الطشت.. والجيتو الإخوانى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:20 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الطشت.. والجيتو الإخوانى

نشر فى : الأربعاء 29 يوليه 2015 - 7:40 ص | آخر تحديث : الأربعاء 29 يوليه 2015 - 7:40 ص

إذا كانت جماعة الإخوان وأنصارها لا يرون فى قناة السويس الجديدة إلا أنها أصغر من «طشت أم وجدى غنيم»، أو فى أحسن الأحوال «مجرد تفريعة»، فالمؤكد أنهم لن يكتسبوا فضيلة الموضوعية والنزاهة أبدا.

خطورة هذه النظرة أنها تكشف أننا سنظل بعيدين عن أى تهدئة أو احتواء أو مصالحة أو تفاهم أو توافق طالما استمر تفكير الإخوان بهذه الطريقة.

العبث أو اللامنطق السائد فى مصر بين مختلف الفصائل والتيارات أوصل جماعة الإخوان إلى عدم رؤية أى شىء إيجابى فى حفر القناة الجديدة أو حتى توسيع القناة القديمة.

منذ تم طرح الفكرة وحتى البدء فى تنفيذها فى ٦ أغسطس الماضى، نهاية بإكمالها هذه الأيام، وأنصار الجماعة يشككون فى كل شىء بشأنها من أول الإيحاء بأن المسألة مجرد تمثيلية ونهاية بالكوميديا السوداء التى أطلقها الإخوانى وجدى غنيم بأن «طشت أمه أوسع من القناة الجديدة».

لن ننساق إلى هذا «التهريج»، لكن لا يمكن لجماعة أن تتوقع خروجا لها من أزمتها، طالما أن ما يحكمها فى علاقتها بالسلطة والمجتمع هو فقط الغل والحقد وانكار أى نجاح.

هذا المقال لا يناقش جدوى قناة السويس الجديدة، وهناك رؤى مختلفة مؤيدة جدا أو متعارضة جدا، وهناك اجتهادات اقتصادية متنوعة يمكن تفهمها، لأنها صادرة من خبراء عرف عنهم التجرد والموضوعية، والمؤكد أكثر أن القناة الجديدة ليست «بقرة مقدسة» فوق مستوى النقد والمناقشة. اليوم فقط، اطرح سؤالا بسيطا وهو: إذا كانت جماعة الإخوان لا ترى فى هذا المشروع إلا مجرد تمثيلية أو تفريعة أو «ممر أضيق من الطشت»، فما هى مساحة النقاش الموضوعية التى يمكن إدارتها مع هذه الجماعة بشأن قضايا الوطن ومستقبله؟.

قبل نهاية رمضان مباشرة، استمعت ضمن مجموعة من الاصدقاء إلى انتقادات حادة وجهها الدكتور ممدوح حمزة للمشروع، لكننا لم نصل إطلاقا إلى «مستوى الطشت»، وبالتالى، إذا كان ذلك هو مستوى تفكير الجماعة فما الذى يمكن توقعه مستقبلا؟!.

تقديرى المبنى على الاستماع إلى خبراء وآراء كثيرة أن مشروع القناة الجديدة له مميزات اقتصادية متنوعة، وله مميزات سياسية واجتماعية اكثر خصوصا فى إيجاد مشروع قومى يلهم المصريين ويلتفون حوله، لكننى لا أراه مشروعا مقدسا غير قابل للنقد والمعارضة.

خطورة تفكير جماعة الإخوان أنه يعزلهم أكثر عن التفكير العام للمجتمع، لأنه عندما يكون غالبية المصريين متوافقين على شىء، ثم تأتى أنت فقط لتقول إنه بلا قيمة بالمرة، بل وتسخر منه، فالنتيجة الوحيدة هى أنك ستظل مرتديا النظارة السوداء، التى تجعلك تنظر إلى كل شىء باعتباره أسود كحلى قاتم بلا أى فائدة.

ينسى الإخوان أنهم هللوا لمشروع محور قناة السويس، وكان العمود الفقرى فى دعاية مرشحهم للرئاسة محمد مرسى حينما قال إن «مشروع النهضة» سوف يستقطب استثمارات أجنبية بـ٢٠٠ مليار دولار، وينسون أيضا أن قادة الجيش وقتها هم الذين اعترضوا على العديد من الشروط الواردة فى مشروع محور القناة، وأن مرسى أقر بهذه الملاحظات.

إذن عندما يأتى السيسى ويطرح مشروع محور القناة، الذى حاول الإخوان تبنيه وقتها، فما الذى يجعلهم الآن ينظرون إليه باعتباره يبيع مصر وسيناء للأجانب، ما الذى تغير جوهريا فى المشروع بخلاف أن الإخوان صاروا خارج الصورة؟!.

أتفهم أن تعارض جماعة الإخوان كل ما تطرحه الحكومة الحالية من أفكار ومشروعات، لكن فقط عليهم أن يحترموا رغبة ومشاعر غالبية المصريين الذين وقفوا طوابير طويلة للمساهمة فى مشروع القناة الجديدة، وأن يحترموا عقول المصريين، ولا يتعاملون معهم باعتبارهم بلا ذاكرة.

خطورة هذا التفكير الإخوانى بشأن القناة أنه يؤكد كل يوم أن الجماعة تزداد انفصالا عن بقية المصريين وأن الجيتو الذى صنعته يصعب الخروج منه لفترة طويلة جدا من الزمن.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي