نحو قرار يحل محل قرار 242 - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 9:57 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نحو قرار يحل محل قرار 242

نشر فى : الجمعة 28 نوفمبر 2014 - 8:40 ص | آخر تحديث : الجمعة 28 نوفمبر 2014 - 8:40 ص

تشتد الجهود الإسرائيلية المباشرة وغير المباشرة داخل العاصمة الأمريكية لاستغلال لحالة الضعف العربى غير المسبوق من أجل تحسين وضعها التفاوضى فى أى عملية سلام مستقبلية مع الفلسطينيين. وتركز هذه الجهود على القضاء على أى مصوغات قانونية دولية دعت فى السابق لانسحاب إسرائيل من الأراضى الفلسطينية التى أحتلتها فى حرب يونيو 1967.

ورغم أن توازنات القوى والوضع الإقليمى والدولى لم يسمح بترجمة أى من القرارات الدولية المختلفة لواقع على الأرض، ورغم أن إسرائيل اليوم تتمتع بوضع استراتيجى آمن لم يتخيله أى من مؤسسيها، فإن التفكير الدائم فى الخطوة القادمة، وما يجب القيام به لتثبيت الأوضاع المعوجة على الأرض، والضغط على الفلسطينيين ليقبلوا بما تقدمه لهم من فتات، يجعل إسرائيل لا تترك فرصة إلا وتحاول أن تضاعف من مكاسبها منها.

ومؤخرا ظهرت إرهاصات لجهود متكررة فى شكل موجة من الكلمات والتلميحات والكتابات خلال ندوات ومؤتمرات تصب فى خانة جهود مضنية يقوم بها أنصار إسرائيل للمطالبة «بإعادة كتابة قرار مجلس الأمن 242» والذى صدر قبل 47 عاما وتحديدا يوم 22 نوفمبر 1967، وأقره مجلس الأمن بإجماع أصوات أعضائه الخمسة عشر.

وجاء القرار التاريخى فى ضوء هزيمة عسكرية نكراء منيت بها جيوش مصر وسوريا والأردن، وأدت إلى احتلال إسرائيل لسيناء والضفة الغربية وغزة والقدس ومرتفعات الجولان. ولليوم لم تنته تبعات هذه الحرب، فالجولان ومناطق داخل الضفة الغربية والقدس وغزة ما زالت قيد الاحتلال، أو تحت الحصار الإسرائيلى.

ولا تريد إسرائيل إلا أن تواصل استغلال ما وصل له حال العالم العربى، من تردى وضعف واقتتال داخلى غير مسبوق، لسحق أى أمال فلسطينية فى «دولة على حدود 4 يونيو 1967»، إلا أن الغريب أن رؤية إسرائيل تلك يوافق عليها قولا وفعلا دول عربية وحكام عرب.

•••

منذ أسابيع قليلة تحدث حاكم عربى فى جلسة تعارف مغلقة جمعته بقادة منظمات يهودية أمريكية، إضافة لعدد من كبار المفكرين وخبراء شئون الشرق الأوسط من عدة مراكز أبحاث أمريكية، نادى خلالها بضرورة استغلال الإدارة الأمريكية لحالة الضعف العربى غير المسبوق، والانقسام والتشتت الفلسطينى من أجل إنهاء قضية فلسطين. وقال ذلك الحاكم إن العرب، حكومات وشعوبا، مشغولون بدرجة كبيرة بشئونهم الداخلية الضيقة سواء كانت تلك تبعات للربيع العربى، أو تبعات ظهور وتمدد تنظيم داعش، وهو ما سمح بتلاشى الاهتمام الشعبى والحكومى الرسمى بالشأن الفلسطينى. وذكر الحاكم العربى الحاضرين بأن الدول العربية المعتدلة ستضغط على الفلسطينيين للقبول بدولة تقدمها وتعرفها وتصمم حدودها إسرائيل. ونصح الحاكم الحاضرين بضرورة استغلال فرصة الوضع العربى الراهن، وبسرعة استغلال هذه الفرصة الفريدة لمنح الفلسطينيين ما يشبه الدولة لأن لا أحد يضمن ما سيأتى به الغد.

•••

من ناحيته يرى اللوبى الإسرائيلى أن انقسام الفلسطينيين وضعف تنظيم حماس الذى ينبع من خسارته الحليف السورى وتوقف التمويل الخليجى وتصاعد العداء المصرى يعد من أهم المستجدات التى يجب استغلالها إذ إنها توفر لحظة تبدو أكثر مواتاة لصنع سلام طبقا للرؤية والمصلحة الإسرائيلية. وتنادى أصوات عديدة بضرورة الضغط على الرئيس محمود عباس باستخدام الدول الخليجية ومصر من أجل أن يقبل ما يطرحه عليه لاحقا الجانب الأمريكى. إلا أن طموح اللوبى الإسرائيلى لا يقف عند هذا الحد، فقد دعت أصوات منهم بضرورة تعديل مبادرة السلام العربية التى خرجت للنور فى اجتماع للقمة العربية عام 2002 على يد ملك السعودية عبدالله بن عبدالعزيز، والتى هدفت لإنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليا على حدود 1967، مع عودة اللاجئين وانسحاب كامل من هضبة الجولان، مقابل اعتراف وتطبيع عربى بإسرائيل. وتقول هذه الأصوات إن أى حديث عن عودة الجولان الآن تضييع للوقت، وأن القيادة الفلسطينية نفسها منفتحة على أفكار تتعلق بمعضلة حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، لذا يجب تعديل المبادرة.

من جانبهم توقف العرب، وبينهم المصريين، عن ذكر أى شىء يتعلق بضرورة وقف بناء المستوطنات فى الضفة الغربية أو حق العودة للفلسطينيين أو حتى مستقبل القدس.

•••

عمليا وقانونيا لا يمكن تعديل قرار لمجلس الأمن، إلا أنه يمكن اصدار قرارات جديدة تلغى أو تحجم ما جاء فى قرارات سابقة. إلا أن المقصود فى حالة قرار 242 هو إعادة كتابة سياسية للقرار المذكور فى ضوء المكاسب التى حصلت عليها إسرائيل باستعمال القوة خلال نصف القرن الأخير.

جاء قرار 242 كحل وسط بين عدة مشاريع قرارات طرحت للنقاش بعد الحرب. وورد فى المادة الأولى، انسحاب القوات الإسرائيلية من أراضى التى احتلت فى النزاع الأخير. وقد حذفت «أل» من تعريف كلمة «أراضي» فى النص الإنجليزى، وهو ما ترك غموضا كبيرا فى تفسير هذا القرار. وإضافة إلى قضية الانسحاب فقد نص القرار على إنهاء حالة الحرب والاعتراف ضمنا بإسرائيل دون ربط ذلك بحل قضية فلسطين التى اعتبرها القرار مشكلة لاجئين بتأكيده على «تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين». ويشكل هذا القرار منذ صدوره صلب كل المفاوضات والمساعى الدولية العربية لإيجاد حل للصراع العربى الإسرائيلى.

وتهدف جهود لإسرائيل للقضاء على فكرة حدود ما قبل حرب 1967.

•••

فى نفس الوقت تنشغل واشنطن ومن قبلها تل أبيب ومن ورائهم دول عربية فى الحديث عن تفاصيل مختلفة تبتعد بالصراع عن أصله، وتستبعد الحديث عن جوهره، ألا وهو «الاحتلال». موافقة الجانب العربى على الانغماس فى التفاصيل اليومية للصراع كاد ينسى الأجيال الجديدة من الشباب والأطفال العرب أصل الصراع، وهو ما يعنى إنجاح استراتيجية إسرائيل فى محاولة إقناع العرب أن «الاحتلال ليس هو أصل القضية».

محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات