بناء الخطاب الديموقراطى - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 8:39 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بناء الخطاب الديموقراطى

نشر فى : الجمعة 30 مايو 2014 - 4:45 ص | آخر تحديث : الجمعة 30 مايو 2014 - 4:45 ص

إذا تمكن أنصار الديموقراطية ودعاتها فى مصر من توحيد المفهوم لديهم تجاه الديموقراطية وتخليصها من الشوائب التى علقت بها من تجارب الاستبداد المتجمل وتنقيتها من خرافات وتناقضات المدعين الموالين للاستبداد والمبشرين به، إذا اaنتهى الديموقراطيون من ذلك تبدأ مرحلة جديدة من مراحل تأسيس التيار الديموقراطى هى بناء الخطاب الذى يصل للجماهير وتفصيل وتبسيط رسائله.

•••

الخطاب السياسى الناجح هو الخطاب الذى يمكنه الوصول لأكبر قدر من الجماهير من شرائح مختلفة والتأثير فيهم عبر رسائله الواضحة والموجزة والبسيطة والمركزة وهو أيضا الخطاب الذى يرى فيه الناس أنفسهم ويرونه معبرا عنهم، ستكون رسائلنا ناجحة إذا سمع الناس ما نقوله واذا قرأوا ما نكتبه وقالوا بتلقائية هذا الكلام يعبر عنا ويمثلنا.

لن نستطيع أن نصل لهذه المرحلة إلا إذا تحلى خطابنا بالخصائص التالية :

أولا : خطاب ذو رسالة واضحة وبسيطة لا لبس فيها ولا غموض ولا تقعر وتنظير مبالغ فيه يفقد المتلقى القدرة على التواصل والاستيعاب فينفر من الرسالة وصاحبها ويشعر أن هذه الرسائل ليست له.

ثانيا : خطاب معبرعن هموم الناس وأولوياتهم ويراعى احتياجاتهم ويحترم أفكارهم وثقافتهم أيا كان مستواها، خطاب يعنى بالتدرج ولا يمارس الاستعلاء ولا يعرف الفوقية والتحليق فى الخيالات والمثاليات ويتعامل مع الجماهير التى ينقصها بعض الإدراك بكثير من التواضع.

ثالثا : خطاب صادق و صريح لا يحتمل التأويل ولا ينافق الناس لمحاولة كسب رضاهم على حساب المبادئ، فمن تكسبهم اليوم بالخداع والرمادية ستخسرهم بسهولة غدا لأن خطابك لن يصمد كثيرا مع التناقض الذى يعصف ببنيانه ويهدم أركانه ويدمر مصداقيته، لذلك سيحترم الناس من يثبت على مبدأه فى كل المواقف وإذا راجعوا خطابه فى أى فترة زمنية سيجدونه نسيجا واحدا متصلا ومتناسقا ومتسقا ومهما اختلفوا معه سيحترمون أصحابه.

رابعا : خطاب يعرف التنوع والمرونة والتوازن فلا يركز على جانب ما ويغفل جوانب أخرى، والمرونة لا تعنى الميوعة، والتنوع لا يعنى التزلف لكل شريحة بالخطاب الذى تنتظره، بل المطلوب مضمون واحد يعبر عن الكتلة الصلبة لمبادئ الديموقراطية وأهدافها مع المرونة والتنوع فى طريقة توصيل الرسالة للجماهير فما ستخاطب به المهنيين وأساتذة الجامعات لن يكون مناسبا لأصحاب الحرف والعمال وما ستخاطب به الطلاب لن يكون مناسبا لكبار السن وأرباب المعاشات لذلك فالقاعدة هنا أن المضمون واحد وشكل الرسالة يختلف من شريحة لأخرى.

خامسا : خطاب طموح لكنه قابل للتطبيق ويستطيع الناس تحديد مراحله وتصور كيفية تنفيذها معنا، الجماهير قد يجذبها الخطاب الحنجورى والحماسى للحظات ثم تنفض عن أصحابه لأنها تدرك بعد قليل عدم معقولية الخطاب، لذلك لا تعد الجماهير بما لا تستطيعه ولا تحلق بهم فى فضاءات خيالية تداعب عواطفهم وتتصادم مع عقولهم.

سادسا : خطاب يمزج بين قيم الديموقراطية الكبرى وبين احتياجات الناس الأساسية ولا يفرق بينهما، سننجح إذا ربط الناس بين حقوقهم السياسية وحقوقهم الاجتماعية، سننجح حين يدرك الناس أن الديموقراطية تعنى رغيف الخبز والرعاية الصحية والتعليم الجيد، سننجح حين يؤمن الناس أن حقوق الانسان قيمة عظمى تحميهم من الظلم وتحفظ كرامتهم، سننجح حين يدرك الناس أن الاستبداد والقمع لا يحقق الأمن بل يصنع الإرهاب وأن الأمن يأتى باحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون وتطبيقه على الجميع، لذلك فخطاب دعاة الديموقراطية سيبقى نخبويا لا يفهمه الناس إلا إذا صنع هذا الربط الواجب والذى يحتاج للتبسيط وتوضيح السلسلة التى تبدأ من قيم الديموقراطية الكبرى وتنتهى بالاحتياج الشعبى الذى تنتظره الجماهير.

سابعا : خطاب يستلهم قيم الأرض التى يعمل فيها ويحترم مرجعيات أهلها فلا يستورد لهم خطابا يتصادم مع قيمهم وأعرافهم، ولا يعنى التحديث التصادم مع قيم المجتمع أما تغيير القناعات البائدة وهز الأفكار السلبية والأعراف الخاطئة فهو درب طويل يعتمد على التدرج ونشر الوعى، ولا يعنى ذلك التطبيع مع الخرافات والجهل وموروثات الاستبداد بل مواجهتها بالحجة والمنطق وكذلك العاطفة.

ثامنا : خطاب ذو اتجاهين متوازيين فهو يبنى ويعرض رؤاه لكنه يفكك الخطابات المضادة التى تعادى الديموقراطية ويكشف تهافتها ويفضح زيفها، لكنه لا يقع فى فخ التفكيك المطلق والدائم ليغفل عن تقديم مشروعه، وكثير من الجماهير اليوم لم تعد تنتظر من يقول لها هذا سىء وهذا ردىء بل تنتظر من يقول لها هذا البديل الإيجابى الذى نقدمه إليكم.

تاسعا : خطاب يجمع بين الناس ولا يفرقهم دون ميوعة وخلط ودون تذويب للهوية وطمس لملامحها، فلا يعنى بالكم على حساب الكيف ولا تغره الجموع التى تلتف حوله وهى لم تتشرب رسالته ولم تعيها لأنها ستنقلب عليه عند أول منعطف يواجهها.

عاشرا : خطاب يمتلك شجاعة الاعتراف بالأخطاء ومراجعة الذات ولا يخجل من تصحيح الخطأ والاعتذار للجماهير إذا ابتعد عن الصواب حينا، خطاب لا ينصب أصحابه آلهة وأوثانا لا ينطقون عن الهوى ولا يعرف التبرير فى أى موقف فالناس يزداد احترامها لمن أخطأ واعتذر عن خطئه بلا كبر ولا مراوغة.

•••

هذه ملامح الخطاب المرجو لتأسيس التيار الديموقراطى فى مصر وعقب الخطاب تأتى أهمية بناء التنظيمات.

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات