للحكاية البسيطة .. أكثر من معنى - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 2:10 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

للحكاية البسيطة .. أكثر من معنى

نشر فى : الأحد 31 أغسطس 2014 - 7:20 ص | آخر تحديث : الأحد 31 أغسطس 2014 - 12:39 م

بصراحة، أسعدنى انتصار «صافيناز» على وزيرة القوى العاملة، ليس لأنى من المغرمين بالرقص الشرقى، ولا بسبب ضغينة أو ضيق بالدكتورة ناهد العشرى.. لكن، لأن القضية أصلا، لا تتجاوز حجم رأس الدبوس، انتفخت كالبالونة الملونة، وتضخمت، وتداولتها الصحافة، واحتفلت بها برامج الشاشة الصغيرة، وتحدث عنها أصحاب أسماء مرموقة، مثل تامر أمين، خيرى رمضان، خالد صلاح، وغيرهم.. ثم انتهت البالونة بما تستحقه من انفجار صوتى، تلاشى سريعا.

وقائع المسألة قد لا تستحق التوقف، لكن دلالاتها ومعانيها جديرة بالرصد والتأمل، لها عدة أطراف: «صافيناز»، الأرمينية، التى قد تكون راقصة شرقية جيدة، لكن لا علاقة لها بفن التمثيل، فلا هى تحية كاريوكا أو فريدة فهمى.. إنها، بالكاد، تقدم فقرة فى الفيلم، غالبا، فى مشهد طويل لفرح، من دون سماع صوتها أو رؤية أى انفعال على وجهها، المبتسم دائما، لزوم الرقص.

الطرف الثانى: الدكتورة، المسند لها وزارة ذات شأن كبير، وتاريخ يبدأ من العام 1930، حيث أصدر رئيس الوزراء، قرارا بإنشاء «مكتب العمل» الذى تطور، واتسعت مسئولياته إلى أن أصبح وزارة مستقلة، بقرار جمهورى عام 1962، منوط بها «رعاية القوى العاملة» و«تنظيم الوسائل المؤدية إلى توفير الاستقرار فى علاقات العمل» فضلا عن أهداف أخرى مهمة ومجدية.

جاءت الوزيرة فى ظروف صعبة: مئات المصانع بيعت أو أغلقت، شركات أفلست، مؤسسات تتداعى وتوشك على الانهيار، مطالب عمالية، ملحة ومتوالية.. قبلها أسندت الوزارة لرجل جاء من صفوف العمال، كمال أبوعيطة، طرح فكرة كادت تتحول إلى مشروع، تنص على تدخل البنوك، لانتشال المصانع والشركات المتعثرة، على أن تشارك فى إدارتها.. وبصرف النظر عن تقييم الرجل، تبجيله أو الإقلال من شأنه، تكتسب فكرته فى حد ذاتها، قيمة بناءة وملحة، تستقل عنه، تحتاج، بحكم الضرورة لمن يتابعها، ويعمل على تنفيذها.

تمنيت أن تسير الوزيرة خطوات فى تشغيل المتوقف من المؤسسات، وبدلا من أن نقرأ أخبارا مبهجة فى صفحة الصناعة، طالعتنا صفحات الحوادث والفن بحواديت مسلية عن إنجاز وزارة القوى العاملة فى مجال الإمساك بتلابيب «صافيناز» وهى خفيفة وشفافة ـ والإبلاغ عنها، لترحيلها من البلاد، لأنها لم تحصل على تصريح عمل، فى حوارها مع خالد صلاح، وضحت الدكتورة ناهد العشرى، بكياسة وتهذيب، أنها ليست ضد «صافيناز» ولكنها تطبق القانون، وتحافظ على «الأيدى العاملة» المصرية من ناحية، كما تحافظ على الحقوق المادية للخزانة المصرية من ناحية أخرى، فالمفروض أن تدفع «صافيناز» مبلغ ثلاثة آلاف جنيه، نظير تصريح العمل.. ولم يفت خالد صلاح أن يهتف ضاحكا «الغازية لازم ترحل» فى تحية مستترة لفيلم «البوسطجى» الذى أخرجه حسين كمال 1968.

وبينما تحفظ خيرى رمضان على طريقة وأسلوب محاولة ترحيل الراقصة، متسائلا عن سبب المحاولة التى تأتى بعد ثلاث سنوات من عمل «صافيناز» من دون ترخيص. شن تامر أمين، فى عدة حلقات، هجوما على الشغوفين بمتابعة رقصات الوافدة، وهم بالملايين، ولم يفته أن يتحدث لها، أمام الكاميرا، كما لو أنه صاحب مصر، قائلا، بلهجة سلطوية، هادئة، حاسمة: لو كنتى اتعلقتى بمصر، روحى أرمينيا، وابعتى لنا جواب، ماستجات، خلينا على موبيلات، اعملى اللى انتى عايزاه بس من بلادكو.

بعيدا عن الانغماس سرا فيما نهاجمه علنا، أصبح لهذه الراقصة جمهور واسع، غالبا، تضاعف إعجابا بقوة حيلتها، فهاهى، فى خطوة شطرنج بالغة الذكاء، تعلن الرباط المقدس بمصرى، وبالتالى من حقها البقاء فى البلاد.. تضاربت الأقوال، أخبار فى الصحف زعمت أنها تزوجت الماكيير، وأخبار أخرى أكدت أنها اقترنت بضابط إيقاع.. أيا كان الأمر، فإن الحكاية كلها، بتعدد أطرافها، تكشف الكثير من الأمور.. فقط لمن يفكر فيها.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات