جريس.. أميرة موناكو - كمال رمزي - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 1:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جريس.. أميرة موناكو

نشر فى : السبت 28 يونيو 2014 - 6:15 ص | آخر تحديث : السبت 28 يونيو 2014 - 6:15 ص

أظن، أن كاتب السيناريو، البريطانى الإيرانى، أراش أميل، وجد نفسه فى مأزق، فالمادة التى بين لديه لا تصنع دراما، سواء من ناحية المكان أو الأبطال أو الزمان.. «موناكو» إمارة سعيدة، تعيش فى حضن فرنسا، هى ثانى أصغر دولة فى العالم. ترتيبها يأتى بعد الفاتيكان.. تعدادها لا يتجاوز نصف مليون نسمة، نصيب الفرد من الدخل العام يبلغ 25 ألف يورو. مرفؤها يزدهر بزيارة أجمل يخوت العالم، يملكها الأثرياء. موقع ساحر على الأبيض المتوسط. فنادق رائعة الطراز. تفوق العالم، يملكها الأثرياء. موقع ساحر على الأبيض المتوسط. فنادق رائعة الطراز. تفوق فى زراعة الورود. أماكن سياحية خلابة. ملجأ آمن لأبطال الرياضة وملوك تصميم الأزياء ونجوم السينما والمتهربين من الضرائب.. إنها، فى ثلاث كلمات «تخلو من المشاكل». لا صراعات، ولا هواجس، ولا خلافات عقائدية أو فكرية.. وبالتالى، من العسير أن تغدو مادة للدراما.

«موناكو»، لا يمتد تاريخها فى الماضى أبعد من القرن الثالث عشر ميلاديا، منذ استولى الجد الكبير، فرانسوا غريماندى، على قلعة موناكو، وتولت ذريته حكم الإمارة، جيلا بعد جيل، إلى أن آلت إلى الأمير السعيد «رينيه الثالث» 1923 ـ 2005 الذى تزوج إحدى فاتنات هوليوود عام 1956، وأنجبت له ثلاثة أبناء، قبل أن تختطفها يد المنون، فى حادث سيارة عام 1982.

فيما عدا هذه النهاية المؤلمة، لا تتضمن الحكاية ما يثير الاهتمام. هى تخلو من تضارب المصالح، والأشرار، والخيانة، والغدر، والرغبة فى الانتقام، وبالتالى أصبح على كاتب السيناريو البحث عن، أو اختلاق، ما يبعث على سخونة الحكاية، الباردة فى جوهرها.. فماذا فعل؟

حاول، بمهارة متواضعة، بث الحيرة فى عقل ووجدان الأميرة، عدة مرات، باءت كلها بفشل ذريع.. الأولى، حين يذهب لها مخرجها الذى كان سببا فى ألقها. ألفريد هيتشكوك، كى تؤدى دور البطولة فى فيلم يزمع تحقيقه.. بعد تردد قليل، تحسم أمرها.

تفضل الحياة المخملية الناعمة، فى قصر رينيه، عن أضواء هوليوود. الاختيار هنا، بين أمرين، كل منهما أحلى من الآخر، وبالتالى، لا يحس المشاهد بالتعاطف مع عذاب الحيرة، الأقرب للنشوة، التى تنتاب محظوظة ترفل فى الحرير، محاطة بالمحبة والتوقير.

كاتب السيناريو، اتجه إلى عالم وليم شكسبير الثرى، متسولا منه عنصرا، يغنى به فقر الدراما. وجد ضالته فى تراجيديا «ماكبث»، وبالتحديد، فى شخصية الليدى، الزوجة الطموح، الطامعة فى عرش الملك دنكان، كى يؤول لزوجها، وهى، فى سبيل تحقيق غايتها، تتآمر، وتنخس ماكبث كى يقوم بجريمة القتل.. فى «جريس» تأخذ شقيقة الأمير، بعض ملامح الليدى ماكبث. إنها تتآمر على عزل «رينيه» كى يغدو ابنها الأمير الحاكم، طبعا قبل أن تلد «جريس» أبناءها. لكن فطنة الزوجة المخلصة، النجمة، بطلة أفلام هيتشكوك، تنتبه للمؤامرة، تحبطها، تواجه الطامحة الضعيفة، المتهالكة نفسيا، التى تجد نفسها، مع أسرتها الصغيرة، مطرودة من القصر.. هنا، يأتى الصراع هزيلا، متهافتا، ينتهى بعد مشهدين تافهين، أو ثلاثة على الأكثر.

فى نوبة ثالثة من محاولة تسخين الفيلم، يتعمد السيناريو تضخيم الصراع، غير المتكافئ، بين فرنسا ديجول 1962، وموناكو رينيه ـ جريس، بسبب رفض الأمير فرض ضرائب، يتم توريدها لخزانة باريس المنهكة بتكاليف ثورة الجزائر.. الصراع هنا، حسب تعبيرنا المصرى «كده وكده». مجرد كاريكاتور لمنازلة بين فيل وقطة، أو قطتين إن شئت الدقة، هما الأمير الباهت، وزوجته الذكية، واسعة الحيلة، التى تنهى الصراع بخطبة عصماء، رقيقة، عقب انضمامها الميمون للصليب الأحمر، ودعوة ديجول، لحضور الحفل، وتلاشى غضبه فورا، إعجابا بكياسة المرأة وحسن تصرفاتها.

استعاض المخرج، أوليفيه داهان، بجماليات الأماكن والوجوه، بديلا عن «الدراما» وعمق وقوة الانفعالات، كما استعان بالفنانة القديرة، نيكول كيدمان، ذات الجمال الآسر، كى تؤدى دور جريس كيلى، المرأة التى انتقلت من مجد هوليوود إلى عرش القلوب فى الإمارة.. لكن النتيجة جاءت مؤلمة، محبطة، ذلك أن الإحساس الذى خلفه الفيلم عند المشاهد، أنه يتابع حكاية معروفة، طويلة، مملة، تفتقر لدفء الحياة.. والأدهى أنه يتابعها، من وراء زجاج سميك.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات