هدية وديع - سيد محمود - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 6:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هدية وديع

نشر فى : الأربعاء 30 يناير 2019 - 12:10 ص | آخر تحديث : الأربعاء 30 يناير 2019 - 12:10 ص

قرأت اسم وديع فلسطين لأول مرة فى مقال للكاتبة الكبيرة صافى ناز كاظم فى مجلة الهلال قبل أكثر من ربع قرن وبفضلها زرته لأول مرة فى بيته قرب شارع على بن ابى طالب بمصر الجديدة وكنت أتابع المقالات التى ظل يكتبها فى صحيفة الحياة تحت عنوان «حديث مستطرد» واستمتع بما فيها من تاريخ بقى فى الظل طويلا.
وتعمقت صلتى به حين طلبت منى السيدة سلمى مرشاق الباحثة اللبنانية من أصل مصرى فى شئون أدباء الشام وتواريخها أن أصحبها فى احتفال بعيد ميلاد أستاذها الذى علمها الصحافة فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة وكان من مواليد نفس العام الذى ولد فيه الأستاذ هيكل.
وظلت الاتصالات تتواصل بينى وبين الرجل الذى تجاوز عمره العام الرابع والتسعين إلى أن قرأت خبرا عن محاولة قتله بغرض السرقة قبل أقل من عامين وكنت فى كل زيارة لبيته أرثى لحاله الذى جعله يعيش وحيدا بين كتب وجدران وذكريات فريدة مع أعلام عصره دونها فى كتاب حمل نفس الاسم.
وطوال سنوات لم يلتفت أحد لتلك العلاقة النادرة التى ربطت بين سلمى وأستاذها حتى انتبهت الروائية العراقية أنعام كجه بحساسيتها المعهودة لتلك العلاقة الفريدة وأعدت فيلما تسجيليا بسيطا يوثق لها انطلاقا من مناسبة قرر فيها «وديع» وهو اسم على مسمى أن يهدى مكتبته لتلميذته المخلصة التى تحب الكتب وتعتنى بها وأورثت هذا الحب لابنتها الكاتبة رشا الأمير وابنها لقمان سليم وهما اللذان كانا وراء تأسيس دار الجديد فى تسعينيات القرن الماضى وهى التى قدمت أعمالا لا تنسى لمحمود درويش وأنسى الحاج وأحمد بيضون وحازم صاغية وأطلقت سلسلة لشباب الشعراء أصبحوا نجوما الآن وبقى فضلها فى استعادة أعمال رائد نهضوى كبير هو عبدالله العلايلى.
أحبت رشا الأمير الكتب ودللتها تماما حتى أصبح وجود دار الجديد فى سوق النشر دالا على الأناقة والتفرد أكثر من المنافسة التى تفسد الجمال الذى أخلصت الدار فى التبشير به.
وهكذا كان الاحتفال بفيلم «هدية وديع إلى سلمى» الذى شهده بيت السنارى أول أمس مناسبة أنيقة بكل المعانى وطريقة فى الإشارة للقيم والأسماء التى سقطت فى زحام أيامنا.
جمع الفيلم حوله قامات فريدة يندر تكرارها فى مناسبة ثقافية، لكن الحب يفعل أكثر من ذلك فقد حضر من الضيوف العرب هدى بركات ورشا الأمير ومها حسن وحمور زيادة والسعودى يحيى أمقاسم، والعراقية بثينة الناصرى، والصحفى الكبير عبدالوهاب بدرخان، ومن مصر محمد المخزنجى، نعيم صبرى وعزت القمحاوى ومنتصر القفاش ومحمود الوردانى وايمان يحيى، سمر نور، ونهلة كرم وأريج جمال والمخرج يسرى نصر الله والمخرجة ليالى بدر، بالإضافة لقامات نقدية كبيرة مثل د صبرى حافظ، ود فريال غزول، الصحفيات البارزات منى انيس، ومنحة بطراوى وسهير فهمى، جيهان العلايلى.
وكما عبر محمد المخزنجى الكاتب الفريد فى انسانيته بعد الفيلم فلعل أجمل ما فيه هو الطاقة العذبة التى تتناغم فى لقطاته وكلها تشير إلى الأسئلة التى نتفادى طرحها على أنفسنا بشأن العلاقة التى تربطنا بتاريخنا وأعلامه.
لا تتدعى أنعام كجه جى أنها مخرجة كبيرة لأن تألقها فى مجال آخر هو الكتابة، لكن ثمة ما يربط بين فيلمها وكتابتها وهو أمر يتعلق بالشغف بالتاريخ وإعادة رواية أحداث من موقع آخر ينتصر للسؤال ويحتفى بالضعف وتلك هى القوة التى تبقى.