ليست هذه وعود الثورة - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 10:57 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليست هذه وعود الثورة

نشر فى : الجمعة 27 ديسمبر 2013 - 7:30 ص | آخر تحديث : الجمعة 27 ديسمبر 2013 - 7:30 ص

بات المشهد السياسى فى مصر أكثر تعقيدا بعد إعلان حكومة الدكتور حازم الببلاوى، جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، فأولا لم يعد هناك أى مجال للحوار بين الجماعة والحكومة، فقط المواجهة الأمنية مع كل ما هو إخوان، وربما ذلك لا يسبب مشكلة للقيادات لأن غالبيتهم فى السجون إلا القليل منهم، بينما تكون المشكلة الكبرى أمام قواعد الجماعة التى أصبحت فى مأزق حقيقى، بين الاستمرار فى الاحتجاج أو الاستسلام للأمر الواقع، ومحاولة البحث عن مخرج آمن للحفاظ على أى مستوى من مستويات الأمان، فى مقابل مأزق أمنى يستوجب مواجهة كل ما هو إخوان وفقا للقانون، وهو ليس بالأمر الهين، وتبدو النصيحة للطرفين، الآن، حرثا فى البحر، وعبثا لا طائل منه، ولا يبقى سوى بعض قيادات ما يسمى بتحالف دعم الشرعية، والذين لا ينتمون للإخوان والذين أعلنوا أكثر من مرة انحيازهم للسلمية، أعتقد أن هؤلاء يملكون الكثير لتهدئة الوضع لصالح الجميع، خاصة قواعد الجماعة، التى ذهبت لنقطة غاية فى الصعوبة، بسبب جل ممارساتها منذ منتصف العام الماضى.

ثانيا، دخلت جميع الأصوات التى تنادى بضرورة الحوار مع الجماعة إلى مأزق آخر، فلا يمكنها تكرار ما كانت تفعله منذ عدة أشهر، فكل شيء صار مجرما الآن، وما كان مسموحا به قبل أيام، لم يعد متاحا اليوم، فتقريبا انعدمت السياسة، وأغلقت جميع أبواب الحلول المجتمعية، ولا يبقى سوى مراقبة ما لدى الدولة من حلول أمنية لم يكن يتمناها أحد بما فى ذلك الدولة نفسها، والتى أصبحت مضطرة لذلك أمام الحوادث الإرهابية التى لم تلق أى استنكارات جدية من جماعة الإخوان التى أصرت على ممارسة العنف فى مواجهة الجميع بما فى ذلك المواطنون البسطاء، وهى حوادث لم يلتفت إليها أحد، فقد كانت غالبيتها تقع فى مدن وقرى بعيدة تماما عن اهتمامات الإعلام، لكن أصوات نخب سياسية كانت تعكس رغبات جامحة لاعلان الإخوان جماعة إرهابية فى أعقاب كل حادثة أو ممارسة للعنف، وهو الأمر الذى لم تجد حكومة الدكتور الببلاوى أمامه إلا إعلان ذلك بعد جريمة تفجير مديرية أمن الدقهلية والذى تزامن مع بيان للجماعة يدعو فيه أفراد القوات المسلحة التمرد على الخدمة، وهو تصعيد خطير وغير مفهوم، وعكس إصرار الجماعة على مواجهة الجيش والشرطة، وعدم الاستجابة لأى دعوة من دعوات الحوار المتعددة، والتى جاءت على هيئة مبادرات من أحزاب وشخصيات تلقى قبولا من الرأى العام.

المشكلة التى لا يدركها الجميع، بما فيهم جماعة الإخوان، أن أعضاء الجماعة والمناصرين لها، مواطنون مصريون، يعيشون على ذات الأرض ويتزاملون ويتجاورون مع جموع الشعب المصرى، فنحن فى حالة عيش مشترك حقيقية، لا أفهم كيف أصر الجميع على تجاهل حقيقتها، ونسيانها، لصالح الصراع السياسى المقيت الذى وجدنا فيه أنفسنا منذ نهايات شهر إبريل الماضى، وتصاعد فى منتصف شهر يونيو مع مؤتمر دعم سوريا وإقامة منصة رابعة، دون أن يلتفت جميع هؤلاء، إلا أن هناك شعبا مسالما يرفض كل ذلك، يريد أن يمضى أيامه فى الحياة بهدوء، ويكفيه مواجهة ظروف المعيشة الصعبة، ولم يكن يرغب أبدا فى العيش فى مثل تلك اللحظة التى نعيشها، وهو لا يملك الآن سوى سب الثورة ولعنها، ولا يمكن أن ندينه فى ذلك، فقد وعدته الثورة بأمور أخرى غير تلك التى يعيشها اليوم، لندخل جميعا الآن فى حيرة حقيقية حول كيفية إنقاذ الثورة من هذا الصراع الذى لا يمكنه أبدا تحقيق أى شيء من أهدافها، ولا من طلبات جماهيرها، المشهد يبدو قاتما، ولا يمكن أبدا أن نسامح من تسبب فيه.. لا سامح الله من فعل ذلك ببلادنا.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات