احذروا الحرب الأهلية المصرية - السعودية - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 3:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

احذروا الحرب الأهلية المصرية - السعودية

نشر فى : السبت 30 أبريل 2016 - 9:35 م | آخر تحديث : السبت 30 أبريل 2016 - 9:35 م
الأخطر من الانقسام الدائر الآن فى مصر بشأن جزيرتى صنافير وتيران، هو الصراع بين قطاعات شعبية مصرية وأخرى سعودية.

من المنطقى والطبيعى حال الجدل الدائرة فى المجتمع المصرى بشأن الجزيرتين بعد توقيع الحكومة المصرية المباغت على اتفاق يضمها إلى السعودية.

ومن البديهى أيضا حال المعارضة واسعة النطاق وسط قطاعات واسعة فى مصر لهذه الاتفاقية، خصوصا أن جميع المصريين تقريبا استيقظوا يوم الجمعة ٨ أبريل الماضى ليتفاجأوا بأن الجزيرتين صارتا تحت السيادة السعودية.

لكن غير المنطقى بالمرة هى تلك الحرب الأهلية بين جزء كبير من المواطنين المصريين والسعوديين بسبب الجزيرتين.

من يدخل على صفحات كثيرة فى الفيس بوك وغالبية وسائل التواصل الاجتماعى سيتفاجأ بالمعارك المشتعلة بين الجانبين.

يبدأ الأمر فى معظم الأحيان بنقاشات عادية حول القضية، بل ويكون إلى حد ما عقلانيا، يتم يتطور الأمر شيئا فشيئا إلى سب وقذف وأحط ما فى قاموس الشتائم والبذاءات.

وباستثناء أن مكان ووسيلة الصراع عصرية متمثلة فى وسائل التواصل الاجتماعى، فقد يتبادر إلى الذهن أننا نعيش عصر حروب القبائل العربية فى العصور الجاهلية.

ينسى الطرفان أنهما عرب ومسلمون، ويبدأ كل طرف فى كيل الشتائم للانتقاض من الآخر وتحطيمه وتشويهه واغتياله معنويا.

غالبية هؤلاء المتصارعين ليس لديهم أى معلومات حقيقية وكاملة عن الموضوع، لكنهم تبنوا موقفا «عميانيا» سواء مع هذا الطرف أو ذاك.

قد يقول البعض إنه من الطبيعى أن يتبنى كل مواطن الموقف المؤيد لبلده، سواء كان ظالما أو مظلوما.

لكن إذا سلمنا بهذا الأمر الغريب، فهل من المسموح أن نسمح بتطور هذا الأمر ليصبح قدحا وسبا وتشويها للطرفين معا؟!

وسائل التواصل الاجتماعى لها فوائد كثيرة، لكن لها أضرارا قاتلة أيضا، مثل تسهيل الحروب الأهلية بين الشعوب وترك الجميع ليخرجوا أحط ما فيهم من غرائز، وربما هى فرصة أيضا لاندساس بعض المتآمرين لتأجيج النار كلما خبت.

هل لاحظتم ملامح المشهد الذى يراد تكريسه للمنطقة العربية الآن؟!

غالبية العرب انقسموا بين سنة وشيعة وداخل البلدان السنية بين إخوان وسلفيين بأنواعهم المختلفة، وبين الشيعة إلى إصلاحيين ومحافظين، وأنصار لإيران أو معادين لها.

ولدينا صراعات محتدمة بين عرب وأكراد، وعرب وأمازيج أو على أساس جهوى ومناطقى كما هو الحال أحيانا فى ليبيا، والآن هناك حروب متنوعة بين كل بلد عربى وآخر ومنها هذا الصراع المصرى السعودى.

مرة أخرى نحن هنا لا نناقش من هو الأحق بالجزيرتين فذلك ما يحسمه الخبراء والمختصون والخرائط والوثائق ومعايير أخرى كثيرة، إضافة إلى تصويت مجلس النواب المصرى، ما نناقشه هو ألا نسمح باشتعال هذه الحرب بين المواطنين العاديين خصوصا أن علاقات الحكومتين جيدة للغاية.

أتمنى أن تنتبه الحكومتان لهذا الأمر، وتتدخل بكل السبل الممكنة لإخماد هذه الفتنة المشتعلة، والتى تهدد بعواقب وخيمة على المدى البعيد، خصوصا أنها تبتعد احيانا عن الصراع الحالى بشأن الجزيرتين، وتستخرج لحظات الصدام التاريخية القديمة.

أتمنى أن تبدأ الحكومتان فى اتخاذ إجراءات عاجلة وعملية لوقف هذه الحروب المشتعلة والمتنقلة، والتى قد تترك ندوبا يصعب حصرها فى السنوات المقبلة.

وللموضوعية فإن الحكومة المصرية تتحمل جانبا كبيرا من مسئولية ما يحدث لأنها أدارت الملف منذ البداية بقدر كبير من الغموض والارتباك من دون إعداد وتهيئة المجتمع للاتفاق.

الحفاظ على علاقات قوية بين حكومتى البلدين شىء مهم، والأهم منه أن تستمر العلاقات أفضل بين الشعبين وتذكروا أن استمرار هذا التشاحن الشعبى لا يستفيد منه إلا أعداء الأمة العربية وفى مقدمتهم إسرائل فهل نتعظ؟!.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي