صح هذا الشعور، فلابد أن تنتبه أجهزة الدولة، لأن حالة اليأس عندما تصيب جماعة بحجم الإخوان، فلابد أن يكون هناك ثمن قد يدفعه المجتمع.

هل يعنى كلامى أن نعتذر للإخوان، ونقول لهم: نرجوكم أن تعودوا للحكم مرة أخرى؟! بالطبع لا، ولكن علينا ان نتدبر فى الحكمة الشهيرة التى أطلقها نابليون بونابرت وخلاصتها انه لا ينبغى لك ان تفرض الحصار الشامل والكامل على خصمك أو عدوك، بل ان تترك له ثغرة ليهرب منها، المعنى هنا ان الأمن مهم جدا وعنصر فاعل وحاسم فى التعامل مع كل الخارجين على القانون والمتطرفين والإرهابيين، ولكن ينبغى أن تكون هناك سياسية فى كل الأوقات حتى تلك التى يلعلع فيها الرصاص، وعندما تغيب السياسة يصبح الرصاص عشوائيا وبالتالى قد يضل طريقه، ويصيب من يطلقه.

حتى لو كانت الحكومة قد وصلت إلى قناعة نهائية بأن جماعة الإخوان حسمت خيارها وقررت تبنى العنف علنا واللجوء مثلا إلى تكوين ميليشيات منظمة على غرار «الجيش الحر» أو أنصار الشريعة والنصرة، فعليها ان تدرك ان هذا سيترتب عليهاأولويات وسياسيات مختلفة.

فى هذا الصدد على الحكومة ان تناقش بوضوح كيف ستعمل فى ظل سياسة صدام مفتوح وطويل الأمد مع الإخوان الذين لن يتورعون عن اللجوء لكل الأسلحة غير المشروعة. على الحكومة أيضا ان تهيئ المجتمع فى هذه الحالة لمرحلة طويلة من الصدام والعنف.

فى كل الأحوال ينبغى ان يكون لدى الحكومة سيناريوهات متعددة تتعامل مع كل التوقعات المقبلة، وأهمها الصورة التى سيكون عليها الإخوان والطريقة التى سيتصرفون بهان وكيف سيكون التعامل مع هؤلاء الأعضاء الموجودين فى قطاعات ليست قليلة من المجتمع.

ليست القضية متعلقة بالخارج سواء كان غربيا أو خليجيا، بل متعلق أساسا بسلامة المجتمع وضرورة توحده وتماسكه، وقدرته على: إما إقناع الإخوان بفشل خياراتهم، أو احتواء بعضهم أو عزلهم عن المجتمع وهذا أضعف الإيمان.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي