سبل التعليم العالى لاحتواء أزمة اللاجئين السوريين - قضايا تعليمية - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سبل التعليم العالى لاحتواء أزمة اللاجئين السوريين

نشر فى : الأربعاء 29 يونيو 2016 - 9:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 29 يونيو 2016 - 9:50 م
لقد شغلتنى مسألة تعليم اللاجئين السوريين وشغلت العديد من المشاركين الـ 800 الذين حضروا الدورة السنوية لمؤتمر «الاتجاه إلى العالمية» الذى نظمه المجلس الثقافى البريطانى فى شهر مايو، فى مدينة كيب تاون، رغم أن الاستجابة لأزمات اللاجئين لم تكن تاريخيا مسئولية قطاع التعليم العالى. فى الواقع، فى آخر مرة شهد فيها العالم هذا العدد الكبير من اللاجئين – أى خلال الحرب العالمية الثانية – لم يكن معظم أولئك النازحين تلامذة جامعات أو حتى يخططوا للالتحاق بها. هذا وقد بلغت نسبة الالتحاق الإجمالى بمرحلة للتعليم العالى فى أوروبا فى ذلك الوقت أقل من 3 بالمائة على الأرجح. وبحلول عام 1952، أغلقت جميع مخيمات النازحين فى أوروبا تقريبا. إلا أننا اليوم نواجه تحديات واحتياجات لم يسبق لها مثيل.

عند بداية الحرب الأهلية السورية، كان أكثر من ربع الشباب بين 18 و24 عاما مسجلين فى مرحلة التعليم العالى. تشير الأرقام إلى أن نحو 150,000 طالب سورى فى المرحلة الجامعية، ممن كانوا مسجلين فى الجامعة أو سيلتحقون بها عندما اندلعت الحرب هم الآن محرومون من التعليم. وبالتالى، فهم غير قادرين على استكمال تعليمهم الجامعى. وبالإضافة إلى ذلك، هناك ما لا يقل عن 2,000 أستاذ وموظف فى الجامعات السورية بين اللاجئين.

***

وفى ظل تصاعد الأزمة، هناك احتمال حقيقى لظهور جيل ضائع. فى كل عام يتخرج الطلاب السوريون فى المدرسة الثانوية، وفى توقعاتهم استكمال دراستهم والالتحاق بالتعليم العالى. إلا أن منظمات الإغاثة الإنسانية تواجه تحديات ومسئوليات كبيرة ولم يبقَ سوى أقل من 2 بالمائة من الأموال التى تُجمع اليوم ليُنفق على التعليم على أى مستوى.

وعلى صعيد عالمى، لقد زادت الفترة التى يقضيها اللاجئون فى مخيمات اللاجئين بشكل كبير. فقد تجاوز متوسط هذه الفترة حاليا الـ 17 عاما أو نحو جيل. لقد أنشأ العديد من المخيمات نتيجة الصراعات التى استمرت لفترة أطول من السنوات التى يقضيها معظم الشباب فى المدرسة. لا تقوم هذه المخيمات ببناء ما يُعرف بجامعات المنفى. كما وأن غالبية النازحين فى العالم لا يعيشون حتى فى المخيمات – أى 3 من أصل 4 لاجئين سوريين يعيشون فى مناطق حضرية ويفتقرون إلى أنظمة التعليم العالى فى البلدان المضيفة.

ولكن هناك ثلاث طرق يمكن للمجتمع التعليمى أن يساعد من خلالها.

أولا: ينبغى على مؤسسات التعليم العالى التى يبلغ عددها أكثر من 20,000 مؤسسة فى جميع أنحاء العالم، استقبال طالب نازح واحد على الأقل ومعلم أو خبير واحد. ومن شأن هذا الإجراء أن يساهم فى منع بروز جيل ضائع حول العالم، كما ينقذ فى بعض الحالات أكاديميات وطنية بأكملها. هذا إجراء تعرف الكثير من المنظمات كيفية القيام به. على سبيل المثال، لطالما شكل إنقاذ العلماء أولوية هنا فى معهد التعليم الدولى منذ تأسيسنا. فمنذ إنشاء صندوق إنقاذ العلماء فى عام 2002، ساعدت منظمتنا 643 عالما من 55 دولة، من بينهم 85 من سوريا.

ثانيا: هناك فرصة لتوجيه وتنظيم تعاطف العديد من الأشخاص الذين يريدون أن يساعدوا. يمكن لمجتمع التعليم العالى العالمى أن يطلب الدعم من الطلاب القدامى والحاليين. وفى عصر التكنولوجيا الرقمية الحديثة، هناك العديد من الإمكانيات لتقديم المساعدة عبر الإنترنت، منها عن طريق تقديم المشورة للطلاب حول كيفية تقديم الطلبات للمنح الدراسية والفرص التعليمية.

ثالثا: لابد أن تتضافر جهود الإغاثة عن طريق إنشاء «مكتب نانسين» للتعليم العالى فى حالات الطوارئ يتماشى مع متطلبات واحتياجات القرن الواحد والعشرين بين عامى 1931 و1938، أنشأت منظمة مستوحاة من فريدجوف نانسين الحائز على جائزة نوبل للسلام، وكانت هذه المنظمة تُعنى بأمور اللاجئين من مناطق الصراعات فى جميع أنحاء أوروبا، فساعدتهم على إيجاد فرص عمل واستقرار. وقامت بذلك عن طريق إصدار وثائق سفر على أن يدفع الشخص المعنى رسوما لتغطية التكاليف الإدارية، فضلا عن تقديم قروض وهبات. كما جمعت أموال إضافية من خلال التبرعات الخاصة. وقد ساعد هذا المكتب نحو مليون لاجئ على شكل مساعدات مادية وقانونية ومالية قبل أن يحصل على جائزة نوبل للسلام فى عام 1938.

***

أما اليوم، فيمكن للعديد من الطلاب السوريين أن يجدوا فرصا للتنقل والالتحاق فى مؤسسات تعليمية من خلال برامج تأشيرة الطالب الموجودة حاليا. هذا ومن الممكن مساعدة طلاب آخرين عن طريق اعتماد نموذج برنامج اللاجئين الطلابى (SRF) الذى أطلقته الخدمة الجامعية العالمية فى كندا (WUSC) فى البلدان الأخرى. وهناك أيضا جهود دولية على نطاق أوسع، نذكر منها مبادرة ألبرت آينشتاين الأكاديمية الألمانية للاجئين، بتمويل من الحكومة الألمانية وإدارة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، التى تقدم الهبات والمنح الدراسية لكى يتمكن اللاجئون من متابعة تعليمهم العالى. يمكن أن للعلماء السوريين أن يصبحوا أساتذة زائرون عبر منظمات مثل مبادرة فيليب شوارتز ضمن مؤسسة ألكسندر فون هومبولت فى ألمانيا التى أطلقت حديثا، وبرنامج الأكاديميين المعرضين للخطر فى المملكة المتحدة، بالإضافة إلى صندوق إنقاذ العلماء التابع لمعهد التعليم العالى.
من واجبنا أن نقدم المساعدة عاجلا.
التعليقات