المنسيون - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:43 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المنسيون

نشر فى : الخميس 27 نوفمبر 2014 - 8:25 ص | آخر تحديث : الخميس 27 نوفمبر 2014 - 8:25 ص

فى خضم الحرب التى تخوضها مصر ضد الإرهاب سقط بسطاء كثيرون من دائرة اهتمام السلطة التى تتعامل مع هذه الحرب بطريقة تعكس قصورا واضحا فى التفكير والقدرة على المواجهة الشاملة التى تضمن تحقيق النصر فى النهاية.

المأساة أن هؤلاء البسطاء المنسيين الذين سقطوا من حسابات الحكومة يمكن أن يتحولوا بمرور الوقت إلى تربة خصبة لبذور التطرف والإرهاب والكراهية، عندما يجدون أنفسهم يدفعون ثمن الحرب ضد الإرهاب دون أن يلتفت إلى معاناتهم أحد. ومن هؤلاء المنسيين عشرات الآلاف من طلاب الجامعات المغتربين المتضررين من قرارات غلق المدن الجامعية بهدف منع مظاهرات طلبة جماعة الإخوان المسلمين. فالمسئولون الذين قرروا غلق المدن الجامعية، لم يفكروا فى عشرات الآلاف من الطلبة الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل فى هذه الحرب الدائرة بين السلطة ومعارضيها، فاكتفوا بإغلاق المدن ولم يفكروا فى تقديم أى بديل لهؤلاء المواطنين.

لماذا لم يفكر المسئولون فى تحويل مخصصات المدن الجامعية إلى دعم مادى مباشر للطلبة المستحقين للسكن فيها حتى تتم إعادة فتح المدن الجامعية. مثل هذا الحل لن يضيف أى أعباء جديدة على الدولة. فبحسب المسئولين فإن طالب المدينة الجامعية يكلف الدولة حوالى 700 جنيه شهريا، ولما كانت المدينة مغلقة فالجزء الأكبر من هذه النفقات مجمد وكان من الممكن تحويله إلى دعم مادى مباشر يعين هؤلاء الطلبة على تحمل نفقات السكن الخارجى حتى زوال الغمة.

المشكلة أن قرار غلق المدن الجامعية لا يضر إلا البسطاء الذين قد تدفعهم المعاناة والشعور بتخلى الدولة عنهم إلى معسكر التطرف. فجماعة الإخوان دائما ما تقدم الدعم المالى لطلبتها وتوفر لهم السكن الخارجى والمساعدات المالية، ولذلك يتواصل شغبهم وعنفهم فى الجامعات رغم غلق المدن. فى المقابل يعيش آلاف الطلاب الآخرين معاناة كبيرة قد يدفعون ثمنا باهظا لها من مستقبلهم بسبب صعوبة الانتظام فى العملية التعليمية.

إن الساقطين من ذاكرة الحكومة كثيرون، لأنها تختار دائما الحلول السهلة مادام سيدفع ثمنها البسطاء. فالحكومة اختارت غلق محطة مترو أنفاق التحرير رغم أهميتها الكبرى دون تفكير فى أى بدائل تتيح تشغيل المحطة تخفيفا عن مئات الآلاف من المواطنين وفى نفس الوقت تضمن الاعتبارات الأمنية. والحكومة اختارت إصدار ترسانة قوانين تحرم المواطنين من الكثير من حقوقهم لأنه «لا صوت يعلو على صوت المعركة» ضد الإرهاب. والحكومة اختارت الحل الأمنى وتجاهلت التفكير فى أى حلول أخرى للتعامل مع «فئة ضالة أو مضللة» من المجتمع.

بالطبع الحرب التى يخوضها المجتمع المصرى حاليا ضد الإرهاب لها ثمنها، وعلينا جميعا تحمل هذا الثمن لأن الخطر يهدد الجميع. لكن من المهم أن يكون لدينا سلطة تسعى لتوزيع هذا الثمن بطريقة عادلة على كل الفئات، والأهم أن يكون لدى السلطة القدرة على تقديم أفكار تقلل هذا الثمن إلى حده الأدنى خاصة بالنسبة للبسطاء الذين لا يكادون يملكون شيئا يقدمونه للبلد إلا أرواحهم.

ولكن ما نراه هو أن السلطة تسعى إلى استغلال هذه الحرب لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية والأمنية بالنسبة لها، ولا تفكر فيما يمكن عمله للحد من معاناة البسطاء المنسيين من هذه الحرب حتى نقطع الطريق على انضمام ضعاف النفوس منهم إلى معسكر الخراب والتطرف.

التعليقات