الإرادة الغائبة - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 3:50 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

كمشجع زملكاوي.. برأيك في الأنسب للإدارة الفنية للفريق؟

الإرادة الغائبة

نشر فى : الثلاثاء 30 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 30 أبريل 2013 - 8:00 ص

حاولت كثيرا فهم لماذا تتأخر التنمية فى سيناء، ولماذا ظلت الأمور محلك سر طوال الأعوام الثلاثين الماضية، بالرغم من أنها ذات الفترة الزمنية التى تم فيها تنمية لا بأس بها فى محافظات أخرى، (البحر الأحمر نموذجا) وبالطبع تجدد السؤال فى الذكرى الحادية والثلاثين لتحرير سيناء، وللأسف كانت الإجابات من مختلف الجهات، تؤكد أن الإرادة لم تكن موجودة أبدا لتنمية هذا الجزء من الوطن، وأن سيناء يمكن أن يحدث بها الكثير لو توافرت الارادة. 

 

وما حدث فى سيناء، ربما يفسر الكثير مما حدث، ويحدث فى مختلف قضايانا، أن الارادة غائبة دائما، وأن من بيده الأمر يظل يتحدث ويتحدث وهو يعلم جيدا أنه لن يفعل شيئا وكل ذلك للاستهلاك الإعلامى، لأن الإرادة وحدها هى بداية العمل لإنجاز أى شىء، وهى التى ستحقق النتائج، لذا يبدو ذلك واضحا فى ما وصلت إليه منطقة مثل الغردقة، إرادة واضحة من أصحاب القرار فاستجاب الجميع وتطورت المدينة التى عاشت بفندق واحد سنوات طوال، ولأن صاحب القرار كانت لديه إرادة فكان المطار الدولى وكانت الطرق والخدمات تسبق أصحاب المشروعات الخاصة، على العكس تماما من كثير من مناطق سيناء التى لم تتوافر الإرادة لتنميتها لأسباب لا نعلمها، وحينما سألت أحد مشايخ القبائل السيناوية، عما تحتاجه محافظته (شمال شيناء) قال الإرادة ورغبة حقيقية من الدولة فى توفير حياة كريمة لأبناء المحافظة التى عانت ولا تزال تعانى حتى الآن. 

 

وعلى ما يبدو أن فكرة غياب الإرادة من الأفكار الحاكمة للكثير من الأمور فى مصر، وفى مقدمة هذه الأمور، غياب إرادة التغيير، وهو تغيير ضرورى ولازم بعد الثورة، حيث اختفت هذه الإرادة لصالح إرادة الصراع والاشتباك والإقصاء، وهى الإرادة الظاهرة والمهيمنة على المشهد، وأحيانا تبدو هذه الإرادة متعمدة، لذا لا يمكن أن نشهد أى تغيير حقيقى فى ظل تنامى إرادات الصراع على حساب إرادات التغيير والتنمية والتقدم. 

 

أما ما يحير بالفعل فهو ما يبدو لنا جليا خلال الأشهر الماضية، من غياب إرادة الاخوان فى الحكم، رغم كل ما يثار ويتناثر حول أخونة المؤسسات أو الوزارات، فوجود بعض من ينتمون للجماعة فى مؤسسة ما، فهذا لا يعنى أبدا أنها رغبة فى الحكم والإدارة، ربما تكون رغبات استحواذ، رغبات هيمنة، أما إرادة الحكم فهى بالتأكيد غائبة، لذا حينما يعبر قادة فى الجماعة انهم لا يحكمون، فهم يعبرون بالفعل عن الواقع، وفى المقابل، فإن المعارضة أو قوى تعتقد أنها قريبة من الحرية والعدالة أنهم مستبعدون، فهم أيضا يعبرون عن واقع، وبين هذين الفهمين، نكتشف بسهولة ماذا يحدث فى أمور الدولة ولماذا لم يحدث التغيير، أو حتى البدء فى التغيير حتى الآن، فالجميع منشغل بمعركة كان من الواجب بذل الجهد لتجنبها، لا العمل بدأب من أجل تأججها. 

 

إن ما تحتاجه القوى السياسية فى مصر الآن مواجهة نفسها بحقيقة ما فعلته بالناس، انحراف كامل عن ارادة التغيير التى بحثت عنها الجماهير عقب الثورة ومازلت تنتظرها، وخلقت بدلا منها إرادة صراع بطول خطوط المواجهة، فتاهت كل الأهداف الحقيقية التى كانت من الممكن ان تضع مصر على بداية طريق الدولة العصرية الحديثة، وفجأة وجدنا أنفسنا محاطين بتلال من التخلف لأنه لا يوجد من يرغب فى انتشالنا من هذا المأزق الذى بات مزعجا ومحبطا ويدعو الجميع للمزيد من التخلف، فكيف تستقيم أسئلة التنمية سواء عن سيناء أو غيرها؟ 

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات