نور العقل - جمال قطب - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 4:18 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نور العقل

نشر فى : الخميس 29 نوفمبر 2018 - 10:45 م | آخر تحديث : الخميس 29 نوفمبر 2018 - 10:51 م

ستبقى مصابيح «الهدى والسنة النبوية» ما بقى الليل والنهار، شاء ذلك من شاء وأبى من أبى، فإرادة رب العالمين سارية وفاعلة لا يحجبها حاجب، ولا تعوقها سدود. فقد قرر صاحب القرار سبحانه ((وَاللَهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَ أَكْثَرَ النَاسِ لَا يَعْلَمُونَ))، فإن كان بعض خفافيش الظلام يبذل جهودا، فهل استطاع أحد أن يحجب ضوء الشمس نهارا أو نور القمر ليلا؟ لا خوف على السنة النبوية من البغاث أو البعوض، فقد أرسل الله خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم لجميع الزمان والمكان فجعله فى الهداية والرشد قائما مقام الشمس والقمر فى الليل والنهار.
ــ1ــ
فالبشر فى النهار يعيشون فى ضياء الشمس، ومع الليل يبصرون تحت نور القمر وكما يرى جميع الخلق: ((لَا الشَمْسُ يَنبَغِى لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَيْلُ سَابِقُ النَهَارِ ۚ وَكُلٌ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ))، أما فى قلوب الناس وعقولهم، وفى أنفس البشر وأرواحهم فقد وهبنا الله هبة خاصة ذات نفع عام دائم فى الليل والنهار، وتلك الهبة هى رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وصفها صاحبها رب العزة إذ يقول: ((يَا أَيُهَا النَبِيُ إِنَا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدا وَمُبَشِرا وَنَذِيرا * وَدَاعِيا إِلَى اللَهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجا مُنِيرا)). هكذا سراج بالنهار ونور بالليل، فلا خوف على القرآن الكريم لأنه محفوظ بقدر صاحبه ((وَإِنَا لَهُ لَحَافِظُونَ )) ولا خوف على السنة النبوية إذ جعلها الله تماما كالسنة الكونية لا يغيب عن الفطرة ولا تغادر العقول والقلوب كما لا يخلو الزمن من الشمس أو القمر فاللهم إنا نشهدك أننا نؤمن أن لا خوف على القرآن ولا السنة النبوية الصحيحة الشريفة مهما عبث الجاهلون.
ــ2ــ
ولقائل أن يقول: إن كان لا خوف فما هذا النشاط فى الرد على المتزعمين المدعين؟
وما هذه الكلمات والأسطر والكتب والأحاديث فى تفنيد هذا الغشاء؟ ولماذا اجتهادكم ويقظتكم لكل مستشرق أو مستغرب، ولكل متملق ومتسلق؟ لهذا نقول لأنفسنا قبل الجميع، أليس لكل مخلوق وظيفة؟ أو ليس لكل وظيفة أدوار؟ ولكل دور واجبات وضوابط؟
ــ3ــ
فما هى وظيفة الإنسان المتمسك بإنسانيته؟ أليست الوظيفة الأساس لكل إنسان إذا أحسن بإنسانية ــ وظيفته الإعمار حيث يقول جل جلاله «هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا» سورة هود الاية 61 وحيث يقول تعالى ((إِنْ أُرِيدُ إِلَا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِى إِلَا بِاللَهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)).
((وَلَا تَجْعَلُوا اللَهَ عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُوا وَتَتَقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَاسِ ۗ وَاللَهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)).
فالإعمار والإصلاح هو الوظيفة العامة لكل إنسان. ولهذا نرى دارات المرافق فى جميع البلاد تسارع بإزالة آثار السيول، وتنظف الارض مما ينزل عليها من التراب
والطين، وإذا لم يفعلوا ذلك فسوف يعانى الأطفال والشيوخ وأهل الإعاقة من تلك الآثار وعلى ذلك يقوم العلماء بوظيفتهم الأساس فى الإعمار والاصلاح ثم فى تخصصهم بسرعة رفع السنة والقذر من طرق الناس حتى لا يشقى الناس بآثار تلك الكوارث.
ــ4ــ
و يبقى علينا – معاشر أهل الفقه – أن نتواصى بيننا بالحق والصبر كما أمرنا الله،
وكما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زال بين صفحات الكتب قصة ذلك الأعرابى الذى كان جاهلا، ودخل إلى مسجد رسول الله أثناء وجود الرسول الله صلى عليه وسلم وصحبه، وإذا بذلك الأعرابى ينتحر ناحية المسجد «ويخرج ما فى بطنه»!!!
و أخذ الغيظ يستبد بالصحابة الكرام... أهكذا..؟ فى المسجد؟؟ وفى حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم؟؟ وبدا على وجوه البعض شديد الامتعاض الذى سيتحول إلى استهجان ثم انتقام... وهنا سطع نور النبوة قائلا: «لا يقطعوا على الرجل بولته، ذنوب (دلو) من الماء يطهر ما فعل» فيا أيها الفقهاء وأنا تلميذكم ارحموا أمثال هذا.. هذا الذى كشف غورته، وأخرج على الناس رجسه وقذارته، ونسى أن الإنسان.. يجب عليه الإصلاح، بل ربما فكرنا أن أمثال هذا هم مصدر ثوابنا، فهو يدارى عوراته وأنتم تسترونها؟

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات