من يقتل المصريين؟ - أحمد راغب - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 1:01 ص القاهرة القاهرة 24°

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من يقتل المصريين؟

نشر فى : الخميس 29 أغسطس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 29 أغسطس 2013 - 8:00 ص

لا تكاد تمر مقتلة فى مصر منذ الموجة الأولى منذ ثورتنا المجيدة فى 25 يناير 2011 وحتى المجازر التى أرتكبت بعد 3 يوليو 2013 إلا وتوجه أصابع الاتهام بقتل المتظاهرين والمصريين لعناصر مجهولة مأجورة تستهدف القتل لصالح طرف بعينه، ووصل خيال وحماس دراويش الدولة للقول بأن المتظاهرين يقتلون أنفسهم.

يكفى أن تعرض صورة لشخص يرتدى ملابس مدنية وممسكاً بسلاح حتى تؤكد بعض المنصات الإعلامية للدولة بأن هؤلاء المتظاهرين المسلحين يقتلون أنفسهم لإلصاق الاتهام بالدولة وتحقيق مكاسب سياسية على حساب رجال الدولة الشرفاء، لتقوم الأجهزة الأمنية بالظهور فى وسائل الإعلام لتقسم بأغلط الأيمان أنهم لم يطلقوا رصاصة.

حدث ذلك لتفسير جرائم قتل شهداء مثل «الشيخ عماد عفت»، «جابر جيكا»، «الحسينى أبوضيف»، «أسماء البلتاجى»، فهولاء الشهداء جميعا وغيرهم لدى دروايش الدولة تفسير واحد لقتلهم وهو ببساطة «بيقتلوا بعض».

أما إذا كنت لايزال لديك قدر من العقل والتعقل وحاولت أن تستفسر عن المتظاهر المسلح المزعوم والدليل على أنه يقتل أخيه المتظاهر دون أن يعترضه أحد من المتظاهرين وكأنهم مستسلمون لقدرهم المحتوم. فإنك ستحتاج للتفسير الأعمق المقترن بابتزاز مشاعرك الوطنية وهو العناصر الخارجية والتى تبدأ بحركة حماس الفلسطينية ولا تنتهى عند الموساد الإسرائيلى، لتفسر لك عزيزى المواطن الجرائم التى أرتكبت ضد المصريين إخوانك وأخواتك فى هذا الوطن منذ الموجة الأولى من ثورتنا المجيدة فى 25 يناير 2011 وحتى الآن.

هذه التفسيرات وغيرها لقتل المصريين لم تكن تأخذ حظها فى الانتشار لولا أن لها صدى فى أروقة الأجهزة الأمنية والتى تعمل جاهدة لنفى ما هو ثابت من أنها مارست جرائم ضد المصريين، واقترن جهاد تلك الأجهزة بتعمد لإفشال العدالة ولإدانة قتلة المصريين.

قد تساعدك هذه التفسيرات على التشفى فى جماعة الإخوان وغيرهم من خصومنا، إلا أنها قطعا لن تساعدك على فهم السبب الذى دفع أجهزة الدولة لعدم الإعلان عن أسماء من قتل جنودنا فى رفح والذين استشهدوا فى أغسطس 2012، كما أنها لن تسعفك فى الإجابة عن المتورطين فى جرائم الاغتصاب بميدان التحرير، أو حتى فهم السبب الذى منع الأجهزة الأمنية من تسليم تسيجلات كاميراتها المنتشرة فى ميادين مصر للقضاء والنيابة العامة.

والأكيد أنك ستصاب بالدهشة إذا ما علمت بأن لواء الشرطة المسئول عن التسجيلات اللاسلكية للأمن المركزى بالشرطة فى يناير 2011 تمت إدانته بحكم قضائى لإتلاف هذه التسجيلات. إذا لم تساعدك تفسيرات الدولة لفهم من قتل المصريين، فأدعوك للتأمل فيما قاله «حبيب العادلى» وزير داخلية مبارك عن ظاهرة البلطجة وذلك فى إفادته للجنة تقصى الحقائق عندما كشف بأن ظاهرة البلطجة استفحلت عام 2005 من قبل أعضاء الحزب الوطنى المنحل بالانتخابات وأصبح لهم نفوذا فى المجتمع، وبعضهم استخدم من قبل وزارة الداخلية وخصوصاً رجال المباحث الجنائية فى عملهم.

واسمح لى عزيزى القارئ أن أضيف لمعلوماتك بأن رجال المباحث بوزارة الداخلية وغيرهم من موظفى الدولة بالأجهزة الأمنية يرتدون ملابس مدنية مثل أى متظاهر من المتظاهرين، ويعلم الغالبية العظمى ممن ينزل للتظاهرات بوجود بعض من هؤلاء فى صفوفنا، وبعضنا شاهد بعض المتظاهرين فى وقت اقتحام الاعتصامات يقوم بمشاركة قوات الأمن فى فض اعتصام المتظاهرين.

وللإنصاف فإن بعض رجال الشرطة لم ينساقوا وراء رواية الدولة وأدلوا بشهادات أمام النيابة تؤكد ما قاله «حبيب العادلى» للجنة تقصى الحقائق، حيث شهدوا بأن وزارة الداخلية يوم 28 يناير 2011 قامت بتجميع مجموعة من البطجية ودفعتهم للاندساس وسط المتظاهرين لتصوير أن المظاهرات غير سلمية لتبرير فضها بالقوة.

هذه الشواهد والمعلومات وغيرها هى ما دفعت النيابة العامة بعد أن حققت فى تقرير جزء من تقرير لجنة جمع المعلومات والأدلة وتقصى الحقائق للقول وللمرة الأولى صراحة فى مذكرتها بقائمة أدلة الثبوت التكميلية بأن وزارة الداخلية استعانت بالبلطجية لمواجهة المظاهرات السلمية.

إن هذه الشواهد يجب أن تدفعك أنت أيضا لمراجعة عشرات الآلاف من الصور والفيديوهات المنتشرة على المواقع الإلكترونية لتحاول أن تحصى عدد الأشخاص المدنيين المصاحبين لقوات الأمن فى مواجهتها للمتظاهرين، ويجعلك لتتوقف أمام المظاهرات المسلحة بالأسلحة البيضاء والآليه تحت أعين أجهزة الأمن.

وإذا ما أعلنت عن مراجعة نفسك والاستذكار من دروس الثورة وخبراتها فى شوارع محمد محمود وأمام مجلس الوزراء، سيقولون لك ألم تشاهد جرائم قتل جنودنا فى سيناء وفى أقسام الشرطة وحرق كنائس المصريين فى الصعيد، حينها لا تجيب عليهم بما يجب بأن وظيفة الدولة هى حماية المواطنين والممتلكات الخاصة والعامة دون أن تنتهك القانون وأن فشلت فى ذلك تسمى دولة فاشلة، ولا تجيب بأن هذه الجرائم مستمرة وممتدة من قبل الثورة ولها مسببات مجتمعية.

عليك أن تسألهم عن علاقة هذه الجرائم بقتل المتظاهرين، عليك أيضا أن تسألهم عن جريمة تفجير كنيسة القديسيين (1 يناير 2011 ) وما الذى منع أجهزة الأمن من القبض على من قام بهذا العمل الإجرامى، وتذكرهم بجنودنا الشهداء الذين يقتلون على مدار عشرات السنين فى سيناء بسبب ضعف تأمينهم بسبب اتفاقية كامب ديفيد، وبسياسة تهميش سيناء اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.

لتعيد طرح السؤال مرة أخرى على نفسك من قتل المصريين ومن له مصلحة فى نفى الاتهام المشروع لأجهزة الدولة بقتل المصريين ومن أتلف وطمس أدلة قتل وإصابة المتظاهرين، ومن لا يريد للمصريين أن يعرفوا الحقيقة وأن يحاسبوا من قتلهم.

التعليقات