كيف تحمى نيويورك سجلات الشرطة من الرأى العام؟ - قضايا إعلامية - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 5:59 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف تحمى نيويورك سجلات الشرطة من الرأى العام؟

نشر فى : الأربعاء 28 يناير 2015 - 8:30 ص | آخر تحديث : الأربعاء 28 يناير 2015 - 8:30 ص

نشرت صحيفة كولومبيا جورناليزم ريفيو تقريرا كتبه ديفيد أوبرتى حول عدم إجازة القانون السماح للرأى العام بالإطلاع على سجلات رجال الشرطة وهو ما أثير بعد حادثة مقتل مواطنين أمريكيين على يد رجال الشرطة. فمع تكثف الحوار الوطنى حول العلاقات بين الشرطة والمجتمع فى الأشهر الأخيرة، صعّد دعاة الشفافية الحكومية فى ولاية نيويورك نضالهم ضد القانون الذى يسمح لهيئات إنفاذ القانون بالحفاظ على سرية جميع سجلات العاملين لديها تقريبا.

ويشير أوبرتى إلى تقرير تم تسليمه إلى المحافظ والمجلس التشريعى للولاية يحث إدارات الشرطة إلى إلغاء قانون يجيز الحفاظ على سرية «جميع سجلات الموظفين، المستخدمة لتقييم الأداء نحو الاستمرار فى العمل أو الترقية». فقد صدرت المادة رقم «50 أ» من قانون الحقوق المدنية فى النظام الأساسى، عام 1976 لحماية الضباط الذين يخدمون كشهود فى محاكمة، خلال استجوابهم من قبل محامى الدفاع فى القضايا الجنائية. ويقول منتقدون إن القانون تم توسيع نطاقه على مر السنين ليشمل ليس فقط مراجعات الأداء البسيطة، ولكن أيضا التحقيقات والتقارير المتعلقة بسوء سلوك الشرطة. أما جانب المدافعين عن القانون، فيصرون أنه ضرورى للحفاظ على سلامة الشرطة. فكما قال جيمس ميلر، المتحدث باسم الضباط الإصلاحيون فى ولاية نيويورك واتحاد الشرطة الخيرى، لصحيفة ألبانى تايمز يونيون إن «اتاحة المعلومات الشخصية التفصيلية لاطلاع المجرمين المدانين، من المحتمل أن يعرض ضباطنا وأسرهم للخطر».

•••

غير أن السجلات المحمية بالقانون، غالبا ما تشمل تحقيقات داخلية فى مخالفات الشرطة. حيث يشير أوبرتى إلى ما كتبته لجنة الحكومة المنفتحة فى توصياتها، فى صحيفة ألبانى أن «هذه السرية لا مبرر لها، وتقضى على هدف قوانين حرية المعلومات من الشفافية والمساءلة». وقال روبرت فريمان، المدير التنفيذى للجنة: «أشعر أنه من أسوأ القوانين التى سنت فى هذه الدولة»، مضيفا: «إن مجموعة من الموظفين العموميين، الذين يمتلكون السلطة الأكبر على حياة الناس هم الأقل خضوعا للمساءلة.. ويبدو أن نطاق المادة 50 ــ أ يتوسع طوال الوقت. فأين تتوقف؟»

ولا شك أن الحصول على سجلات الشرطة، أمر بالغ الصعوبة بالفعل. فيكشف أوبرتى عن تقريرا أعده بيل دى بلاسيو عام 2013، الذى كان آنذاك المحامى العام فى مدينة نيويورك، أن قسم شرطة المدينة، أكبر قسم فى البلاد، لم يستجب لأكثر من 30 فى المائة من طلبات حرية المعلومات خلال فترة الدراسة التى استغرقت ثلاثة أشهر.

علاوة على ذلك فى 2013، نُشر تحقيق فى صحيفة نيوزداى عن مخالفات الشرطة، والذى كشف عدم وجود رقابة فى جميع أنحاء لونج آيلاند، ويرجع ذلك إلى حد كبير للمادة 50-أ. وكتبت ساندرا بيدى وآدم بلايفورد «قتل ضباط شرطة أبرياء بالرصاص، وقاموا بتزوير تقارير رسمية، والتلاعب فى عمليات الاعتقال بتهمة قيادة السيارة تحت تأثير مخدر لزيادة الأجر الإضافى، والكذب أمام النيابة والمحققين»، وتابعا: «أحيانا يصل السلوك السيئ لضابط إلى الرأى العام، مسببا إحراجا لغالبية الضباط الذين يقضون حياتهم المهنية يخدمون بشرف. ولكن فى أكثر الأحيان، يبقى سوء السلوك مستترا بالمادة 50-أ من قانون الحقوق المدنية، الذى يجعل أى سجل يمكن استخدامه للحكم على أداء أحد الضباط سريا».

وفى اليوم التالى لصدور تحقيق نيوزداى، جاء رئيس نقابة الشرطة المحلية جيمس كارفر، منتقدا للتحقيق، مرتئيا أن المادة 50 ــ أ «توقف الهراء» إذا سعى أحد المحامين إلى «تشويه سمعة ضابط شرطة». بينما يرى المعارضون أن إمكانية الاغتيال المعنوى بهذا المعنى، مبالغ فيها.

•••

ويبدو أن القانون يدعمه النفوذ السياسى للمؤسسة الأمنية على حد قول أوبرتى، فقد أصبح حاجزا قويا أمام سعى وكالات الأنباء للحصول على بيانات عن سوء سلوك الشرطة ومدى الانضباط. وعلى سبيل المثال، خاضت صحيفة تايمز يونيون معركتين قانونيتين حول سجلات موظفين محمية بالقانون فى السنوات الأربع الماضية.

وأقامت نيوزداى دعوى مماثلة ضد إدارة شرطة مقاطعة ناسو للإفراج عن تحقيق داخلى، من بين سجلات أخرى، عن قضية قتل فى عام 2009 لم يتم فيها تقديم القاتل للعدالة. وعلى الرغم من أن قاضى المحكمة العليا لولاية نيويورك، أصدر حكما لصالح إدارة البوليس، توضح وثائق المحكمة أن الصحيفة استأنفت ضد الحكم.

وفى ذلك قال ديبى كرينيك، مدير تحرير نيوزداى، فى بيان: «نيابة عن القرّاء، نحن ملتزمون بالوصول إلى المعلومات المهمة فلدى الجمهور الحق فى المعرفة».

ويعرض أوبرتى حالات أخرى، ففى عام 2009 تعرضت جوانا بيرد المقيمة فى لونج أيلاند للتعذيب وقُتلت فى عام 2009 بيدى صديقها السابق ليوناردو فالديزكروز، الذى كان فى ذلك الوقت يعمل مخبرا بالشرطة. وقال مسئولو إنفاذ القانون فى وقت لاحق أن تقرير الداخلية كشف أن سبعة على الأقل من ضباط الشرطة فشلوا فى التحقيق فى شكاوى العنف المنزلى قبل قتل جوانا بيرد. وبعد أن رفعت عائلتها دعوى قضائية، أقرت محكمة مقاطعة ناسو تسوية بقيمة7.7 مليون دولا فى يناير 2012.

ولكن لم يصدر حتى الآن التقرير الذى يفسر للرأى العام السبب وراء مثل هذا المبلغ الكبير. والأكثر من ذلك، أن بيتر شميت نائب المقاطعة ألمح بعد التسوية إلى وجود سوء سلوك أكثر مما تم الاعتراف به علنا، قائلا: «هناك 22 من ضباط الشرطة فى هذه المقاطعة ورد ذكرهم فى ذلك التقرير السرى، يجب أن يخجلوا من النظر إلى أنفسهم فى المرآة «وليس لدىّ قرّاء نيوزداى ــ دافعى الضرائب فى مقاطعة ناسو ــ أى فكرة عمن هم هؤلاء الضباط أو ما فعلوه.

وفى أبريل 2012، طلبت نيوزداى تقرير الداخلية، جنبا إلى جنب مع ملفات قضية بيرد وفالديز ــ كروز، تحت قانون طلب حرية المعلومات. واستند قسم الشرطة إلى المادة 50 ــ أ فى رفضه للطلب، مضيفا أن الصحيفة لم تحصل على إذن من الضباط المذكورين فى التقرير ــ المختوم ــ لإصداره. وتم رفض ثلاثة طعون إدارية لاحقة قدمتها الصحيفة أيضا لأسباب مشابهة. وقال نائب المدعى العام للمقاطعة بريان ليبرت منكرا حق نيوزداى فى الاستئناف النهائى، حيث إن السجلات المتعلقة بالقضية كانت أيضا جزءا من تقرير الشئون الداخلية، وأن هذه السجلات تستخدم لتقييم الأداء بهدف الإبقاء على الضباط فى العمل أو ترقيتهم.

وعلى الرغم من أنه لا يكاد يكون هناك ضغط سياسى فى الوقت الحالى لتقليص أو إلغاء المادة 50 ــ أ من وجهة نظر أوبرتى، بيد أن ضغط الرأى العام لتحسين الإشراف على وكالات إنفاذ القانون آخذ فى الازدياد. وقد أثارت عمليات القتل الأخيرة، التى اقترفتها الشرطة، وكان ضحاياها مايكل براون فى فيرجسون، ومو، واريك جارنر فى مدينة نيويورك، وغيرها فى جميع أنحاء البلاد الجدل الوطنى حول سوء السلوك والمساءلة.

•••

وفى نفس الوقت، يشير أوبرتى إلى إطلاق جمعية المساعدة القانونية، وهى منظمة غير ربحية تمثل المصلحة العامة لمحدودى الدخل من سكان نيويورك، وأنشأت مشروع المساءلة الشرطى، وقاعدة بيانات لتتبع سوء سلوك الشرطة التى غالبا ما تخفيه المادة «50 ــ أ» والقوانين ذات الصلة. وقالت جوستين لونجو، رئيسة الجمعية، ضد الممارسات الإجرامية إن المبادرة تجمع المعلومات من الدعاوى والشكاوى المدنية، وتقارير وسائل الإعلام، ومصادر أخرى، وتهدف إلى إعلام المحامين عندما يكون ضابط الشرطة الذى يعمل على قضيتهم لديه تاريخ من سوء السلوك.

وأوضحت «فى الدعوى القضائية، أجرى بانتظام مجموعة من البحوث على ضباط الشرطة الذين يتولون قضيتي»، وأضافت «الجديد هو العمل على الصورة الأكبر أبعد من تلك الحالة الواحدة ــ حول الربط بين النقاط من حالة إلى أخرى».

وتستخدم جمعية المساعدة القانونية المعلومات من قاعدة البيانات لتعزيز جهودها فى الدعوة للإصلاح، على الرغم من أن البيانات سوف لن تكون متاحة للجمهور. ويشير أوبرتى إلى استمرار الشرطة فى رفض أو تجاهل طلبات وسائل إعلام نيويورك للعديد من وثائق الشرطة الداخلية. مشيرا إلى ما أوصت به لجنة الحكومة المنفتحة باتخاذ إجراءات بسيطة، مثل التغيير والتبديل فى القانون لحماية سجلات الموظفين بحيث تستخدم «فقط» لتقييم الأداء.

التعليقات