هيبتا - كمال رمزي - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 2:39 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هيبتا

نشر فى : الجمعة 29 أبريل 2016 - 9:15 م | آخر تحديث : الجمعة 29 أبريل 2016 - 9:15 م
تعودت على مشاهدة الأفلام فى الحفلة الصباحية الخاوية.. فوجئت هذه المرة أن دار العرض رفعت سعر التذكرة من «٢٥» إلى «٤٠» جنيها، مما تسبب فى «عكننتى»، خاصة أنى أصطحب معى بعض أقاربى، لكن الكدر تحول إلى سعادة حين وجدت الصالة ممتلئة عن آخرها، فالنجاح الهائل الذى يحققه العمل يعنى أن السينما المصرية بخير، وأن دولاب العمل بها سيستمر، وسيفرز أفلاما تنعش هذه الصناعة الإبداعية، التى تثبت عبر تاريخها، قدرتها على البقاء والنهوض، برغم نوبات الإعياء والتعثر التى تمر بها.

الفيلم، برضاء الجمهور عنه، يستحق تلمس الأسباب والعوامل التى أدت إلى ذلك الرواج.. «هيبتا»، ابتعد عن القضايا الشائكة، لا ثورة، ولا تداعيات مؤلمة، ولا سياسة.. كذلك تحاشى الخوض فى مشكلات واقعية، فلا فقراء ولا مناطق عشوائية، ولا بلطجة من حاملى السنج والمطاوى.. يخلو من أفراح الشوارع، والمطربين الشعبيين والراقصات.. أظن، أن ابتعاده عن المألوف والسائد، من الأمور التى أدت إلى بحثه، بالضرورة، عن موضوع يتسم بالجدة والابتكار.

كاتب السيناريو الذكى، وائل حمدى، وجد ضالته فى رواية «هيبتا» لمحمد صادق، ذات الطابع الرومانسى، لكن بلا دموع.. هى أوسع وأعمق من مجرد حبيبين، يتعرض حبهما لعواصف، تنتهى نهاية فاجعة، وأحيانا، بالزواج. هنا، يميل الفيلم إلى التفسير والتحليل، ثم التجسيد، وسيلته فى هذا، الطبيب النفسانى المرموق، شكرى مختار، بأداء ساحر لماجد الكدوانى، الذى يعد حالة إبداعية متميزة فى التمثيل، ولولاه، لبدأ الفيلم، فى الكثير من مقاطعة، أقرب لبرامج «التوك شو» المملة، حيث يتحدث الضيف، بإسهاب عما يعرفه من علم غزير أحيانا، تافه غالبا.

المشهد الافتتاحى يدور فى مسرح جامعة القاهرة. الصالة ممتلئة عن آخرها، الدكتور شكرى «ماجد الكدوانى»، يجلس على كرسى وتير فوق المنصة، يلقى محاضرة طويلة عن مراحل الحب السبع، تبدأ باللقاء وتنتهى بالقرار، وما بينهما، من علاقة، ثم إدراك، ثم الحقيقة.. وهذه كلها، عندى، مجرد يهويمات تدخل فى باب التفلسف الزائف.

الأمثلة التى يرويها بأسلوبه الشائق، الكدوانى، تتحول إلى حكايات مجسدة، يسردها، بالصورة، المخرج النابه، هادى الباجورى، معتمدا على طابور طويل من ممثلين رائعين بحق.

فى واحدة من الحكايات الأربع، تطالعنا كندة علوش، الزوجة المهجورة، والدة الطفل الرقيق، التى أضناها الهوى، فتنتحر «كندة»، تنطق الكلام، بعيونها.

فى قضية ثانية، ينتظر الفتى أحمد مالك، إجراء جراحة له.. هو وحيد، تحنو عليه الممرضة، بأداء سلوى محمد على، التى تبدو كما لو أنها الرحمة، تمشى على قدميه.. فى المستشفى، يتبادل الفتى، المحبة، مع عجوز حكيم، أحمد بدير، الذى يترك جرحا، عميق الغور فى قلب الفتى، حين يعلم بوفاة الرجل الطيب.
تتوالى القصص، أقرب للأفلام القصيرة، تكاد تكون منفصلة، ولا إشارات مبهمة، يستشف منها، قبل أن يعلن الفيلم صراحة، عن طريق الكدوانى، أن بطل القصص كلها شخص واحد، ربما يكون هو «الدكتور شكرى» نفسه.

مشهد النهاية موفق تماما، ذلك أنه يوحى بعدة احتمالات.. طوال المحاضرة، ترصد الكاميرا المرهفة للمصور جمال البوشى، نظرة عيون «نيللى كريم»، و«شيرين رضا».. الأولى، تمتلئ بالمحبة، الثانية مترعة بالأشواق.. ندرك، خلال مصافحة «شيرين رضا»، أن شيذا ما كان يربطهما فى أيام خوالى.. أما «نيللى كريم» فإنها عكازه الذى يسنده، يساعده على التوازن، فأغلب الظن أنها زوجته.

«هيبتا»، يُرسخ، ويفتح آفاق السينما المصرية.
كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات