سنوات الوعى الزائف - محمد مكى - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 12:49 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سنوات الوعى الزائف

نشر فى : السبت 29 أبريل 2017 - 10:35 م | آخر تحديث : السبت 29 أبريل 2017 - 10:35 م
أن يقول الرئيس السيسى الذى كان يشغل رئاسة المخابرات العسكرية فى السابق إن المصريين تعرضوا لسنوات طويلة من الوعى الزائف وعدم تبصيرهم بالحقيقية، قول يدخل فى مرتبة «الحدث الجلل»، القانون والتاريخ ايضا يقضى بمحاكمة من ضللوا المصريين وأوصلوهم إلى ما هم فيه من خراب وتراجع اقتصادى، يجعل من يتحمل الامانة الآن لا يمل من القول بأننا فقراء و« فقراء أوى» ــ على حده تعبيره.

المصريون يحتاجون «سيادة الرئيس» محاكمة من زيَّف وعيهم سواء مسئولين وحتى كتاب سلطة، لفض الطنطنة من احباء الزعيم الخالد إلى آسفين يا ريس، ومن حق المصريين عليك وانت تصديت من قبل لمن اراد أن يغير هويتهم بتعبيرك ايضا، أن تساعدنا فى محاكمة هؤلاء، فإن كنا نرفض المصالحة مع من سرق ثورتنا فى 25 يناير، فكيف ننسى ونتصالح ونغفر ونمجد من زيف وعينا وضللنا طوال عقود ونغنى له ونخلد ذكراه، لكن فى الوقت نفسه نرجو من سيادتك ايضا سن قانون يجرم خداع المصريين فى المستقبل.

المطلب ليس صعبا خاصة وان سنوات الخداع الفائتة تكفى، ولنبدئ صفحة جديدة من الوضوح وعدم السرقة والتضليل وانهاء اعلام الاسطورة «صفوت بيه ومن قبله»، خاصة انك يا سيادة الرئيس ومن معك فى الحكم طلبت منا نحن المصريين المشاركة معكم فى التحمل، بل وفى التحفيز، ففى جلسة محاكاة مراحل الاقتصاد المصرى بمؤتمر الشباب الاخير، كانت هناك دعوة لتكوين مجموعة تحفيز أو متابعة مع الحكومة، تحضر مؤتمر الشباب فى الشهر المقبل، وتعرض النجاحات التى حققتها المجموعة مع الحكومة، والمشكلات التى تعرضت لها وهذا عين العقل.

رئيس الحكومة شريف اسماعيل فى المؤتمر الاخير قال ان نتاج الاصلاح الاقتصادى سوف يظهر بعد عامين او ثلاث، فماذا اذا لم يتحقق ما قاله؟ مسئولون داخل حكومته أعلنوا عن مشروعات فماذا لو كانت «توشكى اخرى» فهل يقبل مسئول فى ولاية السيسى ان يحاكم بتهمة التضليل اذا لم يتحقق ما وعد به.

قبل سنوات نسمع عن الايدى المرتعشة التى ترافق «سميحة» معطلة مشروعات مصر بقرارات ادارية وورقية، جعلت مصر فى مرتبة متأخرة فى سهولة الاعمال، وكان المطلب بضرورة تحصين القرارات الادارية للمسئول الحكومى من اجل عيون اقتصاد البلد الرافض المشى، وحتى لا يلبس المسئول البدلة الزرقة مثل نظيف والمغربى وجرانة وغيرهم من ايام النمو 8%، واضاف إلى التحصين الا يكون صاحب القرار متربحا، فكيف يكون الحال ومرآة التاريخ اذا جاء من بعدك يقول للمواطنين ان بعض المشروعات فترة حكم الرئيس السيسى طلعت «فنكوش» فأموال آبائهم فى رقبة من فى ذلك الوقت؟

شعبية الرئيس جعلت الناس تتحمل ألم سنوات ما بعد 30 يونيه، والرئيس دائما الشكر على ذلك المسلك، لكن سيادة الرئيس اجعل هناك عقابا للفشل والخداع، فضيلة الاجتهاد لم نعد نتحملها، الكلام عن الغلاء وتراجع التعليم والصحة حقيقى، وإن كنا لا نمتلك موارد كبيرة لكننا نحتاج إلى الرشادة الاقتصادية ومعاقبة من يمنون على المصريين بتوليهم المنصب.

عصفور الشرق توفيق الحكيم صاحب «عودة الروح» قبل يوليو 1952 انتقد كل ما جاء فيه بـ«عودة الوعى» بعد وفاة عبدالناصر فى وقت تعرض فيه الزعيم الراحل لحملة شرسة قلبت انتصاراته إلى هزائم وإنجازاته إلى أخطاء، فالسد العالى أفسد المناخ وأضر بخصوبة الأرض المصرية، أما تأميم قناة السويس الذى تعرضت بسببه مصر للعدوان الثلاثى، فلم يكن له مبرر أيضا، لأن عقد امتياز القناة كان سوف ينتهى طبيعيا عام 1969، وغيرها، فهل يسدل لنا القائمون على الحكم معروفا بعدم التعرض للخداع مرة اخري؟

هل من حق المواطن سيادة الرئيس ان يحاكم نائبه فى البرلمان أو الوزير الذى يحصل على راتبه من دافعى الضرائب على برنامجه ابان الترشح او وقت اعتلاء المنصب فى حالة الخداع؟ سقف الطموح سيادة الرئيس كبير لكن صدمة الخداع والتزييف الطويلة التى اشرت اليها تجعلنا نطالب بالمساءلة والمحاكمة، لكن لو أتت متأخرة مثلما صراحتنا به مؤخَّرة فكيف يكون ردُّنا وقتها؟
التعليقات