لماذا لا يتحدثون عن التطرف الصهيونى؟! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:17 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا لا يتحدثون عن التطرف الصهيونى؟!

نشر فى : الأحد 30 أبريل 2017 - 9:20 م | آخر تحديث : الأحد 30 أبريل 2017 - 9:20 م

عندما تكون قويا ومتنفذا يمكنك أن ترتكب كل الجرائم ولن يحاسبك أحد، بل سوف يلتمس لك الكثيرون الأعذار، والويل كل الويل إذا كنت ضعيفا وقتها لن يرحمك أحد.
الكلام السابق ينطبق تماما على التطرف والبلطجة الإسرائيلية المستمرة منذ عام ١٩٤٨، دون أن تجد من يردعها من العرب، أو تواجه إدانة دولية حقيقية، على الرغم من أن كل هذا العالم المتقدم يعطينا دروسا يومية فى مادة حقوق الإنسان.
لا ننكر أن مجموعة من المسلمين اختطفوا الدين الإسلامى العظيم، وتاجروا به، بحيث بات كثيرون فى الخارج يربطون بينه وبين الإرهاب.
ارتكب هؤلاء المجرمون بشاعات كثيرة، حرقوا ودمروا وفجروا ونسفوا وقتلوا البشر والحجر والجسور والكبارى والآثار والسدود، وكان العدد الأكبر من ضحاياهم من المسلمين.
وإذا كنا نعترف نحن غاليية المسلمين بالإرهاب الذى يتمسح فى الإسلام وندينه ليل نهار، فماذا عن التطرف الصهيونى الذى لا يجد من يشير اليه ولو بكلمة إدانة حقيقية، ناهيك عن التصدى له؟!.
إذا كان الغرب عادلا فعلا ويؤمن بكلامه عن حقوق الإنسان فلماذا لا يدين الإرهاب الصهيونى بنفس القدر الذى يدين به الإرهاب الذى تمارسه داعش وأمثالها؟! أم أن هناك إرهابا متوحشا وآخر جميلا ووسطيا؟!.
لا ننكر وجود بعض الأصوات العاقلة والمحترمة فى الغرب تفضح وتدين وتواجه البلطجة الإسرائيلية وجرائمها فى فلسطين وسائر منطقة المشرق العربى. هؤلاء يوثقون جرائم إسرائيل ويقاطعون بضائعها وسلعها المصنوعة فى مستوطنات الضفة الغربية، لكن لا أقصد هذه الأصوات المدنية بل أتحدث عن نفاق بعض الحكومات الغربية، التى تطالبنا نحن العرب والمسلمين بمواجهة التطرف والإرهاب ــ ولهم كل الحق فى ذلك ــ فى حين تواصل تشجيع ودعم وتمويل التطرف الصهيونى فى الأرض المحتلة، بل إن الولايات المتحدة قررت زيادة الدعم السنوى الموجه لإسرائيل، على الرغم من أنها قررت تخفيض الميزانية المخصصة للمساعدات للدول الأخرى بنسبة ٤٠٪‏؟!.
داعش وأمثالها ارتكبت جرائم بشعة خلال السنوات الخمس الأخيرة لا ينكرها إلا أعمى، لكن كل حكومات إسرائيل ــ التى هى أخطر من أى عصابة ــ ارتكبت ولا تزال ترتكب كل الجرائم، وتمارس إرهاب الدولة بكل أنواعه. احتلت ارضا وشردت شعبا كاملا هو الشعب الفلسطينى وتتبع سياسية التهويد والاستيطان فى كل فلسطين، كما تواصل احتلال أجزاء من أراضى دول عربية أخرى مثل لبنان وسوريا. هى تحاصر غزة وتقصفها بصفة دورية منذ سنوات، وحولت الضفة الغربية إلى سجن كبير. سممت ياسر عرفات وقتلت بدم بارد الأطفال فى المدارس والشوارع، ولا تخلو قرية أو مدينة فلسطينية من بصمات الإجرام الصهيونى.
الغريب أن الشرعية الدولية التى يتبجح بها الأقوياء دائما ــ كسبيل لتنفيذ أهدافهم ومصالحهم ــ أدانت إسرائيل فى قرارات دامغة وصريحة آخرها منذ شهور قليلة من مجلس الأمن الدولى والجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن الدول الكبرى خصوصا أمريكا وبريطانيا تحمى إسرائيل دائما بالڤيتو منذ تم زرعها عنوة فى المنطقة عام ١٩٤٨ وحتى هذه اللحظة.
قبل أيام نشر الكاتب الإسرائيلى المعروف يوسى كلاين مقالا مهما بصحيفة هاآرتس، فضح فيه التطرف الخطير الذى يجتاح إسرائيل، ويحظى برعاية كاملة من كل أركان الدولة والمجتمع، مؤكدا أنه أخطر من أى تهديد خارجى يواجه إسرائيل. بعد نشر المقال تعرض الكاتب والصحيفة لأعتى حملة نقد وهجوم واغتيال معنوى، بداية من قادة التطرف فى المستوطنات ونهاية بنتنياهو وغالبية وزرائه.
أكتب الكلمات السابقة بوحى من الكلمات القوية التى قالها كل من البابا فرنسيس بابا الڤاتيكان والإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر فى مؤتمر السلام العالمى يوم الجمعة الماضى فى الأزهر الشريف.
الخلاصة هى أنه لن يكون هناك سلام فى المنطقة طالما استمر الإرهاب الصهيونى، فقد صار واضحا أن هذا التطرف الصهيونى هو المغذى الفعلى لارهاب داعش وامثاله حيث استطاع أن يحقق معظم نجاحاته بفعل داعش، والأخيرة تتحجج بالاحتلال الإسرائيلى، بل ويحمل بعضها أسماء مثل «أنصار بيت المقدس»، على الرغم من أنها أدارت ظهرها للقدس، وتفرغت لقتل المصريين فى سيناء وغيرها!!.
هل هى مصادفة أن الذين يدعمون التطرف الصهيونى، هم أنفسهم الذين ساهموا فى اختراع داعش ودعمها فى البداية عندما كان اسمها (القاعدة)؟!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي