نتفوق على الصين فى الإنجاب وليس الإنتاج! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:05 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نتفوق على الصين فى الإنجاب وليس الإنتاج!

نشر فى : الخميس 31 مارس 2016 - 9:50 م | آخر تحديث : الخميس 31 مارس 2016 - 9:50 م
قبل أيام ذهبت إلى حى العمرانية بالجيزة لحضور عقد قران أحد أبناء أصدقائى.

الفرح أقيم فى الشارع الذى يسكن فيه العريس، الأجواء كانت شعبية بامتياز، من أول شهامة أولاد البلد إلى أغنية «آه لو لعبت يا زهر»، التى نسمعها الآن فى كل مكان.. من المقاهى والكافيتريات إلى التكاتك والأفراح.

لم أذهب إلى هذا المكان منذ سنوات، ولذلك فوجئت بأن المكان صار مزدحما بصورة يصعب تخيلها.

عمارات وأبراج مرتفعة جدا، وشوارع ضيقة والسيارات والتكاتك تحاصرك فى كل مكان، والخصوصية منعدمة والناس يكادون يلتصقون معا، من فرط كثرتهم.

أى مراقب بسيط للزحام فى القاهرة الكبرى لابد أن يسأل نفسه وغيره سؤالا بديهيا وهو: إلى متى ستتحمل القاهرة هذا الزحام الرهيب؟!

بكل الحسابات المنطقية والعقلية فإن قدرة القاهرة الكبرى على تحمل سكانها تقل يوما بعد يوم.

جرب أن تقف فى إشارة صلاح سالم أمام الجهاز المركزى للمحاسبات، وجرب ان تنظر إلى «عداد السكان» الذى يسجل عدد المواليد، وستكتشف أن هناك مولودا جديدا فى مصر كل ١٥ ثانية أى ٢.٦ مليون مواطن كل عام، فى حين يموت نصف مليون شخص سنويا.

فى ٤ ديسمبر الماضى بلغنا ٩٠ مليون نسمة، وبينما يمثل الصعيد ٢٥٪ من السكان فإنه يستحوذ على ٤٢٪ من المواليد. وكشفت دراسة أجراها الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة فى ٣ يناير الماضى ــ بإشراف رئيسه اللواء أبوبكر الجندى ــ عن أن استمرار هذا المعدل سيقفز بعدد السكان إلى ١٢٥ مليون نسمة عام ٢٠٣١ بزيادة قدرها ٣٨ مليونا خلال ١٧ عاما فقط.

من يتأمل هذه الأرقام وتفاصيلها قد يصاب بذبحة أو سكتة قلبية أو دماغية أو «بشلل ثمانى وليس رباعيا».

سيقول البعض إن الله سيرزقنا فى كل الأحوال، وإن «الخلفة عزوة». نعم الله يرزق الجميع، لكنه يرزق الكافر المجتهد، قبل المؤمن الكسول. والدين يدعونا دائما إلى الأخذ بالأسباب، وحديث الرسول «صلى الله عليه وسلم» واضح وهو «اعقلها وتوكل».

وسيقول البعض الآخر إن زيادة السكان ليست عبئا دائما، وهناك بلدان مثل الصين والهند حققت تنمية اقتصادية ممتازة فى ظل هذا العدد الضخم من السكان.

والرد على هؤلاء بسيط وهو أن الصين تطبق بقسوة وصرامة سياسة «الابن الواحد للأسرة». والأهم أنها نجحت هى والهند فى تطبيق سياسات اقتصادية قادت إلى عملية نمو غير مسبوقة عالميا، والأهم ان النمو فى مصر اربعة اضعاف نظيره فى الصين ،ليس فى الإنتاج ولكن فى الإنجاب!.

«حكاية العزوة» ثبت أنها كارثية ما لم تكن فى إطار سياسة حكومية واضحة وممتدة، فلا يعقل أن يكون متوسط عدد الأسرة ما بين أربعة إلى خمسة أبناء، فى حين أن دخل الأب والأم لا يكفى لتعليم ورعاية طفل واحد بصورة كافية.

عدد الأولاد ينبغى أن يرتبط بالقدرة الشخصية والقدرة العامة للفرد والدولة، بمعنى انه يجب ان يسأل كل شخص نفسه: اذا انجبت طفلا، هل سأكون قادرا على تعليمه جيدا، وهل سيحصل على رعاية صحية فعلية، وإذا تخرج فى المعهد أو الجامعة هل سيجد فرصة عمل حقيقية؟!.

كل هذه أسئلة لا يفكر فيها غالبية المصريين، وعجزت الحكومات المتعاقبة عن وضع سياسة فعلية أولا لتقليل عدد المواليد وتنظيم الأسرة، أو اتخاذ سياسات اقتصادية واجتماعية تستوعب هذا العدد الضخم من السكان عبر مشروعات إنتاجية واستثمارية ضخمة.

العدد الكبير من السكان نعمة إذا استطعنا الخروج من الوادى الضيق إلى الصحراء الرحبة، ونقمة إذا ظللنا على سياستنا الحالية.

٢.٦ مليون مواطن جديد كل عام، يعنى أنه يضاف إلى مصر ما يساوى سكان دولة من دول المنطقة، هؤلاء يريدون كهرباء وغازا ومياها وسلعا غذائية وتعليما وصحة ونقلا وخدمات أخرى متنوعة.

إذا لم نسارع لحل هذه المشكلة.. فالانفجار قادم لا محالة حتى لو تأخر قليلا.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي