إعلام الرؤية - صحافة عربية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إعلام الرؤية

نشر فى : الجمعة 28 أكتوبر 2016 - 9:20 م | آخر تحديث : الجمعة 28 أكتوبر 2016 - 9:20 م
كتاب «عالم صوفــى» لجـــوستــاين غاردر هو رواية تتمحور حول أستـــاذ خفى يـــعلم فتـــاة اسمها صــوفى تاريخ الفلسفة فى شكل مبسط عبر رسائل بريدية.

فى أحد الدروس يتطرق لمدرسة «أبيقور» الفلسفية التى أسسها فى القرن الثالث قبل الميلاد، وأبيقور يركز على أن إشباع رغبة يجب ألا ينسينا التأثيرات الجانبية التى يمكن أن تنتج منه، ثم يعطى المؤلف الفتاة التمرين الآتى: «خذى كل النقود التى اقتصدتها، واشترِ بها شوكولاتة، ثم كلى كل ما اشتريته، ولن تمضى نصف ساعة إلا وأنت تعانين مما يسميه أبيقور (العوارض الجانبية)»، ثم يضيف: «تخيلى أنك تحرمين نفسك من الشوكولاتة سنة كاملة لتقتصدى نقودك لشراء دراجة جديدة أو القيام برحلة إلى الخارج».

فى رأى أبيقور: «يجب على الإنسان أن يقيم موازنة بين إشباع رغبة آنية، وإمكان تحقيق رغبة أكثر ديمومة، أو أكثر كثافة على المدى البعيد».

يبدو لى أن هذا ما حاول نائب وزير الاقتصاد والتخطيط السعودى أن يقوله فى الحوار الذى يشغل الرأى العام السعودى، وهو استخدم مصطلح الإفلاس فى سياق معين فغضبت الجماهير منه، وهى غضبة غير مستحقة لأن الكلمة أخذت من سياقها، فاضطر بعد أسبوع فى البرنامج نفسه أن يعدل فى المصطلح لكنه احتفظ بالإصرار على المبدأ أو المفهوم الذى يقصد وهو «إذا استمررنا على حالنا، وإذا لم نفعل»، لكنه عبر عنه بالقول: «مشكلات فى الهيكلة الاقتصادية».

***

يبدو لى أن الخطأ كان فى طرح ملفات مهمة لثلاث وزارات فى 65 دقيقة، بينما كان الأَولى أن يكون لكل وزير منهم حلقة يتحدث فيها بالتفصيل، ويبدو لى أن فريق الرؤية السعودية التنفيذى لديه مشكلة اتصالية إعلامية لاحظتها منذ الإعلان عن الاستثمار فى شركة «أوبر» ولا أعرف حقيقة إن كان ذلك لعدم وجود مهنيين فى الإعلام بينهم، أو لاختيارهم الأشخاص الخاطئين من أصحاب الوهج والشهرة فقط؟

حتى أوضح وجهة نظرى التى ليست دفاعا عن أحد أضرب مثالا بالنائب نفسه، فمن حيث أتى قبل تسلمه المنصب الحكومى كان يترأس إقليميا إحدى أكبر المؤسسات المالية المصرفية فى العالم، وكان عليه هناك أن يمارس العمل المالى المصرفى، ولديه من يمارس العمل فى الاتصال الإعلامى بالمستوى والمتطلبات نفسها للمؤسسة المالية، واليوم فى عمله الحكومى يقوم بالعمل الاقتصادى ويقوم بالعمل الإعلامى وهو ليس عمله.

انشغال الرأى العام السعودى بهذه الحوارات أراه إيجابيا، إذ طغى الهاجس الاقتصادى على الجميع، لكن ما زال كثير من الانتقادات يوجه للأشخاص وليس للمؤسسات، لبعض العبارات، وليس للاستراتيجيات، وفى هذا إضاعة للجهد النقدى، ولفرصة جعل الإعلام بكل أنواعه شريكا مؤثرا وفاعلا فى دعم الرؤية والتحول، أو تعديل بعض مساراتهما، ولفرصة جعل المشاركة الشعبية متمثلة فى الرأى العام عامل ضغط مؤثرا وعميقا، وليس ضغطا على طريقة «فش الخلق» الذى يمكن «توجيهه» من الغد إلى حكم مباراة فى كرة القدم، أو إلى مراهق يغازل فتاة أمريكية عبر برنامج محادثة!
محمد اليامى
الحياة ــ لندن
التعليقات