الآن نغزوهم ولا يغزونا - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الآن نغزوهم ولا يغزونا

نشر فى : الجمعة 30 نوفمبر 2012 - 8:25 ص | آخر تحديث : الجمعة 30 نوفمبر 2012 - 8:25 ص

عقب انتهاء غزوة الخندق قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين أجلى الله الأحزاب عن المدينة‏:‏ ‏«‏الآن نغزوهم، ولا يغزونا، نحن نسير إليهم» وكان يقصد أن المسلمين اليوم سيبدأون بالهجوم والذهاب لأعدائهم ولن ينتظروا أن يأتى اليهم الأعداء فى دارهم للهجوم عليهم.

 

 

على أحد صفحات الانترنت كتبها شاب متحمس عقب استشهاد اسلام مسعود ضحية دمنهور، تلخص هذه الجملة وهذا التشبيه حجم المأساة التى وصلنا اليها وتنذر بالخطر الشديد، كتب لى شاب جامعى ينتمى للإخوان قائلا: أنا على استعداد للموت فى سبيل الله لمواجهة هؤلاء الفلول والعلمانيين أتباع أمريكا واسرائيل الذين يريدون اسقاط أول رئيس اسلامى لمصر بسبب كرههم للاسلام، هم حاقدون على الاسلام ودعاته ولا يعنيهم مصلحة الوطن فهم يطلبون تدخل أمريكا والغرب ويفضلون حكم العسكر عن حكم اسلاميين جاءوا عبر صناديق الانتخابات،  منذ رحيل مبارك وهذه النخبة العلمانية لا تفعل شيئا سوى الهجوم علينا مهما كان فعلنا حسنا أم سيئا ولن يرضوا عنا أبدا وحانت لحظة المفاصلة لن يكسرنا هؤلاء لقد كنا نتمنى أن نموت فى الجهاد فى فلسطين ولكن يبدو أننا سنموت شهداء على أرض مصر من أجل حماية الثورة والمشروع الاسلامى.

 

وعلى الجانب الآخر كتب شاب من معارضى الاخوان: لقد خان الاخوان الثورة وتحالفوا مع العسكر ضد الثوار حتى استطاعوا القفز على السلطة واجهاض الثورة وها هم يتاجرون بالثورة لتبرير الاستبداد، لقد بدأنا هذه الثورة وسقط منا شهداء ولم نخش مبارك ولن نخشى مرسى وجماعته وسنكمل الثورة باسقاط الاستبداد ونحن نريد الموت كما يريدون هم الحياة، سنلحق بزملائنا شهداء من أجل اكمال الثورة ولا يهمنا هل سيقتلنا الإخوان أم داخلية مبارك سنقول لهم كما يقولون الموت فى سبيل الثورة أسمى أمانينا.

 

 

 

من هذه الروح التى تبرزها هذه الكلمات يلوح لنا حجم الخطر الذى وصلنا اليه بعد عامين من حالة الاستقطاب والاحتقان السياسى والتخوين المتبادل، الروح الثأرية التى تسيطر على نفوس الشباب من الطرفين تنذر بأنهار دم ستسيل لتغرق الوطن،  نخشى من لحظة يفقد فيها الرموز والكبار السيطرة على شباب تياراتهم ليصبح العنف والعنف المضاد واقعا تشهده مصر.

 

لم نتخيل للحظة أثناء أيام الثورة أن يتحول من ترافقوا فى ميدان التحرير الى أعداء ينذر كل طرف منهم الآخر باستعداده للموت فى سبيل ما يؤمن به ويرى أن الآخر يقف أمامه، هل أدرك الساسة اليوم ما فعله التناحر والصراع بالوطن؟

 

مشاهد صاخبة ومعارك جانبية يتم جرنا اليها بينما تكمن المشكلة الأساسية للوطن فى غياب التوافق وانعدام الثقة بين تياراته السياسية، الصراع يبدو لرجل الشارع البسيط الآن صراعا على سلطة وما تبقى من فتات الوطن، ويحاول آخرون تصوير الصراع على أنه صراع بين اسلاميين وعلمانيين على هوية مصر ولكن الحقيقة أن المعركة الآن ليست بين اسلاميين وعلمانيين بل بين أنصار الديمقراطية وأعداء الديمقراطية الذين يريدون تفصيل نموذج مشوه للديمقراطية لذلك يجب منعهم من خرق سفينة الديمقراطية الوليدة.

 

لا يمكن أن نقبل بعد هذه الثورة وتضحياتها بجنين مشوه تتقاذفه أهواء فصائل سياسية لم تنضج بعد ديمقراطيا وتريد فرض رؤيتها، ان الرضا بقليل الاستبداد والتعايش معه يرسخ للاستبداد الدائم ولن يسامح التاريخ أحدا فينا يرتضى تبرير الاستبداد ولو كان مؤقتا كما يدعون.

 

إن مشكلتنا مع مسودات الدستور المتعاقبة (وهى قضية أساسية) ليست فى قضية الشريعة التى نقر جميعا بمرجعيتها، ولكن مع المواد الهيكلية التى لم تغير من بنية الدولة السلطوية والتى ترسخ ما رفضناه قبل ذلك فى وثيقة السلمى التى يحاولون تمريرها هى ومواد أخرى عبر افتعال مشكلة الشريعة.

 

 

 

   اعتراضنا على مصادرة الرئيس للقضاء ليس نصرة للقضاة كأشخاص بل انحياز للمبادئ وأبسط قواعد الديمقراطية التى تقرر الفصل بين السلطات، ومهما كانت المبررات الواهية التى يرددها المدافعون عما فعله الرئيس فلا تصالح فى المبادئ، من الهزل أن يخرج بعضهم ألسنتهم لنا ويقولون فلنستفتى الشعب على الاعلان الدستورى.

 

  الحريات لا يستفتى عليها فهى حق أصيل للشعوب، لا يمكن أن يطالبنا شخص باختيار اهدار حرياتنا وتقييدها ومنحها لنفسه، هذا ازدراء للانسانية.

 

يجب أن يتفحص الرئيس والاخوان فى الوجوه الثائرة التى نزلت يوم الثلاثاء الماضى وأن تتوقف الدعاية البلهاء بادعاء أن كل هؤلاء فلول،  هذه الشرائح الاجتماعية التى ثارت وتظاهرت فى هذا اليوم التاريخى تمثل جرس انذار لانها تمثل الكتلة النوعية الحرجة التى بدأت الثورة وتستطيع خلخلة أى نظام حاكم،  أنت تفقد كل مؤيديك وكل المعتدلين من القوى السياسية الذين ساندوك فى انتخابات الاعادة، لن تستطيع حكم مصر بتأييد الاخوان والسلفيين فقط، شرعيتك اليوم فى خطر إذا أكملت فى العناد واذا استجبت لضغط الداخل الاخوانى التنظيمى الذى نعلم أنه يضغط عليك ضغوطا شديدة لعدم التراجع، ستخسر ويخسر الاخوان ويخسر الوطن.

 

لا نريد لبننة مصر وتقسيمها لطوائف متناحرة بسبب الاختلاف السياسى مصر لا تحتمل ذلك، أصلحوا ما أفسدتم، جمعوا ولا تفرقوا، ألفوا بين القلوب ولا تزيدوا الغل والكراهية والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد، وحدة الأمة فرض عين، راجعوا أنفسكم ولا تعتقدوا بصوابكم المطلق، الكل أخطأ ومن شيم الكبار العودة للحق ولا ينقص ذلك من قدرهم شيئا، الوطن قبل ذواتنا وجماعاتنا وأحزابنا ومصالحنا فمدوا أيديكم للوطن وليس للجماعة.

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات