شعب تونس وإخوان مصر - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:50 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شعب تونس وإخوان مصر

نشر فى : الأربعاء 29 أكتوبر 2014 - 8:05 ص | آخر تحديث : الأربعاء 29 أكتوبر 2014 - 8:05 ص

لو ان الرئيس الأسبق محمد مرسى وجماعته قد استجابوا لنداء ومطالب ملايين المصريين وكل مؤسسات الدولة الأساسية بالذهاب إلى استفتاء على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة فى 30 يونيو 2013 لكنا نعيش الآن نفس اللحظة التى يعيشها الاشقاء فى تونس اليوم.

لا اعرف حتى هذه اللحظة لماذا لا يتذكر الإخوان وأنصارهم هذه الملاحظة، ولماذا يهربون دائما من الإجابة على هذه المقارنة؟!

لو أن مرسى والإخوان استجابوا لهذا المطلب الجماهيرى العادى جدا ثم الكاسح عبر المظاهرات المليونية، لكنا وفرنا على أنفسنا وعلى بلدنا أرواح آلاف الضحايا ودماء آلاف المصابين وأموال الاقتصاد الذى تعطل، وعبء التدخل الأجنبى الذى استفحل والإرهاب الذى تعملق.

لو استجاب مرسى وجماعته لهذا المطلب لكنا نعيش نفس اللحظة السعيدة التى عاشتها الشقيقة تونس يوم الاثنين الماضى حينما انجزت أول انتخابات برلمانية بعد الفترة الانتقالية والتى فازت بها القوى المدنية بالمركز الأول وشهدت تراجعا واضحا لحركة النهضة الإخوانية.

المقارنة بين النموذجين المصرى والتونسى مغرية للكثيرين طول الوقت، والإخوان وأنصارهم يقارنون فقط بين الجيش هنا وهناك، أو النخبة هنا وهناك، لكنهم ينسون مقارنة أهم وهى بين تصرف الجماعتين هنا وهناك.

التفكير الإخوانى واحد سواء كان فى تونس أو فى ماليزيا، والميل إلى «التكويش والأستاذية» يكاد يكون ملمحا رئيسيا، لكن تصرف حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشى كان براجماتيا ونفعيا، واستفادوا بصورة أساسية مما حدث لجماعتهم الأم فى مصر لأن البديل كان مماثلا تقريبا.

كان فى إمكان النهضة أن يكرروا ما فعله إخوان مصر، وكانت النهاية ستكون متشابهة، لكنهم قرأوا المشهد الشعبى والإقليمى والدولى بصورة واضحة فقرروا التنازل قليلا حتى لا يخسروا كل شىء، وهو ما تحاول ان تفعله حركة حماس فى فلسطين الآن.

التصرف العملى للنهضة حافظ لها على التواجد فى المركز الثانى فى المشهد السياسى، وقد تشارك فى حكومة ائتلافية أو تصبح زعيمة للمعارضة، بل وصارت تتلقى الشكر من الجميع على حسن تصرفها.

التصرف الكارثى لإخوان مصر وافتقارهم لأبسط أساسيات العمل والتفكير السياسى المنطقى جعلهم الآن إما فى السجون أو المنافى.

قياسا على العقل وعلى النموذج التونسى، كان بإمكان جماعة الإخوان ان تقبل بالانتخابات المبكرة تجدد الثقة فى حكمهم أو تضعهم فى المعارضة فى المركز الثانى، ولم يكن فى مقدور أى قوة «كائنة من كانت» أن تفعل بهم ما فعلوه بأنفسهم بإصرارهم على الحصول على كل شىء أو خسارة كل شىء.

لو أن الإخوان خسروا الانتخابات المبكرة كانوا سيضمنون ان يظلوا فى قلب الصورة وفى قلب التأثير فى الحياة السياسية، لم يكن يستطيع أحد أن يتجاهل وجودهم. وكانوا سيظلون فى بيوتهم وليس فى السجون، وشركاتهم وجمعياتهم الخيرية تعمل وليست تحت التحفظ، نقاباتهم مفتوحة وليست متمردة عليهم، والأهم كانوا سيحظون بتأييد قطاع لا بأس به من الناس العاديين الذين انقلبوا عليهم لاحقا.

أى إشادة حقيقية بسلوك جماعة النهضة يتطلب إدانة واضحة لسلوك جماعة إخوان مصر. لولا هذا السلوك إضافة إلى أخطاء آخرين ما وصلنا إلى هذا الحال.

مرة أخرى مبروك للشعب التونسى.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي