استراتيجية تشبيك الصالحين - سيف الدين عبدالفتاح - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:49 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

استراتيجية تشبيك الصالحين

نشر فى : السبت 28 يوليه 2012 - 10:15 ص | آخر تحديث : السبت 28 يوليه 2012 - 10:15 ص

بعد قيام ثورة 25 يناير بقليل كتبت حول هذه الإستراتيجية، لكننى لم أنشره لأسباب كثيرة، ووجدت من المهم أن أنشره الآن.

 

نعنى بالإستراتيجية الرؤية الكلية الجامعة، التى يمكن ترجمتها إلى؛ خطط جزئية، وخطوات مرحلية، وجدولة زمنية، ونعنى بالتشبيك؛ أن خريطة الفاعلين فى الحياة المصرية مجتمعيا وثقافيا وبحثيا وسياسيا هى خريطة شديدة التشابك، والتشابك على أرض الواقع يعنى ضمن ما يعنى أمرين مهمين:

 

الأمر الأول: يتعلق بالاشتباك الحقيقى مع الواقع وفق قواعد اشتباك جريئة تتضمن أول ما تتضمن التفكير خارج الصندوق، بما يعظم عناصر اشتباك يتوخى الجانب الدفاعى والجانب الهجومى، الجانب السلبى المتعلق بدفع الضرر، والجانب الإيجابى المتعلق بجلب المصلحة فى إطار يشكل عناصر حركة بين كر وفر تتضمن أصول التحرف لقتال أو التحيز إلى فئة ضمن عمليات تؤكد المعنى الذى يحدد ميدان المعارك التى يمكن أن تخاض من أجل ذلك الوطن.

 

أما الأمر الثانى: فيتعلق بالتشبيك؛ والتشبيك هنا عملية كلية تؤصل لوجود مفردات وفواعل وإسنادات مختلفة وغايات متنوعة، وقدرات متراكمة، وأجهزة وأبنية ومؤسسات متعددة، وأشخاص يشكلون مناط الحركة والفاعلية فى عملية التشبيك يمكن أن تمد بينهم الخيوط وتحرك من خلالهم الفاعليات.

 

أما الصالحون فإنه أمر يشير إلى الصلاح والصلاحية والإصلاح والمصلحة ليتحرك بذلك شبكية أخرى تؤكد أن الصالحين ليسوا فقط أشخاصا، لكنه يتضمن المعانى المؤسسية والأدوات الجمعية والجماعية، والقدرات والطاقات المخلصة والعوامل والفواعل فى حركة الإرادة وتمكينها، والقدرة على استثمار كل مداخل الإعداد والاستعداد والعدة، (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة). والصالح لا يكون فى تمام صلاحه إلا إذا كان مصلحا، صالحا فى ذاته مصلحا لغيره، فيثمر صلاحه فى عملية إصلاح مستمرة وشاملة وممتدة متعدية ذاته إلى غيره ضمن خطة لاستثمار متوالية الإصلاح هندسيا لاحسابيا، وحاصل ضرب أكثر من كونه حاصل جمع.

 

هذان الأمران إذا تكاملا تحققت المداخل الكلية التى تتعلق ببناء إستراتيجية لتشبيك الصالحين.

 

وأهم الأدوات والآليات لتحقيق تلك الوظيفة يمكن أن نصدرها بشرطين:

 

الشرط الأول الاستعانة بكل ما من شأنه أن يؤدى إلى تمكين هذه الإستراتيجية المتعلقة بتشبيك الصالحين.

 

الشرط الثانى عدم التورط فى أى أمر يتعلق بتولى أى مهمة رسمية بحيث تحد من القدرة على الحركة الحرة بين القوى المختلفة وتجميع الطاقات المتنوعة وتمكين القدرات الحافزة على الخروج من عنق الزجاجة واستشراف مسيرة نهضة مصر لاستعادة كرامة المواطن ومكانة الوطن.

 

••• 

 

أما عن الآليات التى يمكن أن تحقق ذلك فهى آليات تتعلق أولاها بالدور الإعلامى الذى يمكن القيام به مع الحرص على الخروج من دائرة الإعلام المسموم المغموس فى رأس المال السياسى والقابع خلفه مجموعة من رجال الأعمال.

 

المشاركة فى برامج يمكن أن تشكل منصة معقولة لإشاعة الوعى بضرورات المرحلة الانتقالية ومتطلبات إدارتها ومواجهة تحديات مصر الثورة، وإمكانات تشكيل المستقبل.

 

ضرورة استثمار فرصة الكتابة فى صفحة الرأى، يؤصل معانى توعية الناس بملف الثورة المصرية بكل تفاعلاته بما يبنى رؤية وموقفا ويحدد دورا ووظيفة.

 

إنها مسألة تجيب عن سؤال مهم، وهو مصر إلى أين؟ وهو أمر يتعلق برؤية كلية ورؤى جزئية يجب العمل عليها لتوعية الخلق وتنوير البشر وتبصير الناس.

 

الآلية الثانية هى الآلية البحثية وهى آلية تتعلق بإمكانية كتابة فصل مهم حول الثورة المصرية فى الخامس والعشرين من يناير والإمكانات التى تحفظ لهذه الثورة استمراريتها وحماية مكتسباتها وفق منظور مقاصدى وتشغيله وتفعيله على أرض الواقع.

 

الآلية الثالثة الاستشارة والنصح (جهود المناصحة) بحيث تشكل هذه الطاقة الإيجابية تفعيلا لحديث النصح لدين الله؛ لله وللرسول وأصحاب السلطة والعلماء والعامة، بما يحقق لهذا النصح حجية لا بأس بها لدى المنصوحين فى إطار بناء علاقات ثقة بين جميع التوجهات القاصدة إلى تحقيق مصالح مصر من دون الاستغراق فى مصالح آنية أو أنانية، وأحزاب أو قوى أخرى من أى اتجاه سياسى أو فكرى وفقا لأصول تعامل يخاطب العمل معا لمصلحة مصر بكل المداخل الشخصية والجمعية، لا نستثنى أى من طرائق التعامل، فاختلاف المسالك راحة للسالك، وكل القوى لا تعدم أناسا شرفاء ومخلصين أو لديهم النية الصادقة للحوار البناء، والقابلية للإقناع والاقتناع. هذه المساحات لا تستثنى أحدا، ولا تدع من احتمال النفع لصالح مصر ونهضتها أى إنسان كائنا من كان إلا من ظهر فساده أو تيقنا ضرره الواضح الذى لا مجال للشك فيه.

 

الآلية الرابعة تشبيك شباب الثورة فى إطار جامع لاستثمار طاقات الشباب فى الحفاظ على الثورة ومكتسباتها واستمراريتها، ذلك أن الشباب يعدون المشروع المستقبلى لهذه الثورة ورافعة النهوض بالنسبة لمصر. إنهم أكثر من نصف الحاضر (60%)، وكل المستقبل، والشيوخ يجب ألا يصوغوا مستقبل غيرهم، وما لم نعترف بفروق التوقيت، وموجة الثورية فى الشباب فإننا نسهم فى تعويق مسيرة الشباب نحو النهوض وصناعة المستقبل، الشباب شبوا عن الطوق لم يعودوا أولادا أو صغارا أو عيالا، ألم يأن الوقت أن ننظر لهم كأبطال، نرفع عنهم آصار الوصاية وأغلال ادعاء الحكمة المطلقة، الشباب حكيم زمنه فخلوا بينهم وبين صناعتهم الثقيلة فى الأمل والعمل وصياغة وصناعة المستقبل.

 

الآلية الخامسة: جهود المصالحة مصالحات وتوافقات القوى السياسية والفكرية والمجتمعية (الجبهة الوطنية).

 

إلا إننى أشهد الله ألا أعمل فى فرقة أو لفرقة، وأعمل حيث أظن الائتلاف والتوافق والاجتماع والاعتصام.

 

•••

 

هذه الآليات يمكن استخدامها فى وضع حزم بالاعتبار الذى يؤدى إلى نجاعتها فى بلوغ الهدف والمقصود، ومن هنا فإن هذه الآليات يمكن أن تتحول إلى عدة مشروعات غاية فى الأهمية.

 

هذه الاستراتيجية تجعل من همها الانطلاق من الموجود لإيجاد المفقود وصولا وبلوغا للمستهدف والمقصود.

 

 

سيف الدين عبدالفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة
التعليقات