بل سترون قريبًا - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 9:34 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بل سترون قريبًا

نشر فى : الأربعاء 30 يوليه 2014 - 9:30 ص | آخر تحديث : الأربعاء 30 يوليه 2014 - 9:30 ص

ماذا تقولون الآن فى أطفال غزة الذين أسقطتهم فى أول أيام عيد الفطر آلة القتل الإسرائيلية؟

ماذا تقولون الآن فى جرائم الإبادة التى ترتكب ضد الأطفال والنساء والرجال، وفى القنابل والصواريخ التى تسقط على حدائق عامة ومستشفيات ومدارس ومنازل آهلة بالسكان؟

ماذا تقولون الآن فى المعابر المغلقة فى وجه الجرحى الذين لا يجدون داخل قطاع غزة مقومات العلاج والرعاية الصحية التى قد تحول بينهم وبين الموت؟

ماذا تقولون الآن فى المقاومة الجماعية لأهل غزة للعدوان الإسرائيلى وتمسكهم برفض وقف إطلاق النار ما لم يرفع الحصار البرى والبحرى والجوى عن القطاع وتفتح المعابر كافة؟

ماذا تقولون الآن فى بدايات الانتفاضة الثالثة فى القدس والضفة الغربية، وبهما أسقطت قوات الاحتلال الإسرائيلية خلال الأيام الماضية شهداء اختلطت دماؤهم بدماء شهداء غزة وما من صوت سياسى يسمع الآن إن فى أروقة السلطة الفلسطينية أو فى سياقات أخرى إلا ويطالب بالانضمام للمحكمة الجنائية الدولية (اتفاقية روما) وتعبئة الضغط الدولى لمحاكمة مجرمى الحرب الإسرائيليين؟

ماذا تقولون الآن فى قطاعات وشرائح مختلفة داخل الإعلام الأمريكى والأوروبى لم تتورط فى الانحياز لإسرائيل وتتوازن تغطيتها الإخبإرية لتوثق جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطينى فى غزة؟

ماذا تقولون فى الإعلام المصرى الذى يواصل السقوط بمقدمى برامج تليفزيونية يمارسون التشفى بحق شهداء (هم مجرد قتلى) ومصابين (جلبت لهم حماس الوبال) أو يمتدحون آلة القتل الإسرائيلية (الإبادة ليست إلا عمليات عسكرية مشروعة) أو يصمتون عن دماء الأطفال والنساء والرجال؟ ماذا تقولون فى كتاب وصحفيين يروجون لمقولات شعبوية من شاكلة «قيادات حماس فى فنادق قطر والناس فى غزة يدفعون ثمن تآمرهم على مصر وتبعيتهم لتركيا وقطر» ويسوقون للرأى العام فى مصر وهم أن «المصلحة الوطنية» تقتضى استمرار إغلاق معبر رفح وليس فتحه وتنظيمه بسيادة مصرية كاملة وبمراقبة مصرية خالصة وتقتضى أيضا معاداة حماس وليس التمييز بينها كحركة من حركات المقاومة الفلسطينية التى يبقيها حية فعل المقاومة ورغبة الفلسطينيين الجماعية فى ممارسة حق التقرير المصير بغض النظر عن الحسابات السياسية؟

ماذا تقولون فى النخب الرسمية والسياسية والحزبية المصرية التى تضرب عرض الحائط بحقيقة أن مصر لم تحارب حروبها فى النصف الثانى من القرن العشرين من أجل فلسطين وحسب، بل من أجل الأمن القومى المصرى ومن أجل استعادة الأرض المصرية بعد ١٩٦٧؟ ماذا تقولون فى خطاب رسمى يوظف استشهاد أبطال مصريين فى حروب النصف الثانى من القرن العشرين لتبرير حالة اللافعل بشأن العدوان الإسرائيلى على غزة اليوم وتمرير مشاركة مصر فى حصار غزة عبر معبر رفح وسيادة مصر تمكن من فتحه وتنظيمه ومنع تحوله إلى مصدر لتهديدات أمنية؟ ماذا تقولون فى خطاب رسمى وسياسى وحزبى يصطنع التعارض بين المصلحة الوطنية المصرية وبين التضامن مع فلسطين على نحو مباشر (لا شأن لنا بفلسطين أو بغزة) أو على نحو غير مباشر بتجريم المقاومة وبث خطاب كراهية فلسطين بادعاءات الفنادق والتبعية لأجندات تركية وقطرية؟

ماذا تقولون فى كل ذلك؟ ألا ترون التناقض الواضح بينه وبين مصر التى تبحثون عنها؟ ألا ترون التخلى الكارثى عن جميع قيم الإنسانية وقيم التضامن مع المظلوم وفى مواجهة الإبادة والجرائم التى يتعرض لها الأطفال والنساء والرجال؟ ألا تدركون أن مصر المواطن والمجتمع والدولة تختزل إلى إعلام غير رشيد ونخب سياسية وحزبية تروج إما للفاشية أو للشعبوية وتغتال قيم الحق والحرية ومنظومة حكم / سلطة تميت السياسة؟ ألا ترون الخط المستقيم الذى يصل بين الصمت عن دماء فض الاعتصامات وانتهاكات الحقوق والحريات فى مصر وبين تجاهل دماء الفلسطينيين أو الصمت عنها أو اصطناع التعارض بين فلسطين والمصلحة الوطنية لمصر أو الترويج لتجريم المقاومة الفلسطينية إن بمقولات الفنادق والأجندات أو بادعاء غير موضوعى بأنها تريد الحرب الأبدية ضد إسرائيل؟

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات