ما الذى يمكن أن يحدث غدًا؟ - إكرام لمعي - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 1:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما الذى يمكن أن يحدث غدًا؟

نشر فى : السبت 29 يونيو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 29 يونيو 2013 - 1:03 م

إلى عموم أهل مصر المحروسة الحاضر يعلم الغايب إن الشعب المصرى قد انقسم على ذاته أكثر من مرة بين إسلامى يدعى الاعتدال وآخر أصولى وثالث سلفى، وهذه الثلاث مجموعات تعتبر الأزهر ومشايخه خارج الإسلام الصحيح، أما البقية من شعب مصر المسلم الذين لا ينتمون إليهم فيعتبرونهم غير مسلمين.

 

ويتبقى المسيحيون واليهود والبهائيون والنوبيون والشيعة وهؤلاء هم الكفار الزنادقة هم وإخوانهم المسلمون من الليبراليين، والغريب أن كل هؤلاء (الإسلاميين وغير الإسلاميين) كانوا صفا واحدا من 25 يناير حتى 11 فبراير عام 2011، ولقد عبرت حينئذ أنه من الرائع أن يبدأ المصريون من حيث انتهى الآخرون.

 

 والمعنى أن ما رأيته فى ميادين مصر كان منظرا يفوق الخيال فيه قفز الشعب المصرى قفزة حضارية عبر بها قرنا من الزمان، فإذا كانت التحليلات العلمية تعتبر الشعب المصرى قبل 25 يناير يعيش تخلفا حضاريا يعانى من الفقر والجهل والمرض والتعليم القاصر والإدارة الخائبة وأنه قد تراجع علميا وثقافيا عما كان عليه فى النصف الأول من القرن العشرين، إلا أنه فجأة قفز فوق كل هذه المسافات وانتفض ليسقط قشرة التخلف السميكة التى علت ذلك الجسد الحضارى صاحب السبعة آلاف عام.

 

ويناطح شعوب العالم المتقدم حتى إن أوباما رئيس الولايات المتحدة أعلن أنه يريد من شباب أمريكا أن يتعلم من الشباب المصرى، كذلك تحدثت المستشارة الألمانية ورئيس الوزراء البريطانى والفرنسى.

 

وكان تحليلى عندئذ أن هذه القفزة وفرت على مصر بحور دماء شعوب سالت وهى تنادى للحصول على حريتها، لقد كانت المسيرة التاريخية تحكى أنه لم يوجد شعب حصل على حريته دون تضحية بدماء شعبه لسنين هذا عددها، وأن ما حدث فى مصر هو استثناء تاريخى لكن يبدو أن التاريخ يرفض الاستثناءات لأن الحرية جوهرة ثمينة غالية الثمن تحتاج الى صراع مرير للحصول عليها.

 

 لقد كانت قفزة الشباب الحضارية لا تعبر عن واقع المجتمع المصرى وخاصة الأجيال الحاكمة ولا واقع المجلس العسكرى الذى أدار المرحلة الانتقالية، لقد وقعت أخطاء فادحة فى تلك المرحلة أدت الى تسلم الإخوان مقاليد السلطة فى البلاد، ولقد استبشرنا خيرا من تصريحات الرئيس محمد مرسى عن التوافق والعين والقلب والأهل والعشيرة وها قد مر عام على حكم الإخوان المسلمين للمحروسة، فما الذى حدث؟ لقد زاد الانقسام والتعصب ورفض الآخر وعدم الإحساس بالأمان.

 

فما حدث مع الشيعة فى إحدى قرى الجيزة أصاب المصريين جميعا بالخجل من أنفسهم وبالرعب، وقد بدا أن كل محاولة للإصلاح تأتى بعكس المرجو منها، سواء على المستوى الدولى أو المحلى، فلقد كشف أسلوب التعامل مع قضية سد النهضة الإثيوبى على عدم احتراف سياسى عميق، كذلك التعامل مع القضية السورية حيث تم قطع العلاقات مع الحكومة السورية على الهواء مباشرة، دون علم الخارجية وذلك اتساقا مع الموقف الأمريكى.

 

إلا أنه بعد 48 ساعة تغير الموقف الأمريكى فى اجتماع الثمانى الكبار من نحو القضية السورية، أما فى الداخل فتعيين المحافظين جاء خاليا من أى حنكة سياسية سواء من ناحية التوقيت أو الأشخاص، فاختيار أحد المنتمين للجماعة الإسلامية لمحافظة الأقصر أدى إلى كارثة سياحية عالمية ولقد رفضت باقى المحافظات تعيين محافظين إخوان.

 

 ولقد انتظر الشعب طويلا أن يكون هناك تحرك من جانب الرئاسة لتهدئة الأوضاع والقيام بتغيير حقيقى سواء للوزارة أو النائب العام لكن يبدو أن سياسة مبارك مازالت تؤتى ثمارها فترى ما الذى يمكن أن يحدث غدا؟! هناك ثلاثة سيناريوهات:

 

الأول: ألا يخرج فى المظاهرات العدد المطلوب فى الحشد وإذا خرج لا يستمر وهنا سوف يستمر الوضع على ما هو عليه بل إن الرئاسة والحكومة سوف يتمكنان من الحكم ويومها على الشعب وخاصة الشباب ألا يلومن إلا نفسه.

 

الثانى: أن يخرج الشعب بالأعداد الضخمة المتوقعة لكنه يلاقى مقاومة شديدة من الجماعات الإسلامية وتحدث معارك محدودة هنا وهناك وهو السيناريو الذى حدث فى المحافظات فى الأيام الأخيرة لإخافة الشباب من النزول وربما يتطور ذلك إلى حرب أهلية فيضطر الجيش للنزول لفرض الأمن.

 

الثالث: أن يخرج الشعب بالأعداد الضخمة المتوقعة ويتمسك بسلمية المظاهرات ويعتصم فى الميادين حتى سقوط النظام، وهنا لابد وأن يكون هناك سيناريو واضح فى الأذهان لطريقة حكم وتسيير البلاد حتى ينتخب رئيس جديد.

 

●●●

 

لم يكن فى الحسبان إطلاقا أن تصل مصر إلى هذه النقطة بعد سنة واحدة من حكم الإخوان فقد استبشر الجميع خيرا، ولقد خرج الشعب واختار د. محمد مرسى رئيسا للجمهورية رفضا لرموز الحكم السابق، ولم يكن أحد من الأقليات سواء الدينية أو العرقية معترضا على نجاح د. مرسى بل كانوا متفائلين ينتظرون حلولا حقيقية على الأرض.

 

وكان الجميع يحلم بتكرار تجربة ماليزيا أو إندونيسيا أو تركيا، لكن الجميع اكتشف إن إسلاميى مصر يعتبرون أن هذه التجارب فاشلة ولا تطبق الإسلام الحقيقى وأرادوا تطبيق الإسلام بحسب تصورهم الذى يرفض الآخر ويقتل المرتد، وانحصرت رؤيتهم للشريعة فى الحدود مما دعا الشعب المصرى أن يعيش الرعب كله.

 

 إن المشكلة الحقيقية للإخوان هذه المرة أن الذين يقفون طالبين الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية ليسوا أحزابا سياسية فقط، لكن الشعب الذى سيخرج غدا هو «عشب الأرض» وهذا التعبير يطلق على الفقراء والذين بلا عمل ولا حول أو طول أنها المرأة المعيلة والشاب التائه بلا رؤية أو هدف أو عمل، إنه الرجل الذى لم يعد معاشه يكفيه يوما من ثلاثين، إن المواجهة غدا كانت تحتاج من الحكام إعادة نظر حقيقية وتأمل عميق بداية من 30 يونيو 20/12 وحتى اليوم.

 

 فهل فات الأوان؟: الإجابة غدًا.

 

 

 

أستاذ مقارنة الأديان

إكرام لمعي  أستاذ مقارنة الأديان
التعليقات