نحو حل ضريبى أكثر عدالة وگفاءة - محمد جبر - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 7:29 ص القاهرة القاهرة 24°

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نحو حل ضريبى أكثر عدالة وگفاءة

نشر فى : الإثنين 28 يوليه 2014 - 9:05 ص | آخر تحديث : الإثنين 28 يوليه 2014 - 9:05 ص

تصدرت قضية الضرائب الواجهة بعد تعديل قانون الضريبة على الدخل وفرض ضريبة على توزيعات الأرباح والأرباح الرأسمالية وذلك بعد فرض ضريبة إضافية مؤقتة على الدخل، وانقسمت الآراء بين من يرى هذه التعديلات ضرورة لتمويل العجز المتزايد فى موازنة الدولة والذى لا يعود فحسب لحجم الإنفاق إنما كذلك للضعف الشديد فى الإيرادات وخاصة حصيلة الدولة من الضرائب ما يجعل زيادة العائد الضريبى أداة مهمة من أدوات الإصلاح المالى، وبين من يراها أعباء إضافية تضاف إلى كاهل المستثمرين فى لحظة يعانى الاقتصاد منها بالفعل من الركود، وتتزايد الحاجة لرفع معدلات النمو وخلق فرص عمل، وهو ما يحتم مراعاة ألا يؤدى فرض ضرائب جديدة نوعيا أو كميا إلى المزيد من التراجع وخاصة فيما يتعلق بحجم الاستثمار سواء الداخلى أو الخارجى، وإضافة للمعسكرين السابقين ثمة من يتناول رفع الضرائب من منظور العدالة الاجتماعية الذى وضعته ثورة يناير فى المقدمة، ويدفع هؤلاء بأن معالجة العجز فى الموازنة العامة لا يجب أن تكون على حساب الفئات الأقل دخلا وثروة بما يزيد من تفاقم السخط الاجتماعى على أثر المزيد من التمييز ضد هذه الفئات، ومن ثم ينادى هؤلاء بتحكيم معايير تصاعدية فى فرض الضرائب بحيث تستهدف الشرائح الأكثر ثراء فحسب.

•••

ومع التسليم بأن معدلات الضريبة على الدخل فى مصر وخاصة على الشرائح العليا لا تزال منخفضة بالمقارنة مع دول أخرى فى ظروف مشابهة، إلا أننا يجب أن نضع فى الاعتبار أن المستثمر المصرى والأجنبى تأقلما على هذه المعدلات المنخفضة، وأن هذه الميزة تم التسويق على أساسها ولو جزئيا لجذب استثمارات لمصر، وهو نفس ما ينطبق على سوق رأس المال المصرى الذى تم التسويق للاستثمار فيه فى ضوء انعدام الضرائب على الأرباح الرأسمالية فى البورصة المصرية. وهو ما يجعل من الضرورى أن يراعى صانع القرار قدرة مصر على المنافسة فى جذب الاستثمارات أو الحفاظ عليها نصب عينيه خاصة فى ضوء السياسات الضريبية للدول المنافسة لمصر إقليميا، ويتطلب هذا أن يكون فرض أو زيادة الضرائب على الدخل بحرص وتدرج بما لا يؤثر سلبا على الاقتصاد المصرى من زاوية خروج الاستثمارات لأسواق أفضل من حيث المعاملة الضريبية.

•••

وأخيرا، فإنه على صانع السياسة الضريبة أن يدرك أن المشكلة الكبرى فى ضعف الحصيلة تكمن فى خروج ثروات ودخول كبيرة خارج المظلة الضريبية أو الاقتصاد الرسمى بشكل عام، ومن ثم فإن محاولة توسيع دائرة الخضوع للضرائب بحيث تشمل عددا أكبر من الممولين أكثر جدوى بلا شك من زيادة الضرائب على من يؤدونها بالفعل، كما أنه أكثر عدالة فى جميع الأحوال.

وبناء على ما تقدم، فإنه هناك حاجة لفرض ضرائب جديدة نوعيا بعيدا عن زيادة الضريبة على الدخل بشتى أنواعه بما يحقق قدرا أكبر من كفاءة التحصيل فى ضوء ضعف إمكانيات الدولة فى جمع وتدقيق المعلومات عن الدخول، وذلك مع عدم تسبب الضرائب الجديدة فى طرد الاستثمار، كما ينبغى أن تستهدف هذه الضرائب تحقيق قدر من العدالة الاجتماعية.

•••

لذلك كله، فإن فرض الضرائب على الثروة عوضا عن التوسع فى فرض المزيد من الضرائب على الدخل يحقق العديد من المزايا، خاصة وأن متوسط نصيب الضرائب على الملكية بشتى أنواعها ما بين ٢٠٠٨ و٢٠١٢ لم يتجاوز ٢.٩٪ من إجمالى إيراد الدولة، و٤٪ فحسب من إجمالى حصيلة الضرائب على الرغم من التوسع الشديد الذى حدث فى العقد الماضى فى الثروة العقارية وفى ودائع البنوك وفى سوق الأوراق المالية.

ومن أمثلة الضرائب على الثروة التى يمكن للحكومة التحرك إزاءها:

• ضريبة خاصة تحصل مرة واحدة على ملكيات الأوراق المالية المقيدة بالبورصة المصرية على أساس قيمها السوقية التى تتجاوز مبلغا معينا مع إمكانية استثناء غير المقيمين وصناديق الاستثمار من هذه الضريبة مع مراعاة التطبيق بالنظر للمالك المستفيد ومراعاة تطبيق معايير الإقامة لأغراض الضريبة لاختراق محاولات التحايل.

• ضريبة خاصة تحصل مرة واحدة على الايداعات فى الحسابات البنكية المصرية للأفراد فوق مبلغ معين كذلك مع مراعاة التطبيق بالنظر للمالك المستفيد لاختراق محاولات التحايل.

• ضريبة على الثروة العقارية بناء على تقييم العقارات بقيمها السوقية العادلة مع إمكانية استبعاد العقارات المستخدمة فى النشاطات الزراعية والصناعية وكذلك العقارات تحت التطوير المملوكة للشركات العقارية.

• ضريبة على التركات تحصل حال انتقال المال للوارث وخاصة على الأموال العقارية والحسابات البنكية والأوراق المالية.

وتجمع هذه الضرائب على الثروة المزايا التالية:

أولا: سهولة التحصيل وصعوبة التهرب إذ أنه لا سبيل لإخفاء الأوراق المالية أو الودائع البنكية أو العقارات ذات الوجود المادى عن سجلات الدولة، خاصة فى حالة التنسيق مع البنوك والبورصة وشركة مصر المقاصة وهيئة الرقابة المالية ومكاتب الشهر العقارى وغيرها من الجهات ذات الصلة بتسجيل وقيد وتداول ملكية هذه الأموال، وذلك خلافا للدخل الذى يمكن إخفاؤه كما ترتفع تكلفة جمع المعلومات عنه.

ثانيا: فرض الضريبة على الثروة ذاتها بما يخضع الثروات الحقيقية للضريبة ويتلافى مشكلات التهرب من الضريبة على الدخل بالنسبة لبعض الفئات (مثل ممارسى المهن الحرة) وبما يحقق قدرا أكبر من العدالة فى توزيع عبء الضريبة على الممولين، كون ضرائب الثروات فى التحليل الأخير ضرائب مباشرة تفرض على الأكثر ثراء بمقدار ثرواتهم، ويؤدى فى نفس الوقت لاتساع دائرة الممولين، وأخيرا يساعد على فضح محاولات التهرب من الضرائب على الدخل بعد حصر الثروات المتراكمة.

ثالثا: تحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة الاجتماعية حيث إن هذه الضرائب لن تؤثر إلا على أصحاب الثروات حال احتفاظهم بها أو فى حالة انتقالها إليهم بالميراث، ولن يشعر بها أبناء الطبقات الوسطى من أصحاب الدخول المرتفعة نسبيا والثروات المنخفضة نظرا لحداثة عهدهم بالدخول المرتفعة أو ارتفاع انفاقهم (مثلا على تعليم الأبناء).

رابعا: عدم التأثير على حجم الاستثمار بشكل مباشر بنفس مقدار تأثير زيادة الضريبة على الدخل، بل وتشجيع أنماط الاستثمار المباشر وتحرير المدخرات المعطلة فى صورة ثروة عقارية أو إيداعات بنكية.

التعليقات