مناقشة احتمال قتل الأمن المصرى لريجينى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:53 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مناقشة احتمال قتل الأمن المصرى لريجينى

نشر فى : الإثنين 28 مارس 2016 - 10:20 م | آخر تحديث : الإثنين 28 مارس 2016 - 10:25 م
مساء السبت الماضى كنت ضيفا على الفضائية المصرية مع الزميل تامر ناصر، وسألنى عن مقالى الذى نشرته فى «الشروق» فى ذلك اليوم بعنوان «الداخلية وريجينى واللبس فى الحيط». اللواء أبوبكر عبدالكريم مساعد وزير الداخلية للعلاقات العامة والإعلام، أجرى مداخلة فى البرنامج، وسألته سؤالا مباشرا هو: هل هناك اتهام مباشر لعصابة الخمسة المقتولة بأنها تقف وراء مقتل جوليو ريجينى؟!.

الرجل نفى بوضوح، وأضاف أنهم لم يقولوا ذلك، والتحقيقات لا تزال مستمرة.

إذًا قاتل ريجينى لايزال مجهولا، لكن القضية تتعقد يوما بعد يوم.

من بين الاحتمالات المتعددة لمن يقف وراء قتل ريجينى يطرح البعض احتمال أن يكون أحد أفراد الأمن المصريين هو الذى ارتكب الجريمة؟!.

أصحاب هذا الاحتمال يقولون إنهم يستبعدون تماما تورط جهاز أمن رسمى فى هذه العملية، لأن حدوث ذلك يعنى كارثة كبرى، لكنهم يطرحون سيناريو خلاصته أن أحد أفراد الأمن أو مجموعة صغيرة منهم ألقت القبض على ريجينى، يوم ٢٥ يناير.
  
هذه المجموعة تأثرت بما تسمعه كل يوم فى بعض البرامج الحوارية الصارخة التى تتحدث عن المؤامرة الأجنبية، وربما اعتقدت أن هذا الباحث ضالع فى هذه المؤامرة، فبدأت فى استجوابه بالطرق المصرية التقليدية فمات بين أيديها. وأنها لم تكن تنوى قتله، لكن قلة كفاءتها فى التعذيب قادت إلى هذه النهاية المأساوية.

للمرة الألف أتمنى أن يكون هذا الاحتمال خاطئا ومكذوبا، وأن ريجينى قتل لأى سبب آخر بخلاف أن يكون هناك تورط رسمى أو حتى غير رسمى قاد إلى هذه النهاية الكارثية.

لكن فى السياسة علينا أن نناقش كل الاحتمالات ونستعد لها. ولنفترض أن هذا الاحتمال هو الصحيح ــ لا قدر الله ــ فماذا علينا أن نفعل؟.

إذا اكتفشنا خلال مراحل التحقيق الجارية أن هناك تورطا من أفراد أمن مصريين ففى هذه الحالة علينا أن نبادر فورا إلى إعلان الحقيقة أمام الرأى العام.

ليس فقط لإرضاء الإيطاليين ــ الذين وقفوا بجانبنا بقوة فى السنوات الأخيرة ــ ولكن لإظهار الحق والحقيقة، وحتى لا يدفع آخرون ثمن هذه الجريمة الغريبة.

فى حال صحة هذا السيناريو فإن إعلان الحقيقة الآن وبسرعة أفضل مليار مرة من تأخيرها. فى كل الأحوال سندفع ثمنا، لكن التأخير قد يزيد من حجم الفاتورة. ليس عيبا أن يخطئ فرد أو مجموعة أفراد فى أى جهاز أمنى طالما أنها ليست أوامر مباشرة من وزير أو جهاز ــ لكن العيب الخطير أن تستمر التغطية عليهم خصوصا فى مثل هذه النوعية من الجرائم. وحتى لو تورط أى مسئول فإن مصلحة مصر فوق الجميع.

سألت العديد من المسئولين عن إمكانية تورط الأجهزة الأمنية المصرية فى هذا الحادث، فأنكروا جميعا بصورة واضحة. مرجحين إما وجود حادث جنائى وإما تورط أجهزة مخابرات إقليمية ودولية عبر مجموعات محلية فى الحادث لفرض المزيد من العزلة على مصر.

المشكلة فى هذه الردود أن طريقة تعامل وزارة الداخلية مع الحادث منذ الكشف عنه قبل نحو شهرين، كانت كارثية، وتجعل الكثيرين يتشككون فى كل ما تقوله. وبالتالى فإن الكرة فى ملعب وزارة الداخلية لإظهار الحقيقة، وهى ضرورة فك لغز هذه الجريمة وتقديم الجناة الفعليين لها.

الارتباك الأمنى فى هذه القضية، جعل كثيرون يتعاملون مع وزارة الداخلية باعتبارها متورطة فى الجريمة، وتريد التغطية عليها بالبحث فى سيناريوهات متتالية ومتفككة، يتبين كل يوم عدم القدرة على بيعها أو تسويقها كما قال رئيس الوزراء الإيطالى الأسبق انريكو ليتا «كلام لا يدخل الدماغ»!.

مرة أخيرة لو أن هناك ــ لا قدر الله ــ أى تورط رسمى حتى لو كان بصورة غير مباشرة، فعلينا أن ننهى هذا الأمر فورا، وكما يقولون «وقوع البلاء أفضل من انتظاره».. وربنا يعديها على خير!.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي