صاحب السعادة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صاحب السعادة

نشر فى : الثلاثاء 29 يوليه 2014 - 8:25 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 29 يوليه 2014 - 8:25 ص

لأن الشاشة الصغيرة، عادة، تجمع أمامها الأسرة الصغيرة، أو العائلة الكبيرة، فإن النصائح المتكررة لكاتب المسلسلات، تتضمن بنودا من نوع: ضرورة مراعاة مشاعر جمهورك، المكون من جد وجدة، زوج وشريكة حياته، أبناء وأحفاد. الكل، فى ذات الوقت، يشاهد عملا واحدا، وبالتالى عليك الابتعاد عن المواقف الفاضحة وتفاصيل عمليات القتل والعنف وإسالة الدم، بالإضافة لتجنب بث روح الكراهية تجاه الآخرين، خاصة أبناء الوطن.. أيضا، يستحسن أن تكون الأسرة هى مادة المسلسل، وأن تعالج قضاياها الاجتماعية بروح أخلاقية، تتحاشى الألفاظ النابية، ولا تلجأ إلى الإشارات التى قد تخدش إحساس المشاهدين.

مسلسل «صاحب السعادة»، الآمن، جاء مطابقا لكراسة الشروط، ينتمى للكوميديا الاجتماعية. بطله الرئيس عادل إمام، الذى يجسد شخصية تتواءم تماما مع مرحلته العمرية، وتأتى امتدادات على نحو ما، لدور «خطاب النجارى»، الذى قدمه فى «عريس من جهة أمنية»، والذى كتبه نفس المؤلف، يوسف معاطى، بإخراج على إدريس منذ عشر سنوات. «النجارى»، كان شغوفا بابنته إلى حد الأنانية، هى وحيدته التى لا يجد ــ من وجهة نظره ــ من يستحقها. ولكن الآن، أصبح «النجارى» «بهجت»، القبطان المتقاعد، الذى ترك قيادة سفينة، متفرغا لقيادة سفينة عائلته الكبيرة، المكونة من خمس بنات، بعضهن تزوج، أنجبن شلة من أحفاد، فضلا عن «عائشة»، زوجته، بأداء جميل ومتوازن، من شريكته فى الكثير من الأعمال.. لبلبة.

«بهجت»، المحب لأبنائه وأحفاده، بنى لهم فيلا كبيرة، جعلهم يسكنون معه، منتشيا بتوصيلهم لمدارسهم، بميكروباص يقوم هو بقيادته.. وعلى طول المسلسل، وكما فى الحياة، تتوالى المشكلات، بين بناته وأزواجهن، تصل لحد الانفصال والطلاق، وبينه وزوجته المحبة، العصبية، المتشككة.. يحاول «بهجت»، برحابة أفق، مواجهة المتاعب، فالواضح أن الحياة، وكبر السن، وتوالى التجارب، علمت الرجل الكثير من الحكمة، وأكسبته قدرة على الصبر، فضلا عن رؤية النصف المملوء من الكوب.

المسلسل يتضمن عددا كبيرا من الشخصيات، وبالتالى تأتى حمولته أكبر من طاقته، وتزداد الأمور تدهورا بطريقة اختيار الممثلين، فبنات «بهجت» الخمس، تتداخل ملامحهن على نحو لا يجعلك تميز بوضوح بين الواحدة وشقيقاتها.. كذلك الأمر بالنسبة للأحفاد، هم كتلة واحدة، بلا فروق فردية.

فى المسلسل، يظهر إدوارد، الطباخ، بذات الأبعاد الموحدة التى طالعنا بها فى أعمال سابقة، الاندفاع المحبط، التورم الذاتى، التدخل فيما لا يعنيه.. كذلك الحال بالنسبة لأحمد عيد، النمط الجاهز، المدرس الريفى الذى لا يخلو من سذاجة، السريع البكاء، ويجسد رياض الخولى، بأسلوب تقليدى شهامة ابن البلد، وفقا للصورة الذهنية التى خلفتها أعمالنا الدرامية.

لكن ثمة ما يستحق التوقف، وبالتحديد، وزير الداخلية الذى يشغل مساحة غير قليلة، مع زوجته، اللواء وجيدة الأسيوطى ــ بأداء جيد من نهال عنبر ــ وابنهما الضابط الذى يرفض أى وساطة أو حتى انتماء للأب.. هنا، تجدر الإشارة إلى مسألة مهمة: إذا كنا ندافع عن حرية إبداء الرأى فى ضابط فاسد، ووقفنا ضد مصادرة «أهل الإسكندرية» بسبب ما قيل عن موقفه من وزارة الداخلية، فعلينا أيضا، قبول الصورة المضيئة التى يقدمها المسلسل للوزير المتفانى فى مهنته، فاروق شهاب الدين، الذى قام بدوره، بأسلوب خاص، يشوبه الافتعال، خالد زكى، هنا، يتخذ الوزير موقفا نزيها، صارما، ضد زوجته، فينقلها، بلا تردد، من منصبها، إلى ديوان عام الوزارة، بسبب عدم تحرى الدقة، فى إصدار جواز سفر طفل، يتسلمه والده، ليهرب به للخارج، من دون علم والدته المطلقة.

«صاحب السعادة» عمل لطيف، يشيع قدرا غير قليل من الأمل، يدور فى أجواء أقرب للأرستقراطية، يؤكد على ضرورة مراعاة أطفال يتهددهم انفصال آبائهم، ويروج لقيمة الوئام، داخل العائلة الواحدة، وبين العائلة وغيرها من المعارف والجيران، حتى لو كان الجيران من طبقة أقل جاها وثراء. انه مسلسل «آمن»، قد يفتقر للعمق، ولكنه سلس ومريح، يناسب الشهر الفضيل.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات