غربة الثوار.. رسالة من ثائرة - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:36 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

غربة الثوار.. رسالة من ثائرة

نشر فى : الجمعة 30 أغسطس 2013 - 9:10 ص | آخر تحديث : الجمعة 30 أغسطس 2013 - 9:10 ص

«بدأت الثورة غريبة وستعود غريبة فطوبى للغرباء!!».

قالتها لى ودموعها تبلل وجنتيها، وهى من فتيات مصر المخلصات اللاتى كنّ فى أوائل صفوف الثوار الذين حملوا أرواحهم على أيديهم ونزلوا ضد نظام مبارك فى 25 يناير فى زمن الخوف والقمع ودفع الثمن الباهظ للجهر بالحق، قالت لى: أشعر بحزن بالغ واغتراب شديد عن كل ما حولى، أشياء كثيرة تتكسر حولى وأشخاص يسقطون لم أتوقع سقوطهم، لا أستطيع استيعاب ما يحدث، كم التناقض والازدواجية، انتحار القيم والمبادىء والثوابت، الحق تلوث بالباطل لم أعد أدرى أين أتحسس طريقى، أشعر بموجة جنون جماعى وفقدان للاتجاه.

كثيرون ممن كانوا يرافقوننى فى صفوف الثورة والتظاهر دفاعًا عن الثورة فى الفترة الانتقالية صاروا يبررون كل ما ليس له علاقة بالثورة ويختلقون أعذارا ومبررات لما يحدث، دائما تتردد أمامى مقولة عبد الرحمن الكواكبى: «الاستبداد يقلب الحقائق فى الأذهان، فيسوق الناس إلى اعتقاد أن طالب الحق فاجر، وتارك حقه مُطيع، والمُشتكى المُتظلم مُفسِد، والنبيه المُدقق مُلحد، والخامل المسكين صالح،

و يُصبح - كذلك - النُّصْح فضولاً، والغيرة عداوة، والشهامة عتوّا، والحميّة حماقة، والرحمة مرضا، كما يعتبر أن النفاق سياسة والتحيل كياسة والدنائة لُطْف والنذالة دماثة»

•••

لم أتخيل حين أدين اعتقال نساء من بيوتهن فى جنح الظلام أن يقولوا لى أنت تدافعين عن الارهابيين وأنت خلية نائمة وطابور خامس وكل هذه القوالب المبتذلة التى يرهبون بها الناس للسكوت عن قول الحق، حين صفع أحد أنصار الاخوان فتاة على وجهها فى احداث المقطم انتفضنا جميعا وقلنا نساء مصر خط أحمر وحين نزعوا عن ست البنات ملابسها وسحلوها خرجت حرائر مصر فى مظاهرات حاشدة وكنتم معنا كرجال وصرخت قلوبنا وحناجرنا نساء مصر خط أحمر! هل من تم اعتقالهن من النساء والبنات الآن مستباحا لأنهن ينتمين إلى فصيل نكرهه ونناصبه العداء بسبب أفعاله المجرمة ضد المصريين؟ هل تتجزأ المبادىء؟ هل انتحرت الرجولة والمروءة والشهامة والشرف؟

إن انحيازى ليس لجماعة ولا لإرهابيين حملوا السلاح وإنما انحيازى للإنسان وكرامته وحقوقه حتى إذا أجرم فهناك قانون يحاسبه.

إن سكوتى اليوم عما يحدث يعنى أنه سيحدث فى شخصى غدا حين أعارض أى نظام حاكم، سيشدوننى من شعرى ويسحلوننى ويعتقلوننى من وسط أهلى وستسكتون حينها وتبحثون عن أى مبررات لتقتلوا صوت الضمير بداخلكم.

تقولون إن الحريات تتعارض مع الأمن القومى وأن سحق الحريات الآن حماية للدولة من السقوط ولكنكم لا تدركون أن سحق الانسان وانتهاك الحقوق والحريات هو بداية انهيار أى دولة وأن عقارب الساعة لا تعود للوراء، فما تعتبرونه اليوم اجراءات استثنائية سيصير غدا هو الأصل، حين شكوت لصديقى الحقوقى مدير أحد المراكز الحقوقية المعروفة قال لى: اصمتى فالموجة عالية ولن نستطيع مواجهتها لقد عدنا إلى ممارسات ما قبل الثورة! سألته لماذا لا تخرج للناس وتقول هذا؟ أجابنى: لن يسمع لى أحد فغالبية الشعب صارت تؤيد هذا وتراه دفاعا عنها وعن أمنها!

قلت له: لا بد على النخبة أن تظهر وتتحدى الخوف وتسبح ضد التيار لأن الناس اليوم تتحرك بتأثير عاطفة شحن وحشد اعلامى غير نزيه يمارس الاكاذيب ويمهد لصناعة دولة الاستبداد وسيبكى هذا الشعب قريبا حين يعرف ما الذى مضى إليه بإرادته!

قال لى: لن نفرض الوصاية على الناس دعهم يختارون لمستقبلهم ما يريدون!

•••

يا الله إننى أبغض جماعة الاخوان بغضا بلا حدود، إنهم السبب الرئيسى لما يحدث لمصر وانتكاس الثورة بعد أن بحثوا عن مصالح تنظيمهم وعادوا الثوار ثم سقطوا بكل غباء وحمق ليفتحوا الباب لصناع الاستبداد بركوب المشهد والتغنى بالوطنية وحماية الدولة والأمن القومى بينما هم يرسمون مشهدا بائسا لمستقبل لمصر يتم الاجهاز فيه على مكتسبات ثورة 25 يناير لتعود دولة الخوف وجمهورية الصمت.

لقد بكيت من قلبى على كل دماء سالت لمصريين ضباطا وجنودا يدافعون عنا، وبكيت على مدنيين أبرياء ساروا وراء قيادات جماعة حمقاء قرروا أن يصنعوا محنة يعلو بها نجمهم ويجددون بها شرعيتهم على حساب طابور من الجثث المحترقة لضحايا ظنوا أن هذه معركة الدين ضد الكفر وصدقوا أن هؤلاء الفشلة يقودون معركة الثورة الحقيقية بينما هم يقاتلون من أجل تنظيم مهترىء وفكرة مشوهة.

يا صديقى إن أكبر مؤسسة صحفية قومية فى مصر سمحت لبعض السفلة بوصف ثورة 25 يناير فى أحد مواقعها بأنها نكسة صنعها مرتزقة! هل تصدق أننا الذين خضنا معركة تحرير كرامة وطن وخاطرنا بأرواحنا من أجل هؤلاء نوصف اليوم بالمرتزقة؟

•••

لقد غضبت من موقف وائل غنيم أحد رموز ثورتنا وصديقنا الذى قرر الصمت والبعد عن المشهد منذ فترة طويلة ولكننى اليوم أتفهمه وأدعوه للعودة وأدعوك أنت وكل رفاقنا الثوار الأوائل للعودة بقوة لأننا سنبدأ من جديد دفاعا عن الديموقراطية ودفاعا عن أحلام رفاقنا الشهداء الذين دفعوا دماءهم ثمنا للحرية والكرامة التى تغتال الآن.

هبتنا ليست لإنقاذ جماعة ساقطة أجرمت فى حق مصر والثورة وتستحق السقوط، وليست معاداة لمؤسساتنا الوطنية ولكنها إنقاذ للانسان والحرية والكرامة وأهداف الثورة التى يتم الاجهاز عليها ووصفها بالنكسة والمؤامرة.

اثبتوا فهنا يُعرف الرجال وتتمايز المبادىء ويعلو الانسان.

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات