أحوال صوفية - عماد الغزالي - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 9:42 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أحوال صوفية

نشر فى : الإثنين 29 يونيو 2015 - 10:50 ص | آخر تحديث : الإثنين 29 يونيو 2015 - 10:50 ص

كثيرا ماتستهوينى أحوال الصوفية، أحبهم وأتفهم حالات الوجد والتوحد التى تتلبسهم، والتى دفعت عامة الناس إلى اتهامهم بالكفر والزندقة، وعرضت بعضهم للقتل والصلب والتقطيع على النحو الذى انتهت به حياة الحلاج على سبيل المثال، وقد كان يمشى فى سوق بغداد صارخا فى الناس: يا أهل الإسلام أغيثونى، فليس يتركنى ونفسى فآنس بها، وليس يأخذنى من نفسى فأستريح منها، وهذا دلال لا أطيقه.

كان الحلاج يتحدث عن الله الذى يتجلى له فى لحظات الوجد فيفنى فيه، حتى ليصيرا شيئا واحدا.
أما رابعة فقد اعتادت أن تناجى ربها كعاشقة تهفو إلى وصال حبيب طال فراقه...
إنى جعلتك فى الفؤاد محدثى وأبحت جسمى من أراد جلوسى
فالجسم منى للجليس مؤانس وحبيب قلبى فى الفؤاد أنيسى
أما مولانا النفرى صاحب الوقفات والمخاطبات، فقد رأى أن العبدلا يصل إلى مرتبة الوقفة إلا بالخروج من أسر العالم المادى، بمجاهدة النفس، وهو حين يفعل، فإنه ينتقل من مرحلة العابد إلى مرحلة «السالك»، وهى التى تسبق الوقفة مباشرة، ومع الوقفة تبدأ مرحلة الرؤية والمجالسة والصحبة فى حضرة الرحمن وأحبابه.

بعض الصوفية امتدح الفقر واعتبروه دليلا على شدة التدين، بل إن بعضهم تخلى عن ثروته بإرادته للتقرب أكثر إلى الله، وقد عرف الإمام أبو حامد الغزالى الفقر بأنه «غياب ما يحتاج إليه»، وبهذا المعنى فإن كل الموجودات فقيرة لأنها جميعا بحاجة إلى الله الغنى، الذى لا يحتاج لأى منها.

أما ابن الجوزى وكان من أشد معارضى مذهب الغزالى فى الصوفية، فاعتبر أن ما يقوله بعض الصوفية من أن رفض الدنيا يؤدى بالضرورة إلى معرفة الله قول خاطئ، وبرأيه فإن جوع بعضهم كان سببا فى الهلوسات التى يزعمون أنها رؤى من الله.

وهو يرى الفقر مرضا على من ابتلى به أن يصبر وسينال ثوابه فى الآخرة، وهذا هو السبب فى أن الفقراء سيدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام.

أما السهروردى فقد رأى فقر الصوفى ليس مجرد الحاجة أو غياب الملكية، إنما هو الإيمان بالله والرضا بالنصيب.

ومنذ القرن الثالث عشر حدث انحراف خطير فى اتجاه التصوف، وبدأ كثيرون منهم يتجهون إلى التسول، وكان يشار إليهم باعتبارهم مجاذيب أو دراويش، ومنهم أتباع الطريقة القلندرية والحيدرية، وقد رفضوا القيام بأى عمل وأهملوا أداء الفروض مثل الصلاة والصوم، وحلقوا شعورهم وحواجبهم وميزوا أنفسهم بثياب رثة.

وعلى العكس من هؤلاء كان أتباع الطريقة الشاذلية التى أسسها أبو الحسن الشاذلى المتوفى فى 1258 هجرية، وقد جاء إلى الإسكندرية من المغرب، وقد منع مريديه من التسول مهما بلغ بهم العوز، وكان تلميذه أبو العباس المرسى يجمع حبوب القمح الساقط من السفن بعد تحميلها من ميناء الإسكندرية ليقتات عليها، حتى لا يمد يده بالسؤال.

واتفق المتصوفة على آداب ينبغى التحلى بها عند السؤال، ومنها أن يتجنب السائل ذلك السؤال، بأن يسأل الأقارب والأصدقاء أولا، وإذا شحذ المرء من شخص معين ينبغى أن يمنحه الفرصة لتجاهل سؤاله.

وروى أن أحد المشايخ رفض أن يشحذ رغم حاجته الشديدة، خشية أن يضع مسلما فى امتحان قد لا يجتازه، ويلزم بعض المتصوفة مانح الصدقة بأن يدعو للمتسول كما دعا له، لأنه بتصدقه عليه يسقط بعضا من ذنوبه.

رمضان كريم.

 

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات