برّه البلد - منى أبو النصر - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:16 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

برّه البلد

نشر فى : الثلاثاء 30 سبتمبر 2014 - 9:30 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 30 سبتمبر 2014 - 9:30 ص

كان صوت السيدة مرتفعًا بالدرجة التى فصّل فيها رواد المتجر رسالتها للمتصل بها عبر الهاتف " أنا بّره البلد..مش هقدر آجي" ..عبارة أتبعتها بثوانٍ بأخرى توضيحية "لأ..أنا سبت المهندسين من ساعة..أنا في أكتوبر جنب البيت خلاص".

تعبير هذه السيدة "الأربعينية" الراقية لا تبتعد كثيرًا عن آخر ظل يستخدمه "نجار" من قاطنى أكتوبر، كان يتذرع طوال الوقت بعدم استطاعته تصليح باب عالق في منزلنا يوم الجمعة، المناسب لنا بطبيعة الحال، لأنه على حد تعبيره "بينزل البلد"، ونزول البلد حسب قاموس مفردات أهل أكتوبر أى: يعبر المحور المركزي في اتجاه وسط المدينة. رحلة العبور اليومية عن طريق المحور المركزي، رحلة يشترك في مُعانتها قاطنو مدينة 6 أكتوبر والعاملون بضواحيها، رحلة يحفظون تضاريسها جيدًا، وقبل ذلك أسرارها الزمنية، فيعلم أهل أكتوبر جيدًا أنهم إذا كانوا مرتبطين بمشوار ما في "البلد" في الساعة السابعة، فلابد لهم مغادرة الأراضي "الأكتوبرية" قبل الساعة الرابعة، حيث إن كل دقيقة تمر بعد هذا التوقيت وحتى السابعة مساء، بمثابة "الورطة" الكبرى التي غالبًا ستودي أولاً بحياة مواعيدهم في "البلد" .

قوانين المحور يحفظها أهل أكتوبر جيدًا، لا تفريق في ذلك من ملاكي ونقل، أما تطبيق القانون فهو كشأن كل أمر في البلد، يرتبط أولا بالانضباط الأمني، فرغم أن اعتلاء سيارات النقل للمحور أمر ممنوع تمامًا، فإن سائقيها كانوا يطيحون بالقانون من أعلى المحور، ويزاحمون السيارات الملاكي والأجرة عليه، الأمر الذي انضبط خلال الأشهر الأخيرة بسبب الكمائن الأمنية المكثفة، التي هدأت كثيرًا من روع رواد المحور، الذين كان يهرب كثير منهم للمحور هربًا من الطريق الدائري المكتظ بسيارات النقل. بالنسبة لكثير من سكان أكتوبر فإنه لولا التزامات العمل وزيارات الأهل، ربما فكروا كثيرًا جدًا في مغادرة أكتوبر، إشفاقًا من طول المسافة والزحام الشديد، وكذلك توفر السلع والخدمات بشكل جيد داخل المدينة، حتى إن استقلال المدينة كمحافظة في حد ذاتها أو تبعيتها لمحافظة الجيزة ،كما هو الحال الآن، لم يشغل كثيرًا بال قاطنيها ،الذين يشعرون حقيقة بالاستقلال، ويحسبون مليًّا خطوات الاقتراب من المدينة الصاخبة. انتقلت للعيش في مدينة 6 أكتوبر قبل نحو 5 سنوات، وكانت خطوة أتحسب كثيرًا لعواقبها، ولا زلت أتذكر كل يوم عبارة الزميل هيثم خيري، المسؤول عن قسم التحقيقات بجريدة الشروق، الذي يشاركني الطريق نفسه كل يوم في اتجاهه للشيخ زايد، عبارة أراد بها صد هواجسي حيال المشوار الجديد " أنا ممتن للطريق الطويل ده رغم تعبه، لأنه على الأقل بيخلصني من الطاقة السلبية بتاعة اليوم كله.. بتخلص مع المسافة".

منى أبو النصر صحفية مصرية
التعليقات