الإرهاب فى بعده المغاربى - امال قرامى - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 11:17 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإرهاب فى بعده المغاربى

نشر فى : الإثنين 30 نوفمبر 2015 - 11:20 م | آخر تحديث : الإثنين 30 نوفمبر 2015 - 11:20 م
يُنظر إلى العمليات الإرهابية التونسية على أنها تستند فى الغالب، إلى تنسيق ثنائى بين التونسيين والليبيين أو بين التونسيين والجزائريين. بيد أن المعلومات الجديدة تؤكد أن المغاربة باتوا أكثر تحمسا لتنفيذ العمليات الإرهابية، ومعنى هذا أن الفئات التى وحدتها الأيديولوجيا الجهادية لن تنفك عن مؤازرة بعضها البعض، وهو أمر مفهوم باعتبار أن تقديم العون اللوجستيكى والمادى وتبادل الخبرات والمعلومات وغيرها من الخدمات يتنزل فى إطار التضامن بين الأخوة المجاهدين. وهذا التنسيق الذى تضاعف نسقه فى السنوات الأخيرة، مخبر عن تأطير محكم لشبان جمعتهم عقيدة واحدة وحلم مشترك: إقامة عدد من الإمارات الموالية لتنظيم داعش فى الفضاء المغاربى. وهذا المعطى بات يفرض علينا تغيير بؤرة التحديق إذ ما عاد ممكنا الاكتفاء بتحليل الوضع التونسى فحسب وإنما صار من الضرورى تناول الظاهرة الإرهابية فى بعدها المغاربى والتنسيق لا بين الأجهزة الأمنية فقط بل بين الدارسين. 
إننا نحتاج إلى إجراء الإحصائيات المشتركة والدراسات الميدانية المقارنية حتى نفهم التحولات الطارئة على مستوى السلوك والتدبير والتحرك.. لأن ما يجرى فى المغرب من تحركات يثبت أننا إزاء وضع جديد ترنو فيه الجماعات الإرهابية إلى إقامة هذه الإمارات التى بإمكانها أن توفر الملجأ الآمن للعناصر الفارة من بلاد الشام.
وما يسترعى الانتباه فى هذا الحراك الإقليمى هو أنه جاء نتيجة معبرة عن التطور الحاصل لدى تنظيم داعش فهو قد فكر منذ أشهر، فى البدائل واستعد لكل الاحتمالات ووزع الأمراء وهيأهم لاتخاذ المبادرات، ورسم الخطط المستقبلية، التى تضمن له استبدال التمركز فى بلاد الشام بتحرك فى مناطق جغرافية متعددة. ففى المغرب مثلاً عرض التنظيم الإمارة على شيخ التيار السلفى الجهادى عمر الحدوشى بل إنه طلب منه أن يكون المفتى الشرعى للتنظيم.
***
ولئن ألحقت الضربات العسكرية الأخيرة أضرارا بتنظيم داعش فإن ذلك لم يمنعه من كسب معركة إعلامية أخرى. فما يجرى على الشبكة العنكبوتية يثبت أن التنظيم بات يعتمد وسائل التواصل الاجتماعى المختلفة لتحقيق نصر آخر حتى إن أجهزة الرقابة العالمية ما عادت قادرة على إحكام السيطرة على المشهد التواصلى وغلق كل حسابات الإرهابيين. فالمسألة هى بمثابة لعبة يستمتع بها أبناء التنظيم وكلما أغلقت فرق مكافحة الإرهاب حسابا فتح التنظيم حسابا آخر بإضافة حرف أو رقم وهكذا يعود صاحب الحساب إلى نشاطه السابق فيتواصل ويستقطب عناصر جديدة.
أما انعكاسات هذا التحكم فى مواقع التواصل الاجتماعى فقد باتت جلية على مستوى استقطاب المغاربة إذ سرعان ما تضاعف عدد الشبان المنتمين أو المتعاطفين أو المعجبين بالتنظيم خلال الأشهر الأخيرة. وليس عزم الإرهابيين فى تونس والمغرب على مضاعفة العمليات الإرهابية فى الأسابيع الأخيرة إلا علامة دالة على وجود تنسيق مشترك وخطة هى بصدد التنفيذ.
ولئن تمكنت قوات الأمن فى كل من تونس والمغرب من استباق الأحداث الإرهابية وتفكيك الخلايا إلا أن هذا النجاح النسبى لا يمنعنا من الإقرار بأن المنطقة المغاربية ستعيش فى القادم من الشهور على وقع تهديدات جدية وعمليات نوعية، وهو ما يستدعى فى اعتقادنا مزيدا من التمحيص فى الأسباب التى تجعل المغاربة يتصدرون قائمة المنضمين أخيرا إلى داعش فحسب تقرير المعهد الملكى الإسبانى «الكانو» بلغ عدد المغاربة 60 بالمائة من مجموع المنتمين أخيرا إلى داعش.
إن المتخصصين فى الدراسات الأمنية والاجتماعية والنفسية وغيرها مطالبون اليوم بتناول الظاهرة الإرهابية فى بعدها المغاربى ووفق التحركات الإقليمية خاصة الإفريقية. فليس من قبيل الصدفة أن يستهدف تنظيم داعش شبانا مغاربة من شرائح عمرية متقاربة ومن الجنسين فى حين أن عمليات استقطاب الخليجيين قامت على استهداف الكهول والكهلات. وليس من قبيل الصدفة أيضا أن يدرب التنظيم المغاربة على تولى المناصب القيادية فى حين أنه استثنى فى الغالب، الخليجيين من القيادة.. معطيات عديدة أخرى تقتضى منا أن نجمع المؤتلف ونفكك الملتبس علنا ننجح فى فهم ما يجرى والاستعداد لما سيأتى.
التعليقات